لنغتنم فرصة الأيام الأخيرة
شعبان المعظّم .. شهر النبي الأكرم (ص)
|
*إعداد / كريم الموسوي
تجتمع في شهر شعبان المعظم المناسبات السعيدة الخاصة بأهل البيت (عليهم السلام) والاعمال العبادية المسنونة والمؤكدة من النبي الأكرم وأهل بيته الكرام، وبما ان الاجواء الاجتماعية في مجتمعاتنا الاسلامية، لاسيما المجتمع العراقي متعطشة لنسمات الفرح والبهجة التي تمنحه الأمل بمستقبل أفضل، لاسيما وان الفرحة والبهجة خاصة بذكرى مولد منقذ البشرية وصاحب العصر والزمان الامام الحجة المنتظر (عجل الله فرجه)، من أجل كل ذلك ربما يغيب عن ذهن البعض ما لهذا الشهر العظيم من فضائل عظيمة على الانسان قد توصله – ان كان مؤهلاً- الى أهدافه وطموحاته في الحياة الدنيا والآخرة.
وبعد أجواء البهجة والسرور التي عمّت العراق وسائر البلاد الاسلامية ابتداءً من الأول من شهر شعبان المعظم حيث ذكرى الولادات المعطرة والسعيدة لكل من الامام الحسين وأخيه أبي الفضل العباس وابنه علي الأكبر وابنه الامام السجاد والامام صاحب العصر والزمان (صلوات الله عليهم أجميعن)، نتقدم نحو نهاية هذا الشهر الفضيل الذي هو شهر رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وكان يدأب في صيامه وقيامه، كما جاء في الدعاء المأثور، وعندما نطوي هذه الأيام الأخيرة فهذا يعني أننا على أعتاب شهر الله ، وشهر العبادة المطلقة، شهر رمضان المبارك، إذن؛ علينا اغتنام فرصة هذه الايام لنكون على أتم الاستعداد لاستقبال الشهر الكريم، والحضور على المائدة السماوية.
جاء في الاحاديث الشريفة إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يصوم هذا الشهر ويوصل صيامه بشهر رمضان، وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول : (شعبان شهري من صامَ يوماً من شهري وجبت له الجنّة)، و روى عن الصّادق (عليه السلام) انه قال: كان السّجاد (عليه السلام) اذا دخل شعبان جمع أصحابه وقال: يا أصحابي أتدرون ما هذا الشّهر؟ انه شهر شعبان وكان النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: شعبان شهري، فصوموا هذا الشّهر حُبّاً لنبيّكم وتقرّباً الى ربّكم، أقسم بمن نفسي بيده لقد سمعت أبي الحسين (عليه السلام) يقول : سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول : من صام شعبان حُبّاً لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وتقرّباً الى الله أحبّه الله وقرّبه الى كرامته يوم القيامة وأوجب له الجنّة .
وجاء في كتباب (مفاتيح الجنان) للشيخ عباس القمي (طاب ثراه) نقلاً عن صفوان الجمّال قال: قال لي الصّادق (عليه السلام) حُثّ من في ناحيتك على صوم شعبان، فقلت: جعلت فداك ترى فيه شيئاً ، فقال : نعم انّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان اذا رأى هلال شعبان أمر منادياً ينادي في المدينة : يا أهل يثرب انّي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) اليكم ألا انّ شعبان شهري فرحم الله من أعانني على شهري . ثمّ قال انّ أمير المؤمنين (عليه السلام) كان يقول: ما فاتني صوم شعبان منذ سمعت منادي رسول الله (عليه السلام) ينادي في شعبان، ولن يفوتني أيّام حياتي صوم شعبان ان شاء الله تعالى ، ثمّ كان (عليه السلام) يقول : صوم شهرين متتابعين توبة الله .
و روى اسماعيل بن عبد الخالق قال: كنت عند الصّادق (عليه السلام) فجرى ذكر صوم شعبان فقال الصّادق (عليه السلام): انّ في فضل صوم شعبان كذا... وكذا... حتّى انّ الرّجل ليرتكب الدّم الحرام فيغفر له.
هذا ما كان من بعض فضائل وأهمية صيام شعبان المعظم، أما سائر الاعمال المندوبة من صلوات ودعوات فهي كثيرة وعديدة مذكورة في كتب الأدعية لاسيما (مفاتيح الجنان) الذي لا أخال بيتاً لمؤمن يخلو منه، واذا تصرّمت الأيام والليالي التي حُظيت بأعمال خاصة وعظيمة مثل اليوم الأول وليالي البيض وليلة الخامس عشر، فان هذا لا يعني انتهاء الفرصة للإنابة والتوبة والتقرب الى الله تعالى بواسطة حبيبه ونجيبه نبينا الأكرم (صلى الله عليه وآله)، فالاعمال العامة قائمة حتى نهاية هذا الشهر المعظم، منها:
أولاً: أن يقول في كلّ يوم سبعين مرّة: (اَسْتَغْفِر اللهَ وَاَسْأَلُهُ التَّوْبَةَ).
