العيد .. العودة إلى الله و الفطرة
|
محمد الحسيني
ليس العيد لمن لبس الجديد، إنما العيد لمن أمن الوعيد. وقد خلق الله الإنسان سويا بفطرته، وخلقه في أحسن تقويم، غير أن عوامل الانحراف الذاتية والخارجية هي التي تبعده عن الصراط المستقيم. وعند ذاك يكون الإنسان بحاجة ماسة إلى التوبة والعودة إلى فطرته التي فطر عليها، وإلى نقائه واستقامته، فيبدأ حياته من جديد، فيتحول ذلك اليوم بالنسبة إليه يوم عيد وفرح.. وإذا كان العيد يعني العودة إلى الله، فإنه يستدعي ضرورة برمجة الحياة والمستقبل، على إعتبارهما أمرين جديدين بعيدين عن الانحراف والفساد وما تم الابتعاد عنه. وفي ذلك اليوم فقط يكون جديراً بالإنسان الاحتفال بالعيد، حيث يكون قد هيأ لنفسه عوامل تكريس الطهر فيها.
إن يوم عيد الفطر، هو يوم البداية الجديدة، لضيافة ربانية جديدة، ضيافة الرحمن الذي وسعت رحمته كل شيء، وفي مثل هذا اليوم نجدد العزم على تكريس مكاسبنا من شهر رمضان الكريم. إن ليالي شهر رمضان كلما اقتربت من نهايتها، كلما كانت أكثر استيعاباً للرحمة الإلهية، واستجابة الدعاء. وقد جاء في الحديث ان الله تعالى يغفر في ليلة العيد لعباده بقدر ما غفر لهم في ليالي رمضان بأجمعها. فإن فاتتنا المغفرة فيما مضى من هذا الشهر، فلنسع جاهدين من أجل أن لا تفوتنا فيما بقي منه. فليلة عيد الفطر هي ليلة الجائزة والغفران. وأساسا إننا حينما نسمي يوماً من الأيام يوم عيد، فإنما نعني بذلك ونخصصه بإعتباره يوما لإستئناف الحياة وإعادة الحركة من جديد، بناء على ما تمت الإستفادة مما سبقه من أيام، كعيد الفطر الذي إنتهت عنده أيام الصيام والإحساس بجوع الفقير وبذل المساعدة له. كما نقصد به طي صفحة الماضي بسلبياته، وأن المستقبل لوحدهِ هو الذي بقي لنا.ففي يوم عيد الفطر حري، بنا أن نفتح صفحة جديدة طاهرة لدى علاقتنا بالله وبأنفسنا وبالمجتمع وبجميع المسؤوليات الملقاة على عواتقنا. فحينما نعلم أن الله تعالى غفر لنا ذنوبنا، علينا بذل المزيد من الجهد لإستئناف الحياة من جديد.
نسأل الله سبحانه أن يبارك لنا في يوم العيد ـ الذي هو يوم العودة إلى حقيقة الفطرة والدين، والإبتعاد عن شوائب الكفر والفواحش والذنوب.
|
|