قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام
المرجع المدرسي "دام ظله" يؤكد أن لا أحد أقليميا او دوليا يمكنه خداع العراقيين أو يقوّض مَنَعتِهم:
الشعب أثبت استقامته أمام الديكتاتورية و التحديات وعلى ممثليه الجدد حمل الأمانة والتفكير بعقلية جماعية
الهدى / كربلاء المقدسة:
على أبواب إنعقاد البرلمان المقبل و تشكيل الحكومة المنتخبة الثانية في العراق دعا سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد محمد تقي المدرسي "دام ظله" المسؤولين في الكتل والأئتلافات و نواب البرلمان الجدد بالتفكير الجماعي وتحمّل مسؤولية خدمة وحماية الشعب العراقي، الذي يواجه ويتحمل معاناة وحرمان، ومؤامرات ومكائد الأطراف الأقليمية والدولية، كما دعا ابناء الشعب الى المزيد من الاستقامة على طريق أهل البيت والامام الحسين (عليه السلام) لتلمّس طريق النجاة والتقدم.
جاء ذلك في المحاضرة الاسبوعية التي القاها سماحته على حشد من الوفود والزائرين، مساء الخميس، في مكتبه بكربلاء المقدسة، وتساءل بدايةً عن السر في صمود واستقامة الشعب العراقي رغم مرور مختلف أنواع المحن والرزايا من حروب كارثية وحصار اقتصادي واضطهاد مارسه النظام الديكتاتوري البائد، وقال إن هذا ما أثار استغراب المحللين السياسيين وعلماء نفس الشعوب، أن كيف استقام هذا الشعب ولم تتأثر ثوابته وأخلاقه رغم كل هذه التحديات والصعوبات المتلاحقة؟.وفي معرض إجابته أوضح سماحة المرجع المدرسي بأنه لولا العوامل الذاتية التي ارتكزت عليها قوائم هذا الشعب المسلم لكان قد انهار منذ زمان بعيد، ودعا سماحته في سياق حديثه الى استحضار عوامل الاستقامة في هذا الشعب لا لكي نفتخر بها، وإنما لكي نستمر على هذه الاستقامة ونواجه ما تبقى أمامنا من الصعوبات على الطريق، ولكي لا يفكر أحد هنا أو هناك من الأطراف الإقليمية أو من وراء البحار بأنه قادر على أن يخدع هذا الشعب أو يقوّض ممانعته وينتقل به من حالة الى أخرى.
وأكد سماحته في هذا السياق إن الشعب واجه أبشع ديكتاتور في المنطقة خلال العقود الاخيرة، جرّ العراق وشعبه الى ويلات الحروب وكاد أن يقايض البلاد والمنطقة كلها مقابل بقائه على كرسي الحكم، وقال سماحته: سانقل لكم صورة عن المخادعة التي اتقنها الطاغية، و قبل الساعة الأخيرة التي سبقت اعدامه، فقد طلب التفاوض مع الأمريكان بأن يعيدوه الى الحكم مقابل تعهده بالمقابل بإنه سيخضع لهم العالم العربي بأجمعه !!، وقال سماحته: إن هذا الكلام صدر من شخص طالما إدعى الوطنية ومقاومة الاحتلال، واضاف: إن صدام بشعار الوحدة و الحرية كان يقتل وينهب ويبدّل ويحطم كل القيم الانسانية والدينية، ويستخدم مختلف أنواع الأسلحة الممنوعة دولياً في الحروب ضد شعبه كما فعل في حلبجة، وحملة ماسمي بالأنفال، كما فرض التنكيل والأضطهاد ضد ابناء الوسط و الجنوب قبل وبعد الانتفاضة الشعبانية المباركة، كل ذلك و العالم كان يتفرج ويغض الطرف !. وأكد سماحته انه بالرغم من الحروب الكارثية وما أفرزتها من مخلفات ثقيلة على نفوس العراقيين، وبالرغم من سياسات ومحاولات النظام البائد للتغيير والتشويه، إلا ان الشعب العراقي بقي صامداً متمسكاً بمبادئه وقيمه، وليس أدلّ على ذلك الزيارات المليونية نحو مرقد الامام الحسين (عليه السلام) التي تشهدها كربلاء المقدسة كل عام. ثم تطرق سماحته الى عوامل الاستقامة التي ساعدت الشعب العراقي على الوقوف بوجه كل التحديات والمؤامرات طيلة السنوات الماضية؛ وقال ان العامل الأول هو القرآن الكريم، حيث إن الشعب العراقي، شعب عربي يحب القرآن الكريم ويقرأه ويستحضره ويتدبر فيه ويتفاعل مع آيات القرآن... أما العامل الثاني، فهو التزام هذا الشعب بقيمه ومبادئه، وهذا مشهود له على طول التاريخ، حيث كان مسرحاً للغزوات من الشرق والغرب، وقد تعلّم كيف يتعامل مع المحتل والغزاة. لذا نجد الشعب العراقي تمكن على الدوام من أمتصاص و احتواء الهجمات والتحديات مع ان ملايين البشر قتلوا في تلك الحملات الدموية. والعامل الثالث، هو طبيعة التماسك الاجتماعي والكثير من التقاليد العشائرية التي عززت من الروابط والعلاقات بين أفراد هذا المجتمع..
ووجه سماحته حديثه الى المسؤولين في البلاد و النواب المنتخبين وحثّهم على التفكير بمصلحة الشعب العراقي قبل أي شيء آخر، وقال: إن الذي يتسنّم مسؤولية في الحكومة الجديدة أو منصباً معيناً، أنما هو مسؤول عن خمسة ملايين يتيم وثلاثة ملايين أرملة ودماء خمسة ملايين شهيد سقطوا في هذا البلد. وفي الوقت ذاته دعا سماحته ابناء الشعب أيضا الى الوقوف بقوة في صف واحد وأن لا يتركوا الساحة و يقولوا (لا شأن لنا...)، واشار سماحته الى أنه اذا قام كل عراقي صغير أو كبير بدوره، لن يستطيع او يفكر أحدٌ في المنطقة من المتربصين هنا وهناك، بأن ينقض علينا ويجعلنا مصداقاً لمقولة (اذا سقط الجمل كثرت سكاكينه)، ولن يتمكن أحد من ثني هذا الشعب واستغلاله والسيطرة عليه. والذي جاء من الخارج سيعود من حيث أتى.. (تفاصيل أكثر في العدد القادم ص6)