مصر و"وهابية الأمير" السعودي
|
شن الكاتب المصري ورئيس تحرير صحيفة "الدستور المصرية، إبراهيم عيسى، هجوما ونقدا لاذعا، للوهابية، وجرائمها ،وتكفيرها للمسلمين، والدعم الذي تلقاه من اسرة آل سعود الحاكمة، جاء ذلك في مقال له، رداً على مقال كتبه مايسمى بـ" أمير" منطقة الرياض، سلمان بن عبدالعزيز، يدافع فيه عن الوهابية، زاعما أنها تمثل " العودة إلى الأصول الصحيحة للعقيدة الإسلامية الصافية "، ونشرته صحيفة "الحياة"، مؤخراً، ومما جاء في مقال عيسى المعنون " وهابية الأمير"، قوله : لا أعرف لماذا يعد الأمير سلمان بن عبدالعزيز - أمير منطقة الرياض- أن إطلاق مصطلح "الوهابية" علي دعوة محمد ابن عبدالوهاب تشويه وإساءة لأفكار ابن عبدالوهاب، بينما لا يجد الأمير في إطلاق مصطلح "السعودية" علي حركة محمد بن سعود، أي مشكلة؟!. يبدو أن الأمير قد انفعل في مواجهة كتابات تنتقد وتهاجم الوهابية ودعوتها وأفكارها، فكتب مقالاً في جريدة "الحياة" السعودية يقول لنا فيه إن الوهابية عودة إلى الأصول الصحيحة للعقيدة الإسلامية الصافية، !، آه.. هنا مكمن الخطر الوهابي، فكأن الأمير بتعريفه الوهابية يطعن في مخالفيها ومعارضيها ويرميهم خارجًا، فالوهابية إذن هي الأصول الصحيحة مما يعني أن عداها غير ذلك (أو عكس ذلك)، ثم ينبهنا الأمير - في قسوة واضحة - إلى أنه كيف يطالب البعض بإصلاح مضامين الدعوة (الوهابية) بينما - على حد قوله - هي تلك المضامين التي نادى بها القرآن الكريم والسنة النبوية!!. وهكذا يا سمو الأمير قررت لنا أن الوهابية هي مضامين القرآن والسنة، ومن ثم مَنْ يخالفها ويعارضها إنما يخالف ويعارض السنة، ما كل هذه السماحة والاستنارة؟!. هذه هي بالضبط مشكلة الوهابية يا أمير، إنها تدعي وتزعم أنها الممثل الشرعي للقرآن والسنة وأن فهمها - وهي حرة فيه - للإسلام هو الفهم الصحيح الصافي وكأنه احتكار لفهم الدين ونفي لفهم الآخرين، ولا تواضع على الإطلاق في إطلاق هذه الأحكام النهائية؛ فالوهابي لا يسمح لنفسه بأن يقول هذا فهمي للدين وهذه طريقتي في استيعاب معانيه ومراميه، بل الوهابي والأمير سلمان نموذج مدهش في وضوحه المتحمس، هنا يقول إن الوهابية هي الإسلام الصحيح الصافي!؟. طبعًا لن أتحدث معه ولا مع غيره في كيفية نجاح هذا الإسلام الصافي في التمكن من السيطرة العقلية على أهل الحجاز، ولن أعود عشرات السنين لتفاصيل المجازر والمذابح الجماعية التي جرت عند التأسيس الأول للوهابية ضد مسلمين في الجزيرة لفرض هذا الإسلام الصافي!! لكنني فقط سأتوقف عند ملامح الوهابية التي هي عند الأمير الإسلام الصافي، فأذكره بأنها التي رفض شيوخها ومفتوها الاعتراف بأن الأرض كروية تدور حول نفسها، وهي التي منعت حتى وقت قريب تعليم البنات والنساء، وهي التي تحرمهن من قيادة السيارات مثلا .. وهي التي تُكفر الشيعة، وهي التي تُحرِّم الانتخابات، وهي سلسلة كاملة من الفهم الضيق الشكلي القشري للدين، وهي نموذج في الأحادية وغياب التسامح مع المذاهب الإسلامية الأخري والتعصب ضد الأديان الأخرى !. ومع ذلك فهي حرة ومن يعتنقها أحرار في فهمهم وتصوراتهم، لكن مشكلتنا معها أنها تحاول فرض نفسها على المسلمين، وعندما توفرت لها الثروة النفطية امتدت لتغزو العالم العربي ومصر تحديدًا عبر تمويل مئات الجمعيات وعشرات من دور النشر والصحف والمحطات الفضائية ومواقع الإنترنت، بل الأزهر الشريف ومناهجه !، والجامعات والكليات المتخصصة والشيوخ والأئمة، وطبعت ملايين النسخ من الكتب التي تتبناها ووزعت مئات الآلاف من الكتب التي تروج لأفكارها وتتهم فيها الآخرين من المتصوفة والشيعة والمجددين المجتهدين بالمروق من الدين، لذلك أستطيع أن أؤكد أن السعودية دولة صديقة لمصر، لكن الوهابية خصم مذهبي وفقهي للمصريين، فهي ضد الفهم المصري السمح (أو الذي كان سمحًا قبل الغزو الوهابي) للإسلام وفروضه وشعائره وفقهه، وقد تجاوزت الوهابية الممولة سعوديًا حدود العالم العربي إلي الكون الإسلامي والغربي، وجعلت نفسها حكمًا في الدين وحكمًا علي دين الآخرين!. يتحدى الأمير سلمان فيقول (من يستطع أن يجد في كتابات الشيخ محمد بن عبدالوهاب ورسائله أي خروج على الكتاب والسنة وأعمال السلف الصالح فعليه أن يبرزه ويواجهنا به)، لكن الحقيقة أنني مثلا لا أريد أن أواجه الأمير؛ لأنني لا أقول إن الوهابية خرجت على الكتاب والسنة، بل أقول إنها فهمت الكتاب والسنة على نحو يخصها وبطريقتها، وهي حرة ونحن أحرار في أن نفهم بطريقة أخرى أو مغايرة، ثم إن أعمال السلف الصالح هي أعمال لرجال سبقونا، ولنا أن نتخذها قدوة ولنا أن نختلف معها أو نفهمها بطريقتنا ونتعامل معها وفق فهمنا لضرورات العصر وطبقًا لصلاحية الدين الإسلامي لكل زمان ومكان، لكن الجمود عندها والتصلب الحاد في التمسك بها دون اجتهاد ولا إعمال للعقل هو أمر وهابي جدًا!
|
|