المرجع المُدرّسي في كلمة حول مضامين زيارة الاربعين والاحداث في مصر وتونس:
ايها الحكام وقبل فوات الآوان: لاتُلهكم المناصب واسمعوا لصوت الشعوب ومطالبها المشروعة
|
مسيرة الاربعين ميثاق مع القيم و (رسالة) للمسؤولين بأن الشعب يرفض الظلم ويدافع عن كرامته
كربلاء المقدسة/ الهدى:
أكد سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد محمد تقي المُدرّسي"دام ظله"، أن الملايين في زيارة اربعين الامام الحسين عليه السلام، وبالاضافة الى كونها ترمز الى "تجديد هذه الحشود للميثاق والعهد مع ربهم وائمتهم لكي يبقوا على صلة وثيقة بالدين ومبادئه وقيمه" ، فإنها تحمل ايضا رسالة بحث ودفاع عن الكرامة والحقوق والحرية،ورفض للظلم، يجب على الحكام والمسؤولين وعلينا جميعا، أن نعيها ونقرئها بدقة لكي نعرف ماذا يجري حولنا وماهي البرامج الصحيحة للتعامل مع الاحداث المتسارعة في مختلف البلاد . وفي محاضرته الاسبوعية التي القاها بمكتبه في كربلاء المقدسة على جموع غفيرة من الاخوة الزائرين و الوفود من داخل وخارج البلاد ، قال سماحته : "..لابد ان نستمد من هذه الشعيرة الالهية بصيرة لكي نعرف ماذا يجري حولنا وماهي البرامج الصحيحة للتعامل مع الاحداث المتسارعة في مختلف البلاد الاسلامية..". واضاف أنه لابد أن يكون هناك "من يتعضوا بالتجارب، ويكونون ممن يقرأون الاحداث والازمات ويسبقوها ـ قبل أن تتحول تلك الى تداعيات والى ما لايحمد عقباه ـ بالتخطيط وايجاد الحلول السليمة والعادلة ليجنبوا بلادهم الكثير من الويلات..". وتساءل سماحته في هذا السياق : " هل تستطيع الانظمة الموجودة في بلادنا ان تلتقط الرسالة التي بعثتها احداث تونس ومن ثم مصر ؟ لكي لا تحترق بلادهم ام لا ؟ ، هذه الانظمة لا بد ان تعرف ان الشعوب في هذه البلاد تبحث عن الحرية والكرامة والعدالة ، وحينما تقول هذه الشعوب كلمتها في الخبز او في العمل فان الخبز والعمل احد اسباب تحقيق وحفظ كرامتهم بالاساس وليس لشيء اخر، لان الله تعالى خلق الانسان كريما، ويقول في ذلك : (ولقد كرمنا بني ادم) ، وهذه الكرامة جزء لا يتجزأ من وجود الانسان، فلا يمكن له ان يتجاهل كرامته وربما يصبر مضطراً لفترة قصيرة على سحق كرامته، ولكن ليس الى الابد ..".
وفي جانب آخر اضاف سماحته بالقول أن " هذه الجموع التي جاءت الى كربلاء المقدسة في زيارة الاربعين لم يحمل احد منهم رسالة الخبز ولا انقطاع الكهرباء ولا الشكوى من البطالة، انما اكدوا قبل كل ذلك على شيء اهم ومحوري ، على مواجهة الظلم ومحاربة الظالم والانتصار للمظلوم، فالرسالة التي وجهتها جماهيرنا من كربلاء الى العالم هي: نحن نريد العدل والكرامة. وهذه هي الرسالة التي توجهها الحوادث سواء في مصر او في تونس او اي بلد اخر ، الشعوب تطالب بالحرية لأن الحرية وجه من اوجه الكرامة، تطالب بالخبز لان من لا خبز له لا كرامة له، تطالب بالعمل لان من لاعمل له يمكن أن تداس كرامته، فالاساس هي الكرامة، وعلى كل من يهمه الامر من حاكم ومسؤول او مفكر او اعلامي او عالم ديني، ان يرهفوا اسماعهم، ليسمعوا نداء الكرامة هذا .. وهذه في الحقيقة بصيرة القران في الحكم الصالح، و هو ذلك الحكم الذي ينتهي الى تطوير ونمو المجتمع، بحفظ كرامة الانسان، وتلبية حقوق ومتطلبات الناس..".
