بأقلامکم

الاسباب التي أدت الى عزوف الشباب عن الدين

بعد أن كان الدين هو الملجأ الذي يلتجئ إليه الناس وهو الحصن الذي يحتمون به وهو الكهف الذي ما دخله شخص إلا وأصبح آمنا؛ وذلك بعد مابذله الرسول …

بعد أن كان الدين هو الملجأ الذي يلتجئ إليه الناس وهو الحصن الذي يحتمون به وهو الكهف الذي ما دخله شخص إلا وأصبح آمنا؛ وذلك بعد مابذله الرسول وأهل بيته والمقرّبون منه من تضحيات عظيمة وجهود كبيرة ليوصلوا الدين إلى البشرية جمعاء، وبالفعل استطاعوا أن يحققوا ذلك، فصار الناس يدخلون في دين الله أفواجا، لكن مانراه اليوم هو تغير الوضع تماماً، وصار الناس يخرجون من دين الله أفواجا! فلماذا نرى الدين قد أصبح وحيدا؟ ولماذا نرى المتدينين أصبحوا منبوذين في المجتمع؟ ولماذا بعد الإقبال الشديد على الدين أصبح الشباب اليوم يعزفون عنه؟ أ إن الدين قد تغير ام ما الذي تغير؟
في هذه الأسطر القليلة نحاول الإجابة على ذلك بعدة نقاط:
أولا: الفهم الخاطئ للدين
اليوم وبسبب كثرة الشائعات والافتراءات التي تثار حول الدين وكثرة الثقافات الدخيلة والتي اتجه إليه شبابنا وخلفوا وراءهم ثقافة الدين الثقافة الحقة من دون ان يطلعوا عليها ظنا منهم أنها ثقافة باطلة وثقافة متحفظة تدعو إلى التقيد والعنف فصاروا يتهمون الدين بأنه متخلف، وهذا ما دعا أكثر الشباب ان يعزفوا عن الدين ويتركوه وراء ظهورهم.
ثانيا: الادعاء بالتدين والدين منهم براء
هنالك أناس قد لبسوا الدين لبس الفرو مقلوبا فصاروا يتزينون به ويتكلمون باسمه والدين منهم براء، فهؤلاء كل أفعالهم وتصرفاتهم وسلوكهم نابعة من أهوائهم وهم ينسبونها إلى الدين وهي لا تمت إلى الدين بصلة، هذا مما ادى إلى ان يظن بعض الناس ان هؤلاء هم من يمثلون الدين وأن ما يقومون به من أفعال وتصرفات وسلوكيات، إنما هي انعكاس للدين، وهو ما يؤدي الى عزوف كثير من الشباب عن الدين بسبب مايرونه من التناقض بين سلوكيات هؤلاء (المدعين) وبين حقيقة الدين.
ثالثا: الفهم الخاطئ للحرية والانفتاح
من المشاكل التي يواجهها الشباب هو أنهم يظنون أن الحرية تعني الفوضى وعدم الالتزام، وأن الانفتاح يعني الانحلال وترك القيم والمبادئ، ويظنون ان الدين هو القيود والتعقيد وكبت الحريات وهذا مادعاهم ان يبتعدوا عن الدين.
رابعا: ضعف وقلة المتدينين الرساليين
ما نشاهده اليوم هو كثرة الذين يعملون ضد الدين ويحاولون تضعيفه وتشويهه وإبعاد الناس عنه وفي المقابل نرى قلة الذين يتحملون المسؤولية في نشر الدين والتبليغ له، وهداية الناس وجلبهم إلى الدين، أما مسؤوليتنا اليوم إذا أردنا أن نجلب الناس إلى الدين فعلينا بالآتي:
أولا: تعريف الشباب على الدين الحقيقي وبيان أهميته وأحقيته، وأن نوصل إليهم الدين النازل من الله – تبارك وتعالى – إلى البشرية، والذي يرتفع بالإنسان ويريد له الكرامة والعزة، وهذا من خلال بيان فلسفة أحكام الدين، وكيف ان جميعها تصب في مصلحة الإنسان، فالإسلام جاء من أجل الإنسان.
ثانيا: بيان القاعدة الاساس التي أرساها أمير المؤمنين، عليه السلام، في حديث له: «أعرف الحق تعرف أهله»، فلا يعرف الحق بالرجال وإنما تعرف الرجال بالحق. واذا أردنا أن نقيّم شخصاً ونعرفه هل هو على حق أم لا، فعلينا أولاً أن نذهب لنتعرف على الحق وقيمه، وعلى الدين وأحكامه وتعاليمه، من ثمّ نميز المتدين الحقيقي عن غيره، فليس كل من ادعى الدين هو متدين ويمثل الدين.
ثالثا: بيان ان الدين هو دين الحرية وهو دين الانفتاح والتطور والتقدم، ولكن؛ الحرية، هي التي تصون حريات الآخرين، ولها حدود وضوابط تحقق مصلحة الانسان والمجتمع، وكذا الانفتاح، فهو لا يعني الانحلال والميوعة وترك الثقافة الدينية ونسيان القيم والمبادئ، وإنما بالإلتزام بتلك القيم والمبادئ يستطيع الإنسان ان ينفتح على العالم ويتطور ويتقدم.
رابعا: إعداد الكوادر الرسالية العاملة القادرة على نشر الثقافة الدينية الحقيقية، ومحاولة إصلاح الناس وهدايتهم ومحاولة تطبيق المفاهيم والقيم الدينية التي ما ان طبقه مجتمع إلا وأصبح يرفل بالسكينة والسعادة والأمان والراحة والازدهار.

عن المؤلف

الشيخ حسين الأميري

اترك تعليقا