الذوق السياسي العربي في الانتخابات العراقية
|
وليد سليم
جديرة هي الاهتمام بها الانتخابات العراقية للبرلمان القادم من قبل الدول العربية فمن المؤكد لها الدور الكبير والتأثير الكامل على مجمل النظام السياسي العربي الذي يعاني حالة من الجفاف السياسي نتيجة اقتصار آلية الحكم على أشخاص أو أفراد معينين منذ أن يستلم السلطة بذاته ويحكم البلاد والعباد سواء أ رضي شعبه أم لم يرضَ، ولن يفارق الحكم إلا إذا انتقل الى العالم الآخر وإن كان البعض ينادي بالديمقراطية والتعددية لمسلكية حكمه وهذا ما نلاحظه في العديد من الدول العربية التي قامت على بعض الإصلاحات السياسية في بلدانها وتكاد تكون هذه الإصلاحات عرجاء لا تصل الى درجة إعطاء حق المواطن في حرية التعبير والنقد الذاتي لكل ما هو خاطئ في سياسات تلك الحكومات.
وربما كان البناء الذي سلكه بعض الحكام لدولنا العربية بناءً خاطئا ليس له القدرة على الاستمرارية وهذا هو موضع الخلاف الذي يتنامى بين القاعدة الشعبية وبين حكامهم بما في ذلك التحول العالمي والنظام السياسي الجديد الذي بدأ يرضخ لشروطه الكثير من هؤلاء المخضرمين في السلطة حتى بدأنا نسمع فلان الفلاني ملك ملوك أفريقيا أو عميد الحكام العرب وما الى ذلك من مسميات وكأن هذه الصفة في البقاء والتشبث بالحكم هي واحدة من الصفات الطيبة التي يجب أن يتمتع بها السياسي العربي الذي يعدّ طول بقاءه في السلطة هي مفخرة ما بعدها مفخرها في حين أن هذه الصفة يمكن أن تقلل من شخصية السياسي الهرمية التي بناها طوال سنوات حكمه الطويلة ولربما تتعدى الثلاثة عقود أو الأربعة أو ربما خمسة عقود !، وكأن الشعوب لا تمتلك تلك القدرة على إدارة الدولة ومؤسساتها، وهذا تحجيم لعقل الإنسان العربي الذي يتم تحجيمه في أي بلد محكوم شموليا لمجرد اعتلاء الحاكم صورية الحكم الأبدي على الناس وهذا بحد ذاته مدعاة الى التأمل والوقوف عنده كي لا نستمر وندمن على فعل الخطأ ونعالج الخطأ بالخطأ عندما نُعلي من شأن الولاة علينا وربما هم لا يستحقون ذلك المنصب.
هذه الجدلية التي يمر بها الحكام العرب والصراع من أجل البقاء في مناصبهم تدفع بهم الى أن يعرضوا ذوقهم في الانتخابات البرلمانية العراقية نهاية العام القادم والكل يريد أجندته ولكن الهدف واحد هو تدمير العملية الديمقراطية وعدم السماح لها بالخروج الى آفاق الوطن العربي الرحب كي تُلهم الكثير من الذين يحاولون تغيير الواقع السياسي العربي وتصديره الى الأمم بصورة أحسن وأفضل مما هي عليه، ولذلك كان لابد من تدخل فض في الانتخابات ومحاولة تشتيت الواقع الذي تجتمع عليه الكتل والأحزاب السياسية كافة وهو الاتفاق على مبدأ الوحدة الوطنية الذي يمكن أن تجده متمثلا في القوائم الانتخابية كافة وذلك ما يتحدثون به الى الإعلام ولكن هي نسبة الالتزام بهذه الوطنية وما نسبة الهرولة خلف الأجندات السياسية للتدخل الإقليمي الذي بدأ العد التنازلي لها من خلال التدخل التركي المضغوط عليه عربيا وكذلك التدخل السعودي الفج في طريقتهم المعهودة عن طريق صرف الأموال الطائلة من أجل تغيير المعادلات السياسية وتشتيت جميع الأجندات الوطنية التي تحاول حماية البلاد من الضياع والهرولة خلف السياسات الخارجية .
لذلك فالذوق العربي لحكام البلدان العربية لم يكن ليتحمل أن يشاهد الصورة الديمقراطية تتصاعد في العراق مما سيؤول الى الضغط على دولهم وذلك ما يعني أن الكراسي التي يجلسون عليها مهددة بالانهيار إن تم السكوت على كل الذي يجري حولها في المناطق والإقليم.
|
|