سماحة المرجع المُدرّسي في ختامه لدرس التفسير:
الحكام الظلمة لاعهد لهم ولاثقة بهم ومن افضل (الاحسان) الى المجتمع الاصلاح و الوقوف بوجه الظالم
|
كربلاء المقدسة/ الهدى:
أختتم سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد محمد تقي المُدرّسي (دام ظله) نهاية الاسبوع، درس التفسير والتدبر القرآني، للموسم الدراسي الحوزوي الحالي، الذي يلقيه على حشد من الاساتذة العلماء والخطباء والطلبة في الحوزة العلمية بمدينة كربلاء المقدسة، وذلك بالتفسير والتدبر في الآيات الاواخر من سورة هود المباركة،( الايات 112 ـ 117 ). واشار سماحته في جانب من حديثه الى أن "سورة هود نستطيع ان نسميها بسورة الاستقامة و الصبر على الطريق الشائك، والاستمرار في الدعوة الى الله برغم الصعاب..".واضاف أن " في نهاية هذه السورة المباركة يذكرنا الله تعالى بمجموعة أسس وخطوات على المؤمنين والعلماء الربانيين والداعين الى الله والحق والقيم، الذين يسميهم الله تعالى اولو بقية، ان يسلكوها، وهي الاستقامة، وعدم الطغيان وعدم الركون الى الظالمين، واقامة الصلاة، والصبر، و النهي عن الفساد و المنكر، والاصلاح، وهذه خارطة طريق الحق، و في الحقيقة لو اتبعناها واتبعها الصالحون من عباد الله ـ وهم عادة يتبعونها ـ سلمت الامة ..". مبينا أن " في وجود هذه الفئة .. هذه البقية ، فوائد ونتائج كبيرة ، الاولى والاساسية ان هؤلاء ضمائر وادلاء لمن شاء ان يستقيم ومن شاء ان يسلك طريق الرب تعالى ..لا يجبرون احداً على هذا الطريق ولكنهم يدلونه عليه فمن شاء اتبع طريقهم ومن شاء هلك عن بينة . ومن ثم هم حجة الله على من لم يتبع الطريق..". مشيرا الى أن من الاستقامة ان "يعقد الانسان العزم على ان يكون مسلما مؤمنا لاتأخذه الاهواء يمينا ويسارا عن جادة الحق .. فاذا امتلك هذا العزم وعمل به ومضى فيه فأن ربنا تعالى يوفقه ويأخذ بيده في الامتحانات واللحظات الحاسمة، اما اذا بقي مترددا وكان متزلزل الايمان فهو في مشكلة ويقع وتزل قدمه عند الامتحان واللحظة الحاسمة "
و اوضح سماحته كذلك ضرورة الدفاع عن الحق والعدل والوقوف بوجه الباطل والظلم والحذر من الركون الى الظالمين تحت أي مبرر او اعذار قد يتشبث بها ويدّعيها البعض احيانا، "فكل انسان عليه أن ينتبه ويحذر، ان الظالم ظالم أياً كان، إن انت ركنت اليه فأن الله تعالى يخليك ويرفع عنك يده وتأييده ولاينصرك، بل ستمسك النار وينزل عليك العذاب مع الظالم الذي ركنت اليه.." واشار سماحته ايضا الى "الركون الى الظالم عادة مايكون قراراً جمعياً" واضاف أن " الظلمة لم ولن يكونوا اولياء لك من دون الله، ينصرونك .. فهؤلاء لا يفكرون الا في مصالحهم وعروشهم ، وليس عندهم عهد ولا وفاء.."واوضح في السياق قائلا أن " بعض الحكام ، كحكام البحرين واليمن، وحكام اخرين، قد تراهم يقولون دعونا نجلس ونتفاوض !.. على ما وكيف التفاوض وانتم ليس للناس ثقة فيكم ، كم مرة وثق فيكم الناس فغدرتم و غيرتم وبدلتم ..؟ الى متى؟، (لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين) !..".
كما تطرق سماحته الى كلمة ومفهوم الاحسان والمحسنين الذي ورد في سورة هود وعدد من الايات في سور مباركة اخرى ، مشيرا الى أن هذا :الاحسان في رأيي لايعني فقط اعطاء صدقة ما لفقير وماشابه، ولاينحصر بذلك، بل يعني في دائرة اوسع واعمق، الاصلاح، والوقوف بوجه الظالم و الدفاع عن الحق، هذا الاحسان الحقيقي .." مؤكدا في هذا الجانب على أن من اهم واكبر مهمات الرساليين وحملة العلم ، اداء مسؤولية ودور( النهي عن الفساد والمنكر وتحدي كل الصعوبات والتحديات التي تواجههم في هذا الطريق بالصبر والاستقامة)موضحا "نحن بين فترة واخرى حينما تمر علينا غيمة وغفلة السبات يجب أن نجدد عزيمتنا ونصقل ارادتنا، ونفكر ونعود الى انفسنا ونعيد حساباتنا، فكل منّا بشر تصيبه الهفوات والغفلة وقد تلهيه المشاكل ومايواجهه من مصاعب وتحديات واغراءات في هذه الحياة..) وشدد سماحته في هذا الجانب على ضرورة أن تسود علاقات الاخاء والاصلاح والتعاون والتعاضد بين الحوزات العلمية وعلمائها وطلبتها،بما يمكن هؤلاء من ممارسة دور ومسؤولية ورسالة الاصلاح بثقة وبروح عالية وعزيمة قوية، منوها الى أن بوجود امثال هؤلاء المؤمنين والعلماء والعاملين المخلصين للاصلاح الناهين عن الفساد والمنكر والظلم ، يحفظ الله تعالى بلادنا وباقي البلاد، وينزل عليها رحمته وبركاته، حيث يقول تعالى (وما كان ربك ليهلك القرى بظلم واهلها مصلحون) .
|
|