وتابع بالقول مشيرا الى زيارة الاربعين المليونية: " هذه المسيرة ليست هباء منثورا انما هي ذات رسالة، والرسالة الاولى للمسؤولين في العراق وهي انكم تتعاملون مع شعب متميز وجدي وينشد الكرامة ويرفض الظلم، هذا الشعب صحيح أنه ذو صبر كبير وصدر واسع، و لاينتفض بسرعة ، لكنه اذا انتفض لايتوقف ، فيجب أن تلبوا مطالبه الحقة وتخدموه وتحققوا طموحاته وتطلعاته ، وهو في الحقيقة خير معين لكم على ذلك بما يملك من روح وثابة وطاقات هائلة واواصر تعاون واسعة، وهو مايتبته كل عام في زيارة الاربعين وغيرها من المناسبات..". وقال سماحته في جانب آخر " نحن في الوقت الذي نشكر ونشيد بالذين خدموا زوار الامام الحسين(ع) في الطرقات من رجال الأمن ومن المسؤولين، لكن في نفس الوقت نقول لهم استمعوا الى انين وهموم هذا الشعب، نسأل الله تعالى ان يعطيكم اذناً واعية لتستمعوا لشعبكم، اقرأوا ما بين السطور، ولا تلهكم المنافسة على المناصب عن الاستماع الى صوت و رؤية الشعب ومطالبه.." واضاف أن "على سائر الحكام والمسؤولين اليوم، في سائر البلاد، بما فيها العراق، وقبل فوات الآوان ، ان يرتفعوا الى مستوى جماهيرنا ، هذه الجماهير التي كانت في العراق ترفع راية الامام الحسين (ع) خفاقة وتعتمد بعد الله على نفسها دون ان تعتمد على اي شيء اخر يحق لنا ان نستمع لها". وأكد سماحته بالقول " نحن نريد لبلادنا الاسلامية في كل مكان الاستقرار والتقدم، و السلم الاهلي والاجتماعي ، وان تعيش بكرامة وقدر من مقبول من الرفاهية ، وعلى الحكام ان يهتموا بهذا الجانب، وهذا واجب عليهم ، اما الحاكم الذي لا يكون همه الا الحكم والسيطرة وجمع الاموال والاستئثار بالثروات والامتيازات واستخدامها في شراء الضمائر وافساد الرأي العام عبر المرتزقة او ما اشبه فأن هذا الحاكم لم يفهم طبيعة حركة الشعوب، فلا بد ان يكون هناك يوم يأتيه ليجد نفسه ونظامه في المكان الذي يستحقه اذا لم يتعظ ويتدارك قبل فوات الأوان.."
وفي ذات السياق أصدر مكتب سماحة المرجع المُدرسي ، امس، بياناً حول الاوضاع الجارية التي يمر بها العالم العربي والاسلامي، اكد فيه على أن " مصر وسائر الدول العربية والاسلامية أمانة في أعناق الشعوب والمسؤولين معاً، وعلى الجميع أن يحافظوا على الأمن والوحدة وقيم العدل والكرامة والتقدم" وأن " عهد القمع والديكتاتوريات المعتمدة على الظلم والفساد قد ولى.. وعلى المسؤولين أن يستجيبوا لمطاليب الشعب ويسارعوا الى تحقيقها" وإن "كل يوم من التأخير يضاعف من خطر تمزق البلاد وإشاعة الفوضى" .
|
|