قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام

ابو "الطـّوبة " هو رئيس الوزراء !
علاء هادي الحطاب
عندما كنا صغارا لا نعرف طعم الديمقراطية كما نعرف طعم ( لفة اللبلبي) كنا نلعب ( بالدربونة ) كل يوم كرة القدم (الطوبة ) وطبعا لم تكن لعبتنا حينها ديمقراطية اذ لا وجود لحكمٍ بيننا فكلنا لاعبون وكلنا حكام لذلك فنحن "نلعب نصف ساعة ونتعارك اربع ساعات" دون ان نصل الى نتيجة الغالب والمغلوب. .
ودائماً ما تنتهي لعبتنا بـ"عركة" ونزاع نعود بعدها الى بيوتاتنا الصغيرة غير الديمقراطية. لسيطرة ابي واخي الكبير على كل مقاليد الحكم فيها. وليس لنا وامي سوى ان نسمع ونطيع من دون ان نناقش اطلاقا. . ثم ما نلبث حتى نلتقي بزملاء الطوبة وكأن عِراكنا لم يكن ونمضي معاً لإكمال يومنا حتى مسائه.
ما لم نختلف عليه في لعبتنا هو ان "صاحب الطوبة "، أي صاحب كرة القدم.. هو من يكون كابتن الفريق واي فريق يختار، وهو من يملك الصلاحيات الحصرية لبدء اللعبة وانتهائها لخشيته على كرته من ان تتمزق في العركة، وبالتالي فما ان يأتي صاحب الطوبة حتى نقف متسمرين امامه وكلنا يبدي له المودة كي لا يزعل من احدنا لأن ( المزعول) منه يطرد من اللعبة. .
طبعا ماكو ديمقراطية.. كل ما تقدم والطوبة عادة ما تكون نايلون وليست ( كريكر) و لاعبو طوبة الدرابين حفاة الاقدام يعرفون ماذا تعني الطوبة عندما تكون ( كريكر).
اليوم تشكيل الحكومة العراقية اشبه بلعبة الطوبة، لكن بزي ديمقراطي ومسميات كبيرة ( المادة 76 والمادة 72 والاسقف الدستورية، رأي المحكمة الاتحادية، انتخاب هيئة الرئاسة، مرشح الكتلة الاكبر، الكتلة الفائزة، النيابية الاكثر عددا، مهلة شهر لتشكيل الحكومة، منح الثقة )..
وهكذا مصطلحات كبيرة وجميلة، وبالتالي جميع اللاعبين اليوم ما زالوا يؤدون تمارين الاحماء ولم يأت صاحب الطوبة الذي يملك صلاحيات بدء اللعبة ديمقراطيا. . والاختلاف هنا : من هو صاحب الطوبة ( الكريكر) ؟!.
طبعا كل لاعبي اليوم يملكون طوبات !، وكل منهم يرى انه الاولى والاجدر بأدارة اللعبة وان طوبته الكريكر هي الاصلح للّعب ليتم طرد المزعول منه ويُقرب المرضي عنه حتى يضمن نتيجة المباراة وان انتهت بعركة و بزعل بين اللاعبين، لكن يبقى صاحب الطوبة الاوفر حظاً بين الجميع.
وسط كل هذا لم ينتبه اصحاب الطوبات الى اللاعبين الاخرين الذين لم ولن تكتمل اللعبة الا بوجودهم اذ انهم العنصر الاهم لإتمام اللعبة، لكن عجرفة اصحاب الطوبات ميسوري الحال اعمتهم عن النظر الى الاخرين، وهذا هو حال المشهد السياسي اليوم اذ لا ناظر الى اللاعب الاساس في طوبة الديمقراطية وهو الناخب العراقي، بل الكل يبحث عن الزعامة، أي رئاسة الوزراء، وادارة اللعبة، دون النظر الى المصلحة العامة وهموم اللاعب. . الناخب..
والدليل ان نتيجة لعبة اربع سنوات مضت كانت اكثر من 340 مليار ترليون ميزانية اتحادية مقابل صفر خدمات وبنى تحتية. ومع هذا مازال اللاعب الاهم "الناخب" يتسّمر امام صاحب الطوبة راجيا رضاه !.. فلا اعرف متى يعي ذلك اللاعب الرئيس انه من يملك قرار اللعبة وليس صاحب الطوبة ؟.
ــــــــــــ