الثّاني: أن يستغفر كلّ يوم سبعين مرّة قائلاً: (اَسْتَغْفِر اللهَ الّذي لا اِلـهَ اِلاَّ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحيمُ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَاَتُوبُ اِلَيْهِ) و وردت كلمة (الحي القيّوم) في بعض الرّوايات قبل كلمة (الرَّحْمنُ الرَّحيمُ) وبأيّ الروايتين عمل فقد أحسن الاستغفار، كما يستفاد من الرّوايات أفضل الادعية والاذكار في هذا الشّهر، ومن استغفر في كلّ يوم من هذا الشّهر سبعين مرّة كان كمن استغفر الله سبعين ألف مرّة في سائر الشّهور .
الثّالث : أن يتصدّق في هذا الشّهر ولو بنصف تمرة ليحرم الله تعالى جسده على النّار، وعن الصّادق (عليه السلام) انّه سئل عن صوم رجب ، فقال : أين أنتم عن صوم شعبان ، فقال له الراوي : يا ابن رسول الله وما ثواب من صام يوماً من شعبان ؟ فقال : الجنّة والله ، فقال الراوي: ما أفضل ما يفعل فيه ، قال: الصّدقة والاستغفار، ومن تصدّق بصدقة في شعبان رباها الله تعالى كما يربى أحدكم فصيله حتّى يوافى يوم القيامة وقد صار مثل أُحد .
الرّابع : أن يقول في شعبان ألف مرّة: (لا اِلـهَ إلاَّ اللهُ وَلا نَعْبُدُ إِلاّ اِيّاهُ مُخلِصينَ لَهُ الدّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)، ولهذا العمل الشّريف أجر عظيم، ويكتب لمن أتى به عبادة ألف سنة .
الخامس: أن يصلّي في كلّ خميس من شعبان ركعتين يقرء في كلّ ركعة فاتحة الكتاب مرّة وقل هو الله احد مائة مرّة فاذا سلّم صلّى على النّبي وآله مائة مرّة، ليقضي الله له كلّ حاجة من أمور دينه ودنياه، ويستحبّ صيامه ايضاً ففي الحديث تتزيّن السّماوات في كلّ خميس من شعبان فتقول الملائكة : الهنا اغفر لصائمه وأجب دعائه. وفي النبوي : من صام يوم الاثنين والخميس من شعبان قضى الله له عشرين حاجة من حوائج الدّنيا وعشرين حاجة من حوائج الاخرة .
السّادس : الاكثار في هذا الشّهر من الصّلاة على محمّد وآله .
السّابع : أن يصلّي عند كلّ زوال من ايّام شعبان وفي ليلة النّصف منه بهذه الصّلوات المرويّة عن السّجاد (عليه السلام): اَللّـهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد، شَجَرَةِ النُّبُوَّةِ، وَمَوْضِعِ الرِّسالَةِ، وَمُخْتَلَفِ الْمَلائِكَةِ، وَمَعْدِنِ الْعِلْمِ، وَاَهْلِ بَيْتِ الْوَحْىِ، اَللّـهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد الْفُلْكِ الْجارِيَةِ فِي اللُّجَجِ الْغامِرَةِ، يَأْمَنُ مَنْ رَكِبَها، وَيَغْرَقُ مَنْ تَرَكَهَا، الْمُتَقَدِّمُ لَهُمْ مارِقٌ، وَالْمُتَاَخِّرُ عَنْهُمْ زاهِقٌ، وَاللاّزِمُ لَهُمْ لاحِقٌ ....)، الى آخر الدعاء المعروف الذي يجدر بالمؤمنين تلاوته عقب كل صلاة وحفظه على ظهر القلب، فله الاثر الكبير على صفاء النفس وطهارتها مما ينعكس قطعاً على مجمل حياة الانسان وسلوكه ومواقفه. إذن؛ لنغتنم الفرصة قبل زوالها، فالقدرة والنجاح في ذلك يضمن لنا النجاح أيضاً في تكرارها في شهر رمضان المبارك، و ربما اقتضت الحكمة الإلهية أن يسبق رمضان المبارك شهري رجب الأصبّ وشعبان المعظّم ليكون مدخلاً لشهر الله والدعوة الى ضيافته سبحانه وتعالى.
ــــــــــــ
|
|