قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام

للأب والأم: الحب والحنان نكسب الأولاد
لمشاهدة الصورة لحجم اكبر إضغط علي الصورة *سعد مغيمش الشمري
قال الإمام علي عليه السلام: (من قبّل ولده كان له حسنة، ومن أفرحه، أفرحه الله يوم القيامة).
نجد السؤال الذي يشغل الاهل في كثير من الاحيان، هو: كيف استطيع ان اعلم ابني الطاعة، وان يفعل ما اريد؟
أظهرت الدراسات ان نسبة كبيرة من الاطفال يعانون من مشكلة سلوكية هي (التمرّد)، أي عدم طاعة الوالدين. وعدم الطاعة يعود سببها الى اوضاع الاسرة وظروفها، وتحديداً من الوالدين المطالبين ببذل المزيد من العطاء المعنوي للطفل وهو ما يدرج في مرحلة النمو التي قد تبدأ في ربيعه الثاني، فيبدأ يكون جملة من الصور بناءً على مشاهدات الواقع الذي يحيط به، فان كان مفعماً بالحب والحنان والود فانه سيعكس هذا على سلوكه وطريقة تعامله مع ابويه في المراحل العمرية القادمة، والعكس بالعكس،
بعض الآباء يبخل – من حيث يشعر او لايشعر- بالابتسامة والوجه المنشرح على اطفاله لدى دخوله البيت مساءً، علماً ان الاب والأم ايضاً لا يفتقدان أبداً غريزة الحنان أزاء الابناء بأي حال من الاحوال، وهي الغريزة التي أودعها الله تعالى في نفوس البشر، لكن البعض ربما يتذرع بحجج واهية من قبيل: الضغط النفسي الذي يخيّم عليه، او انه متعب من العمل اليومي، او انه متعرض لانزعاج اثناء العمل، فتراه عبوساً قمطريراً لدى دخوله وحتى عند خروجه صباحاً من الدار.
هذا السلوك لابد وانه ينعكس على الاطفال سلباً، فهم لن يجدوا العاطفة والحنان في مكان آخر حتى يعطوه للآخرين، والاطفال الذين يكون امامهم المستقبل في مرحلة الفتوة والشباب ثم الرجولة، يحملون في مراحلهم العمرية قابليات ومواهب يحاول ان يستخرجها ويبني بها شخصيته، لكن اذا واجه هذا الطفل الصراخ والتعامل الخشن والجفاء من والديه، فمن الطبيعي ان يكون سلوكه التمرد، ورد الصراخ من حيث أتى... انها معادلة طبيعية لا يجب على الآباء الاستغراب كثيراً، لأنهم شركاء في العملية، أما الطفل الذي يعيش و يتفيئ بظل الحنان من الوالدين ويعامل بكل احترام وتقدير، فانه بالتأكيد سيردّ هذه الطريقة عليهما وعلى الجميع أيضاً.
غياب الحنان.. النتائج
ان حرمان الطفل من الحنان والعاطفة يخلق حالات مختلفة من العناد والتمرد، وتشتد هذه الحالة حينما يدرك الطفل انه قادر على تحقيق مطالبه من خلال التمرد وإزعاج الآخرين وانهم يستريحون عندما يلبون مطالبه ويبعدونه جانباً! وكذلك الحال عندما يحرم الطفل من التحرك واللعب بحرية وهي مشكلة اخرى، فترى عندما لا تلبِّ احتياجاته، يبدأ الطفل يعاني تعباً شديداً، فتراه في مثل هذه الظروف لن يعبر عن حاجة الا بالتمرد والعناد حتى تُلبى حاجاته، إذن؛ الطفل أحوج ما يكون الى الحب والحنان لانه العنصر الايجابي في تنمية قدراته، وهذا يتجسد في طلبة المدارس، فهل يكتفي طالب المدرسة بالدراسة فقط لتكوين شخصيته في المستقبل؟ بالتأكيد كلا، لأن هناك عوامل يحتاجها لتزيد لديه الثقة بدراسته، فهو بحاجة الى تعبئة الطاقات الروحية والنفسية باستمرار بهدف تحسين الهدف وهو النجاح في الدراسة حتى النهاية وهي وصول الجامعة ثم التخرج بنجاح، أما اذا واكبت الدراسة أجواء خالية من الحنان والعاطفة، فكيف للطالب ان يكون لديه الثقة بالنفس لمواصلة طريق الدراسة الصعب والمليئ بالعقبات والمنغّصات.
