العرب بين حلبجة وصعدة
|
عادل حسن دشتي(*)
وكأن التاريخ يأبى الا ان يعيد نفسه، ففي السابع عشر من شهر مارس 1988 قامت قوات النظام الصدامي بشن حملة مسعورة ضد الاكراد في حلبجة توجتها باستخدام غاز الخردل والاسلحة الكيماوية مما نتج عن ذلك آلاف الضحايا والجرحى، وكانت تلك الحملة البربرية تحت مرأى ومسمع العالم بأسره وسكت عنها اعلامنا العربي كعادته مع الطغاة والجلادين، بل قام بالتبرير لها، وبحت اصوات الكثيرين وهم يطالبون يومها بموقف اخلاقي على الاقل في شجب هذه المجزرة، ولكن لا حياة لمن تنادي.
واليوم يقف نفس الفريق باعلامه وكتابه ومثقفيه وزاد عليه بفضائياته العربية التي تنقل لنا الحرب الدائرة في صعدة، ويا لهول ما نرى فجيش عرمرم بكامل تجهيزاته واسلحته وقواته وبقضه وبكل قضيضه يستخدم سلاح الطيران وراجمات الصواريخ ومختلف انواع المدفعية والدبابات ضد ابناء شعبه، في حرب عبثية هي السادسة، ونتج عنها نزوح اكثر من مائة الف مدني حسب تقارير الامم المتحدة، ناهيك عن القتلى والجرحى بين الفريقين والمدنيين.وبالرغم من ذلك كله فلم نجد احدا من كتاب العرب او مثقفيهم او سياسييهم او من ناشطي حقوق الانسان من الاسلاميين او الليبراليين او اي من جمعيات النفع العام التي تدعي اهتمامها بحقوق الانسان من يطالب بايقاف نزيف الدم في صعدة وكأن الامر لا يعنيهم بأي حال من الاحوال، فان كنا نرفض الظلم واهله في اقصى الارض فما بالنا صمتنا صمت القبور عما يحدث في صعدة.
ان الحديث النبوي الشريف يشخص حالنا ايما تشخيص عندما قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم "انصر أخاك ظالما أو مظلوما" قالوا يا رسول الله هذا ننصره مظلوما فكيف ننصره ظالما قال " تأخذ فوق يديه"، فكلا الفريقين يحتاج من يأخذ فوق يديه ويحتاج من يقنعه لايقاف شلال الدم، ونشد على يد القيادة القطرية ان تعود لبذل جهود الوساطة بين الفريقين لحقن دماء المسلمين في هذا الشهر الفضيل، فالحوار هو السبيل الوحيد لحل هذه القضية وهو ما شدد عليه بيان دول مجلس التعاون الخليجى، فالجميع مع ضمان وحدة وسيادة واستقلال اليمن ولكن وفي نفس الوقت ضد سفك دماء شعبه بهذه الطريقة التي لا يقبلها انسان.ويستغرب الكثيرون من حجم القوة العسكرية المستخدمة ضد الحوثيين، ويتمنى لو اننا نرى عشر معشارها في التصدي للكيان الصهيوني واعتداءاته على اهلنا في فلسطين ولبنان، ولله در الشاعر عمران بن حطان في بيته الخالد، فقد صور لنا حال جيوشنا العربية وترسانتها المجحفلة التي صرفت عليها مليارات المليارات من الدولارات، والتي لا تلبث الا ان تصدأ في مخازنها او ان تجرب ضد شعوبها. ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
(*) كاتب كويتي
|
|