المرجع المُدرّسي في لقائه مع علماء الدين وطلبة الحوزة العلمية في كربلاء المقدسة:
الكلمة الطيبة للعلماء والحوزة العلمية هي التي تخلق (ربيع) التغيير في العراق
|
الهدى / كربلاء المقدسة
دعى سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد محمد تقي (دام ظله) علماء الدين ، واساتذة وطلبة الحوزة العلمية الى التصدّي بثقة وارادة اكبر واعمق لحمل المسؤولية والقيام بالدور الاصلاحي البنّاء في المجتمع والمساهمة في تقويم وتصحيح المسارات في مختلف الابعاد في البلاد و دون تردد او خشية من أحد إلا الله تعالى. وأكد ان دور الحوزة العلمية وعلماء الدين هو الاصلاح بسلاح الموقف و الكلمة الطيبة بما يضمن الأمن والاستقرار في المجتمع ويحقق التقدم والتطور في البلاد. وحذر سماحته من ان غياب هذا الدور الذي وصفه بالنظيف والطيب ربما يسبب ظهور جهات أخرى تقود معارضة لاتفكر بمصير الامة وإنما بمصالحها الخاصة. وفي كلمة لسماحته أمام حشد من طلبة الحوزة العلمية وعلماء الدين في كربلاء المقدسة بمناسبة ذكرى اسشهاد الامام الصادق عليه السلام، طالب سماحة المرجع المدرسي رجال الحوزة العلمية بأن لا يخشوا إلا الله تعالى في قولهم الحق ، مستشهداً بالآية الكريمة من سورة الاحزاب "الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً" وقال: "لا يجب ان تفكروا في رضى هذا او ذاك، او مدح هذا او ذم ذاك، فهذا كله كلام تافه، إنما التقييم الصحيح هو عند الله".
وفي هذا السياق أكد سماحته في حديثه الى علماء الدين بأن تأخذ الحوزة العلمية دورها الحقيقي والمناسب وذلك "بعد ان ننظر ال الى الامور نظرة موضوعية و واقعية في مختلف الابعاد اجتماعيا وسياسيا وغير ذلك ، وقال سماحته موضحاً: "يجب على الحوزات العلمية في البلاد الاسلامية وبالذات في العراق ان تقوم بدور مثالي، وذلك بعد ان تعرف الحوزات وطلبتها قدر أنفسهم، وكما يوقل الحديث : رحم الله إمرء عرف قدر نفسه"، وحذر سماحته في هذا السياق من مغبة التنصّل من هذه المسؤولية منبهاً الى ان "الشيطان يوسوس للانسان بأن لا عليك، ولا تتدخل...!" واصفاً هذا الكلام بـ"الخاطئ، لأن عالم الدين إنما يحمل معه رسالة الدين، فاذا كانت رسالة الدين عاجزة عن القيام بدورها في المجتمع فأية رسالة هذه.. ؟!". وفي معرض إشارته الى التحولات السياسية في البلاد العربية وما يعرف اليوم بالربيع العربي، وبعض الدعوات التي تقول أن هذا الربيع قادمٌ الى العراق، دعا سماحته لأن تكون الحوزة العلمية وعلماء الدين هم من يأتي بهذا الربيع الذي ينتظره الناس في كل مكان، موضحا بالقول: " لاندعو الى حمل السلاح وخوض المواجهة مع هذا وذاك، فهذا كلام غير صحيح، ولايصدق على وضعنا في العراق ، حتى النبي الاعظم صلى الله عليه وآله لم يحمل السلاح الى بعد ما اضطر اليه من قبل اعدائه، ، انما المؤمن عنده كلمة والكلمة أنفذ من السلاح". واضاف مؤكداً :" ان عالم الدين ليس شغله إزاحة هذا المسؤول عن منصبه للجلوس محله، إنما الابقاء عليه ودعمه في حال كان صالحا ، او مع امكانية تحقيق التغيير في قلبه وسلوكه، مثلما اننا لا نريد ان نستولي على الدبابة ونقودها، إنما نريد ان يكون سائق الدبابة نظيفاً، نحن شغلنا في الكلمة الطيبة وهي أمضى واقوى من السلاح..". وفي معرض تأكيده على ضرورة نزول علماء الدين الى الساحة الاجتماعية والسياسية، قال سماحته : " حينما يرى الشعب العراقي القيادات الصالحة التي لا تريد لنفسها شيء، ولا تدعو لنفسها إنما الى القيم الدينية وتريد الخير للناس، حينئذ يستجيبون لخطابهم وكلمتهم"، كما أكد سماحته للحاضرين بأن " الحوزة العلمية يجب ان تقوم بدور اصلاحي وايجابي نظيف بعيد عن الذاتيات والمصالح الشخصية والحزبية".وأوضح سماحته في هذا السياق الى دور الحوزة العلمية الذي يمكن ان تقوم في سبيل التغيير الايجابي في مجالات عدة كالخدمات و القضاء والأمن في العراق، وطالب بأن (تتمثل القيم الاسلامية في شتى مواقعنا و مؤسساتنا، حتى في السجون، وهكذا من يذهب منكم الى وزارتي الدفاع او الداخلية عليه ان يرفع صوته بالمطالبة بالمزيد من الجهد الاستخباري للحؤول دون تعرض الناس للعمليات الارهابية، كما حصل مؤخراً في كربلاء المقدسة، فهذا دليل على وجود خلل أمني، فألى متى يستمر هذا ؟..."، واضاف: "نحن بحاجة الى ان نجدد النظر في الاجراءات الامنية، لان الارهاب يطوّر نفسه باستمرار، واذا لم نطور انفسنا في مواجهته فانه سيوجه ضرباته الينا من حيث لا نشعر، كما أن على اخواننا المسؤولين في الوزارات الامنية وفي قوى الجيش والأمن ان يكونوا قريبين من الناس ويسمعون كلامهم، وأن يذهبوا الى العلماء ويتشاورون معهم .. نرشدهم بقدر ما نستطيع ونضع يدنا بيدهم لان القضية ما لاتتعلق بهم فقط، تلك النظرة السلبية اللي كانت سابقا حول الجيش والشرطة لابد أن نغيرها ، هؤلاء اولادنا و نحن علينا أن نقوم معاهم بعمل وجهد مشترك في سبيل تطهير بلدنا من هذه الزمر الارهابية الخائنة".