من هنا نعرف أهمية الابتسامة ونظرة الحنان والعطف الى الطفل وهو في ربيعه الثاني، رغم انه لا يميز بين الجنسين الذكر و الانثى، لكنه يميّز بكل تأكيد بين المشاعر أمامه، وهذه حقيقة واضحة لا يماري فيها أحد، إلا من يتجاهل مستقبل اطفاله ويحوم حول أنانيته وشخصيته.
وما يعزز أجواء الحنان والعاطفة داخل الأسرة، منهج العدالة في توزيع الابتسامة والنظرة العطوفة الى الاطفال، وهو أمر جداً مهم، فلا عبرة في الاعمار او الجنس او حتى درجة الذكاء أو الجمال الظاهري او غير ذلك، فالهدية والفرحة يجب ان تشمل الجميع كي يتحسس الأولاد – بنيناً وبناتاً - أن هناك شخصاً يوفر له الحنان ويسعى لتلبية حاجاتهم بالقدر الممكن، وبالتالي لن يكون أمامنا مجالاً لظهور التمرّد او العناد لا في مرحلة الطفولة ولا المراهقة ولا البلوغ وهذا مايؤكده الكثير من الخبراء.
الحرية.. المفصل الخطير
تتمحور معظم المشاكل في أسرنا حول مسألة (الحرية)، وهو مفهوم يختلط اليوم في جلّ حياتنا اليومية لكن المشكلة هي عدم وجود أُطر صحيحة او منهج سليم يصيغ هذه المفهوم بشكل يقتنع به الانسان ويجعله المنارة في طريقه.
هنالك الرغبة الجامحة في اختيار القنوات الفضائية كما هنالك الرغبة في اختيار الألوان في الملابس او الرغبة في اختيار كتاب ما، او الخروج مع صديق وغير ذلك كثير، وهنا ايضاً يأتي دور التوازن والتعامل المنطقي من الأبوين لاستيعاب المسألة والحؤول دون تطورها لتتحول الى أزمة ومطلب تعجيزي، كما الابتسامة والتعامل العاطفي بحدود صياغة شخصية الانسان العاطفية، فان إفساح المجال للطفل في مراحله العمرية المختلفة وحتى مرحلة الشباب، يجب ان تكون بهدف بناء شخصيته العاطفية ايضاً، لأن التحديد والمنع المطلق، يؤدي بشكل طبيعي الى التمرّد وبالتالي الى ظهور شخصية معقدة ومتوترة الى المجتمع. خُذ أي حيوان سواء أ كانت قطة أو كلب او طائر صغير واحبسه لفترة من الزمن ثم اطلق سراحه فجأة، تراه ينطلق مسرعاًً لا يدري اين يذهب! وبعد فترة من الزمن يستقر وينظر الى أمره...
هكذا الانسان؛ خلقه الله تعالى وأودع فيه جملة من المواهب والقدرات لابد وان يستخرجها عبر الاحتكاك مع الحياة بصورة أو بأخرى، وهنا يأتي دور الأبوين لتقويم ومراقبة هذا الاحتكاك حتى يحافظوا على سلامة ابنهم من الضرر اذا ما صادق شخصاً غير مرغوب فيه، او تابع برامج مخربة للاذهان والنفوس وهكذا... لكن بالمقابل يجب الايحاء للطفل بان (كل شيء حلال سوى بعض المحرمات) لا أن يكون العكس.
بهذه الطريقة يمكننا كسب ودّ ابنائنا، فاذا كان هنالك احترام لمشاعر الطفل من الأبوين، بالتأكيد سيأتي الاحترام والتبجيل من الطفل لهما ولبقية افراد الاسرة بل وحتى المجتمع، لننظر الى الطفل وهو يلهو بألعابه ويحاول ان يرتبها او يجمعها دون تدخل أحد، أما اذا سلبنا منه هذه الحرية بحجة الخوف عليه من هذا وذاك، فاننا حتى وان حاولنا إرضائه بمختلف الهدايا والهبات والتوسلات فانه سيتذكر وضعه السابق الذي كان عليه وتم سلبه منها. إذن؛ فالعاطفة مع اهميتها، لن تكون ذات فائدة اذا أعطيت للطفل وهو في القفص لأنه لن يستلذ بها ولن يشكر أبويه عليها.