التولي والتبرؤ.. علامة على الطريق الصحيح
|
*رزاق عبد علي
(،.يا أبا عبد الله إني اتقرب الى الله والى رسوله والى أمير المؤمنين والى فاطمة والى الحسن واليك بموالاتك وبالبراءة ممن قاتلك ونصب لك الحرب وبالبراءة ممن أسس أساس الظلم والجور عليكم وأبرء الى الله والى رسوله ممن أسس ذلك وبنى عليه بنيانه، برئت الى الله واليكم منهم واتقرب الى الله ثم اليكم بموالاتكم وموالاة وليكم وبالبراءة من اعدائكم،.وبالبراءة من اشياعهم واتباعهم،. إني سلمٌ لمن سالمكم وحربٌ لمن حاربكم ووليٌ لمن والاكم وعدوٌ لمن عاداكم،.)
مقطع من زيارة عاشوراء المروية عن الامام الصادق (عليه السلام)؛ وهو مقطع الموالاة لاهل البيت والبراءة من اعدائهم، الا ان الملاحظ في هذا المقطع هو التأكيد على البراءة من اعدائهم اكثر من قضية الموالاة لهم، وربما كان ذلك لان التبرؤ لا يقل اهمية عن التولي، وكلاهما يحتاج الى استعدادات وشجاعة، إلا ان التبرؤ أصعب، لان نتائجه عادة اخطر، فقد يُسمح لكم بموالاة اهل البيت دون التبرؤ من اعدائهم، ولكن لن يسمحوا لك العكس، هم يريدون التولي مفرغا من التبرؤ، ولو فعلنا ذلك لقبلونا ولتعايشوا معنا.
فهناك الكثير من الناس ممن يودّ اهل البيت ويحبهم لكنه لا يتبرأ من اعدائهم، والقضيتين متلازمتين، ولا يمكن التقرب الى الله سبحانه الا بهما، فلا يستطيع أحد ان يتقرب الى الله سبحانه بالتوحيد دون العدل أو دون بقية أصول الدين الاخرى، كذلك الحال لا يمكن التقرب الى الله سبحانه بالصلاة دون التولي والتبرؤ، والذين يكتفون بالموالاة دون البراءة انما يضيعون الامرين.
ان الجيش الذي شارك في قتل الامام الحسين (عليه السلام) كان تحت راية الولاء للنبي والاسلام، لكنه ولاءً فارغاً من المحتوى، فعندما لم يتبرؤا من اعداء محمد وآل محمد، صاروا في خط اعدائهم، وهو خط العداء للاسلام حتى لو كانت الراية مرفوعة تحت شعاره، ومن المهم ان يختار المؤمن الراية التي يجاهد تحت لوائها، فقد تكون راية عداء لاهل البيت وان رُفعت باسمهم، ما دامت لا تتبرأ من اعدائهم وظالميهم، وقد يرفع هذه الراية المزورة أي طالب جاه او سلطة او طامح في المكاسب الشخصية ولكن على اكتاف آل محمد، كما فعل ذلك بني العباس عندما رفعوا أهم شعار وأكثره حساسية وهو (يالثارات ا لحسين).
ان موالاة الحسين والتبرؤ من اعدائه، كرامة ما بعدها كرامةْ، (...فاسأل الله الذي اكرمني بمعرفتكم ومعرفة اوليائكم ورزقني البراءة من اعدائكم ان يجعلني معكم في الدنيا والآخرة)، ولكي نصل الى هذه الكرامة علينا ان نعمق معرفتنا بالحسين واهل البيت (عليهم السلام)، ثم معرفة اولياءهم واعدائهم اليوم، فنلتزم بموالاة الاولياء ونجاهد الاعداء تحت رايتهم، اذ كيف نكون مع الحسين (عليهم السلام) في الدنيا ونحن لا نعرف من هو الامتداد لنهجه، وكيف نحارب اعدائه ونحن لا نعرف هوياتهم، ان التولي والتبرؤ حضور دائم في القلب والواقع والممارسة، والجهاد تحت راية الموالين لاهل البيت والمتبرئين من اعدائهم هو ضمانة اصابة فريضة التولي والتبرؤ باذن الله.
جاء في الزيارة الجامعة الكبيرة: (بموالاتكم عّلمنا الله معالم ديننا واصلح ما فسد من دنيانا وبموالاتكم تمت الكلمة وعظمت النعمة وائتلفت الفرقة وبموالاتكم تُقبل الطاعة المفترضة، رضينا بهم ائمة وقادة وسادة، لا نبغي بهم بدلاً ولا نتخذ من دونهم وليجة، وبرئنا الى الله من كل من نصب لهم حرباً من الجن والانس من الاولين والاخرين وكفرنا بالجبت والطاغوت والاوثان الاربعة واشياعهم واتباعهم وكل من والاهم من الجن والانس من اول الدهر إلى آخره).
|
|