نساؤنا و بيوت الصفيح.. ومسؤولية الدولة
|
عزيز الخيكاني
ازدادت محنة العوائل العراقية في العيش داخل بلدهم وفي احضان ارضهم بسبب عوامل عديدة لم يستطع المنهج الديمقراطي الذي كنا نتمنى ان نسير عليه وندعمه بقوة بعد المآسي التي عاشها العراقيون جميعا ابان النظام المباد، ولكن يبدو ان العراقيين قد جُبلوا على العيش الصعب وبات نهارهم عصيبا وليلهم مقفهرا بسبب التراكمات السابقة للانظمة، وسوء التخطيط والفساد الاداري والمالي المستشري في مفاصل نظامنا الديمقراطي الجديد .
عندما ننتقد او نوضح للدولة كمنظومة سياسية تقود البلد بكل مفاصلها الادارية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، او للحكومة كسلطة تنفيذية تقع على عاتقها مسؤولية المواطن في العيش في ادنى حدود المعيشة الحقيقية التي يرنو لها الانسان او انها تكفل له جزء بسيط من حقوقه المدنية التي يجب ان يتمتع بها كونه ركن اساس في هذا المجتمع، فنحن وبهذا النقد لانسعى الى التسقيط او الاساءة، وانما مسؤوليتنا ككتاب واعلاميين واصحاب قلم توضيح الصورة ونقلها الى المسؤولين بحيادية باعتبار الاعلام العين التي يرى فيها المسؤول شعبه وهذا هدفنا الاساسي في مهمتنا .
مايعيشه ((معظم )) مايسمون بالمتجاوزين، وسكنة مواقع النفايات وبيوت الصفيح، ((وفي محتلف المحافظات))، من حياة بائسة يندى لها جبين الانسانية، تبعث عن الاسى والحزن، والعراق يعيش على بحر من نفط وهو ليس فقيرا مثل بعض الشعوب التي لاتمتلك النزر اليسير مما يمتلكه العراق من خيرات، ولكن يؤسفنا بل من المعيب علينا ان نتحدث عن شعب الحضارات او الديمقراطية او التغيير ونرى الكثير من ابناء شعبنا يعيشون في مأساة وفي مواقع لايمكن وصفها الا بأوصاف يصعب علينا ذكرها، فهي لاتتمتع بأدنى حق للانسان في ان يعيش بشكل بسيط ويتمتع بحياة نصفه فيها انه انسان وله الحق في هذه الحياة ..
فعلى من تقع تلك المسؤولية ؟ سؤال ينبغي ان نسأله نحن اولا ويسأل السياسيون انفسهم ايضا باعتبارهم يتحملون المسؤولية التاريخية كونهم اصحاب القرار وبيدهم السلطة والاموال. ماورد قبل ايام من اخبار نشرتها وسائل الاعلام حول العوائل المتجاوزة على اراضي الدولة .. ومع ان هذا التجاوز غير صحيح وفيه تبعات قانونية ربما لاتخدم المواطن، ولكن على الدولة بمفاصلها والحكومة كسلطة تنفيذية ان تفتش عن الاسباب التي جعلت من هؤلاء يسكنون تلك المواقع، وكيفية ايجاد الحلول البسيطة والآنية لهم وبعدها يمكن ان نجد حلولا جذرية لمشكلة السكن للعراقيين جميعا، فلايمكن ان يتم باجراء قسري وبطريقة عنيفة وتهديد لتلك العوائل التي لايمتلك كثير منها حتى معيل يعيلهم، ونحن جميعا ننادي ان استخدام العنف سيولد العنف المقابل وان هؤلاء المساكين لايمكن ان يجدوا بديلا عن سكنهم البائس الذي يسكنون فيه بمبلغ زهيد لايكفي لايجار عدة اشهر في هذا الوضع بل ان هذا المبلغ الذي ارادت الحكومة صرفه لهم لايقبل به السادة اعضاء مجلس النواب السابقين كمصروفات شهرية طبعا، عدا رواتبهم الاصلية، فكيف يتم التفكير بهذا المنطق والسيد الناطق بإسم عمليات بغداد .. يصرح للاعلام ان الحكومة ستصرف لهؤلاء المتجاوزين وكأنهم أتوا من افريقيا للعيش والتجاوز على هذه المناطق ويبلغهم بان الحكومة ستصرف لهم مبلغ ثلاثة ملايين دينار لكي يخلوا بيوتهم المصنوعة من الصفيح والخشب. وكنت اتمنى من السيد الناطق باسم عمليات بغداد ان يفكر مليا ويجعل نفسه في لحظة من التجرد عن الموقع ويكون احد هؤلاء وان ينسى انه يسعى لان يسكن في بيت مهيأ من كافة نواحي العيش الرغيد في المنطقة الخضراء ليتمتع فيه مع عائلته وينسى هؤلاء المساكنين.
