قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام

التوبة السياسية أساس الإصلاح والتغيير
غريب مراد
في الغالب الأعم نفهم التوبة في الإطار الفردي، شأنها شأن التقوى، حيث الخطابات الدينية المنغلقة على الواقع الاجتماعي والسياسي قلما تبعث خطابات فعالة وخلاقة للتوبة في مجال السياسة العام والخاص للأشخاص والأحزاب والحركات والتيارات المؤثرة في واقع الأوطان العربية والإسلامية ومستقبلها.
بصراحة: هناك حاجة ماسة لخطاب عن التوبة السياسية في ظل ما يشهده الواقع العراقي ، وكذلك العربي والإسلامي من تحولات جوهرية على المستوى السياسي، لأن عالم السياسة العربي تلوث بالذنوب السياسية الكبيرة خلال العقود الأخيرة.
بكلمة: هناك علاقة دقيقة وإستراتيجية بين مشاريع الإصلاح والتغيير والتجديد التي تنادي بها القوى الاجتماعية والسياسية المتطلعة لمستقبل أفضل، مع مطلب التوبة إلى الله، لأنه لا يمكن تصور تغيير كبير وعميق خارج قيمة التوبة إسلاميا!. كيف ذلك؟، هذا البعد هو صميم وروح الحركة في الثقافة الإسلامية التي تؤسس لواقع صالح وفعال، فالتوبة من القضايا الأساسية التي حثت عليها الشريعة الإسلامية السمحة، فالتوبة إلى الله كموضوع في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة تحتل مساحة أكبر لأنها صمام الأمان بالنسبة للشخصية الإسلامية على مستوى الذات والاجتماع في الحاضر والمستقبل، ونظرا لموقعية السياسة المهمة في معادلة صناعة العدل الإسلامية، كانت التوبة إلى الله مطلباً رئيسياً لرواد فضاءات السياسة عامة وللمتبارين سياسيا خاصة، ولكل المجالات المتعلقة أو المرتبطة بالسياسة كمركز ثقل في شبكة علاقات الاجتماع العام...
ببساطة: التائب إلى الله سياسيا قادر على تفعيل معاملات الإصلاح والتغيير والتجديد، بحصانة نفسية واجتماعية عالية وينال لطفا إلهيا عظيما يثير دفائن عقله ويسدد خطاه، وكمثال على ذلك: المترشح في أي انتخابات لعهدات جديدة يحتاج للتوبة شأنه شأن ذلك المترشح الجديد، لأن الأول بحاجة للتخلص من أوهام العصمة والخبرة المتعاظمة والثاني بحاجة للابتعاد عن الوساوس والأطماع المبرمجة، على هذا الأساس وجب الالتفات لمطلب التوبة سياسيا لأهل السياسة وأيضا لأهل الإعلام كسلطة رابعة.
أما بعد: تبقى محددات التوبة واجبة الاستيعاب ضمن برنامج الارتقاء في سلم التقوى، ولعل أول من يجب أن يدرك هم عامة الفاعلين في الحقل السياسي ، سواء منهم الرسميون أو المعارضون، ناهيك عن نخب الشعوب الدينية والمثقفة، ثم وفق هذا المسار يكون الإصلاح شاملا وعادلا ...و الله من وراء القصد.