فساد ناعم .. فساد قبيح
|
عبدالحميد علي
ديموقراطية الهوهوة، اطلق هذا المصطلح كاتب عربي كبير منذ سنوات، قاصدا بذلك صحف المعارضة التي راحت تصعّد من سقف انتقاداتها، بدءا بصغار المسؤولين وانتهاء بالرئيس. وكان الكاتب يعني، تحديدا، ان الحكومة تترك للإعلام (الانتقاد) بينما تمضي هي في طريقها من دون الالتفات إليهم، بالطبع ما لم يغمروا ايديهم بعيدا في اعشاش الدبابير، حينها لن يسعفهم الوقت كي يدركوا من اين تأتيهم اللسعات.
لذا، سمعنا في بلد عربي عن كاتب ومؤرخ كبير تم ايقافه وإغراقه بلكمات ظلت آثارها في جسده وعقله حتى توفاه الله. كاتب آخر وناشط سياسي تم خطفه ليعثر عليه بعد ايام في احد الاماكن القريبة من التجمعات السكانية المكتظة (يا مولاي كما خلقتني) امعانا في اذلاله. ثالث انتزع من فراشه عنوة ولم يعثر عليه حتى الآن. أخيراً واثناء التحقيقات مع كبار رجال الرئيس ورد على لسان احدهم ما يؤكد هذا التوجه المقصود عندما ذكر أن تعليماته لهم دائما كانت تقضي بأن (دعهم يجعجعون ودعنا نعمل).
عندنا يبدو ان ثمة سياسة مقصودة قد تم تبنيها عندما تصدر قرارات او تشريعات تحت ضغط مطالبات الناس، وما ان يتم اقرارها حتى تدخل في دهاليز الضياع ما بين صخب البداية عند اطلاقها ثم الاحالة لوضع لائحة تنفيذية تخالف بعض نصوصها لتهدر وقتا اطول في المطالبة بتعديلها، ثم الانتقائية في تنفيذ موادها، ثم المماطلة في المواد التي انتقيت لتنفيذها، ثم عودة الصخب للمطالبة بتنفيذ كامل القانون، ثم اكتشاف ان مواد القانون ذاتها موجودة اصلا في قوانين اخرى كان مطلوبا تعديلها، ثم دخول مطالبات من كل حدب بتعديلها. وهكذا الى ما لا نهاية.
انه الفساد.. يعرف تماما كيف يأتيك بألف قناع وبألف لسان ومن ألف باب. ولا عجب.
|
|