قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام

العلمانية بالثوب الإسلامي !
إيمان شمس الدين
بدأت العلمانية كنظرية فكرية تطرح نفسها على الساحات الاجتماعية بكل المصاديق منذ ثورة العصور القروسطية، التي رفعت شعار فصل الدين (أي الكنيسة) عن الدولة، وهو فصل كان له نفع، ولكن في تلك الساحات الأوروبية لما مارسته الكنيسة باسم الدين من ممارسات سلطوية تعسفية حجرت على العقل البشري وعلى السلوك الإنساني الذي وضعته ليس تحت الرقابة الإلهية، بل تحت رقابتها من خلال محاكم التفتيش.وتطورت ممارسة النظرية العلمانية من الفصل السياسي إلى فصل الدين عن كل مناحي الحياة في هذا العصر، سواء على المستوى السياسي أم الاقتصادي وحتى الاجتماعي ليتحول الدين إلى مجرد طقوس يؤديها الغربيون في الكنيسة فقط مرة كل أسبوع أو حسب مزاجية الفرد.
ورغم أن الإسلام جاء ليحكم الحياة الانسانية حكما انسانيا حضاريا يفجر فيها طاقاته ويوجه سلوكه ويرتقي به، وله نظرياته السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي وضع لها أصولا ثابتة وأخرى متحركة ليخاطب كل الأزمنة والأمكنة وكل العقول، لكن المسلمين الذين أعلنوا رفضهم للعلمانية النظرية التي تفصل الدين عن الحياة مارسوا العلمانية على المستوى العملي في المجتمع !. فأصبحت لدينا علمانية عملية بثوب إسلامي، فالمتتبع لأوضاع الاسلاميين بصورة عامة وغالبا وليس مطلقا، يجد أن الدين تحول إلى مجرد مجموعة من الطقوس الظاهرية التي يجب أن تؤدى في المسجد أو في أوساط المتدينين فقط، أما باقي مناحي الحياة والمجتمع فلا شأن لنا بها !. فبداية تقلص فهم الدين من حاكم للحياة إلى مجموعة عبادات، ثم تقلص حراك المتدينين من حراك يغطي كل المجتمع والحياة إلى حراك جغرافي تقتصر جغرافيته على مكان تواجد المساجد وبيوتات من نلتقي معهم في ما نؤمن به .. فكريا وحزبيا. ولم نتساءل يوما ما: على من تقع مسؤولية انحراف الاجيال وضياع هويتهم؟ ومن المسؤول عن الفساد الذي تفشى في مراكز الدولة ووزاراتها؟.
إن الدين جاء لخدمة الإنسان والارتقاء به، وهو ليس مجموعة من العبادات الظاهرية فقط ،المقتصرة على بقع جغرافية معينة، بل هو موجود في كل مكان وله حراكية على شتى أنحاء الأرض، ولكن بشرط أن نبشر ولا ننفر ونيسر ولا نعسر.