وتابع سماحته مخاطبا الحضور :" وهكذا مثلا اذا ذهبت الى وزراة الكهرباء ايضا تكلم ، وقدم رأيك ، طالب بجلب استثمارات من الخارج ، استثمارات داخلية، وليكن تعاون بين القطاع العام والخاص ، الداخلي والخارجي، لحل مشكلة الكهرباء ، فلا توجد مشكلة في العالم حلت بالحكومة فقط ، وهكذا ايضا بشأن ازمة السكن ، فلماذا على العراقيين او حتى الدولة، دفع اموال هائلة على الاراضي التي تسمى بأراضي التجاوز، الحكومة يجب أن تخطط هذه الصحراءوالاراضي البور وتدعم بمقدار من الاموال الناس المحتاجين للبناء.. فلا يتناسب مع الشعب العراقي أن يجلس في الكوخ ! هذا قد يصلح في افريقيا او شعب ودولة فقيرة فقير في مكان ما، اما شعب عنده هذه الثروات وهذا التاريخ وينتظر سنة بعد اخرى فهذا غير لائق والى متى ؟ اعطونا موعد معين، خططكم اللي وضعتموها خلال سنتين ونصف اين اصبحت ؟. هذا الكلام على كل عالم و مرجع وخطيب أن يقوله، هذا دين، فالدين ليس فقط صلاة وصوم، الدين سكنى الدين أمن ورفاه ، قوموا ايها العلماء بهذا الدور وتكلمتوا كلامكم الصحيح وبذلك في الحقيقة تساعدون السلطات، فهذه مساعدة وتعاون على البر، واذا واجهتم هذا المسؤول وذاك الوزير والمدير والموظف ورفض كلامكم ومشورتكم فليخرج من منصبه ومسؤوليته ، فهؤلاء بحكم عملهم ومناصبهم يجب أن يخدموا الشعب رغما عن انوفهم ومايتقاضونه ليس من اموال ورثوها بل هي من حقوق الشعب العامة..". فلا تخافوا و تعاونوا مع الناس واجمعوا الافكار الصحيحة اجمعوهم وقودوا المجتمع في طريق الاصلاح، وتكلموا بالحق وستجدون من يقبله منكم ويستمع اليكم وبالتالي يحقق النجاح في عمله وينال رضى الناس..". وفي ختام حديثه حذر سماحته علماء الدين والحوزة العلمية من ان التلكؤ في التصدّي لدورهم في السياسة والمجتمع ربما يسبب لأن " تظهر معارضة يقودها اطراف ورجال لا يصلحون لها ولا يفكرون في خير الامة، إنما في انفسهم ويخلقون ربيعاً أشبه ما يكون بخريف الدماء والدموع وليس ربيع الخير والبركة، من هنا عليكم ان تقودوا المجتمع الى الاصلاح. والبلد اليوم بحاجة الى نوع من الهدوء والاستقرار ونوع من الاصلاح المستمر في كل الابعاد وان تكون كلمة العلماء هي كلمة الحق، ولو ان عملية الاصلاح بحاجة الى وقت، لكنها ستكون مثمرة إنشاء الله تعالى". واضاف : " اليوم البلد يمر بهذا الوضع اللي تعايشونه، فيه ازمة كهرباء وخدمات، وازمات سياسية، وخروق أمنية ، ونسمع عن تجاوزات في مخلتف مرافق الدولة ..فأين العلاج ؟ واذا حددنا العلاج من الذي يقوم به؟ هل المريض هو من يعالج نفسه؟! هل الغريق هو ينقذ نفسه ؟! ، كلا يا اخي المريض والغريق يحتاج الى آخر يعالجه من مرضه و ينقذه من غرقه ، اليوم لااستطيع ان اقول للبرلمان و للحكومة فقط اصلحي نفسك واتهمها بالكل دون أن اقوم انا بدوري لأن المؤمن الصالح في هذه الحكومة او البرلمان ، هذا جهده وهذا المقدار الذي قدر عليه. فلا اجلس واتهمه فقط ، فالغيبة جهد العاجز، فبدلا عن ذلم يجب يقوم كل منا بدوره.. هناك عمل اصلاحي هادئ مؤثر لابد ان نقوم به، و كلمتنا يجب لا تكون كلمة واحدة للمسيء والمحسن.."
|
|