ولو اردنا ان نحل هذه المشكلة لهؤلاء الناس ببساطة وبسرعة وننسى اننا اصحاب سلطة وقوة ونجعل من انسانيتنا تطغي على مايجول في داخلنا من تسلط وجبروت وقوة لاستطعنا حلها بسرعة دون ان نمس مشاعر هؤلاء المساكنين الذين لايختلفون عنا بالانسانية سوى انهم طبقة فقيرة لايوجد عندهم معيل وليس لديهم سلطة يقاومون فيها او يقفون بوجه الاخرين الذين يسعون الى انهاء حياتهم وهي بالاساس منتهية.
نسأل هل بالامكان ايجاد حل بسيط لهم ولجميع المناطق من خيرات العراق قبل ان يسرقها السراق والقتلة كما فعلوا في السابق وهم الآن يتمتعون فيها في الخارج وفي احضان الصبايا وليالي الانس بل الادهى والأمَر من ذلك انهم يدخلون الى العراق على اساس مستثمرين وتجار وباموالنا وبأسماء اخرى مع شخصيات تدعمهم من الداخل ؟.. نعود ونقول هل بالامكان ايجاد الحل لهم ؟ نقول نعم فيما لو تجردنا ونظرنا لهؤلاء بانسانية وهنا اقترح مقترحا بسيطا بامكان الحكومة القيام به فيما لو آثر المسؤولون عن انفسهم وبذلوا جهدا اضافيا والمقترح هو القيام بعمل قاعدة بيانات سريعة لعدد العوائل وعدد نفوس كل عائلة وايجاد ارض مؤقتة لهم وتهيئتها .. والقيام بعمل كرفانات بسيطة ترتب لهم حسب حجم العائلة والقيام بحملة من وزارة الكهرباء والبلديات والامانة والمجاري بتوفير ابسط الامور التي تساعدهم على العيش من مياه وكهرباء (مع معرفتنا المسبقة بعدم وجود كهرباء) ونحدد لهم المنطقة ..
طبعا السادة المسؤولون سيقولون ان هذه الكرفانات مكلفة سنقول لهم هي ليست بعدد الكرفانات التي سُلمت لحمايات المسؤولين ومع ذلك اذا كانت الحكومة فقيرة وغير قادرة على توفير ذلك فبإمكانها انشاء صندوق نسميه (صندوق اعانة الفقراء والمتجاوزين) يتم التبرع له من قبل العراقيين المعروفين بالشهامة والغيرة على اخوانهم وانا على ثقة ان كل عراقي سيتبرع بذلك وتتم وفق آلية بسيطة وهو استقطاع (10) آلاف دينار من كل موظف عراقي يزيد راتبه عن (500) الف دينار ومن المدراء العامين (50) الف دينار والوزراء والسادة اعضاء مجلس النواب من القدماء والجدد والرئاسات الثلاث والمستشارين واصحاب الرواتب العالية مبلغ (500) الف دينار ولمدة محدودة وباشراف لجنة نزيهة وشريفة وفتح حساب خاص في مصرف الرافدين للاشراف على المبالغ المتبرع بها ودعوة الميسورين من التجار للتبرع ايضا ويتم جمع مبالغ كبيرة لذلك ونبدأ حملة اسكان هؤلاء المساكنين في مجمعات تحمل صفة الكرفانات لحين اكتمال مشروع (10×10) السكني ومشروع معسكر الرشيد السكني المنتظر وغيرها من المشاريع السكنية التي نسمع عنها في بغداد والمحافظات وايضا بالامكان ايجاد حلول بسيطة للشباب المتواجد في تلك العوائل من العاطلين عن العمل من خلال ايجاد قاعدة بيانات لهم وتوفير فرص عمل بسيطة لهم في الحراسات والامانة والشرطة والجيش والسياقة في دوائر الدولة وبناء مجموعة من المحال البسيطة في المجمعات التي يتم انشاؤها وتأجيرها لهم للعمل فيها، وهنا يأتي دور المرجعيات الرشيدة في الإسهام بتلك المشاريع البسيطة .. وبذلك ممكن ان ننهي الكثير من المشاكل ولو بشكل مؤقت ونحمي شبابنا من الانحراف والتوجه نحو السرقة وعمل الموبقات .. انه مقترح عسى ان يجد طريقه للتحقيق
|
|