قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام
تحت الضوء
متى نأخذ بـ (زمام المبادرة)؟
*محمد علي جواد تقي
سبع سنوات ودخان الشواء السريع واللاهب للتجربة الديمقراطية يملء أنوفنا كما أقرح جفوننا، لكن لم نرَ هذه التجربة بأعيننا ونلمسها بحواسنا الخمس أو لنقل الست حتى نضيف اليها الحاسة الرئيسية الأم وهي العقل، ورغم معرفة الجميع بان أفضل الشواء وأكثره ذكاءً وحنكةً ذلك الذي يكون على نارٍ هادئة، بحيث (لا يحترق السيخ ولا يحترق الكباب) كما جاء في المثل، كل ذلك من أجل أن تقدم التجربة على وجه السرعة أمامنا، ربما السبب في الجوع الشديد والحرمان، ومن نافلة القول: سألت أحد السياسيين أيام بول بريمر، وقبل إنطلاق التجارب الانتخابية؛ لماذا تصرون على تطبيق مبدأ الانتخابات العامة على غرار أنظمة الحكم البرلمانية، والشعب العراقي يعيش الاضطراب والضاببية في ثقافته الاجتماعية والسياسية؟ فما كان منه إلا أن قال فوراً: عليه أن يختار، إما براً أم فاجراً، وهو المبدأ الذي أرسا دعائمه أمير المؤمنين (عليه السلام)، لكن هل حقاً تمكن هذا الشعب من اختيار مسؤوليه وقادته؟
إن عمليه تهميش الشعب العراقي وإبعاده عن (زمام المبادرة) بأن ينتخب رئيسه وزعيمه بشكل مباشر، ليست وليده اليوم أو تلكم السنوات السبع، إنما القضية قديمة، فعندما يأخذ هذا الشعب (زمام المبادرة) يقف التاريخ له إجلالاً ليسجل الملاحم والبطولات والمواقف المشرفة، وهذا ما حصل في ثورة العشرين عام 1920 ضد الاستعمار البريطاني، وفي الانتفاضة الشعبانية عام 1991 ضد نظام صدام المقبور، والحدثين بالحقيقة كانا (فلتة) إن صح التعبير، وإلا لنلاحظ الفترة التي أعقبت ثورة العشرين والتي أعقبت الانتفاضة الشعبانية، نجد أن هذا الشعب مكبّل بالأزمات الداخلية ومنساق نحو الحروب الخارجية، حتى بلغ به التدنّي والتدهور أن أصبح شبعاً على أرض مستعمرة لا سيادة لها حسب المنظور الدولي، وعليه عندما نسمع اليوم من يقول: أين الكهرباء وآخر يقول: أين فرص العمل؟ وأخر يقول الراحة والأمان و.... فيجب أن لا نلومه كثيراً، بل نسلّط الضوء على من هو في الزوايا المظلمة يسعى لأن يبقى الشعب العراقي على حاله ينتظر كل شيء يأتيه بالمجان، فيشكون ويتذمّر، ولا ضير من صدور بعض الانتقادات اللاذعة والتشهير و... فالجماعة في بغداد متجلّدون حقاً! فقد ناضلوا بالنيابة وفكروا بالنيابة، بل ومارسوا التجربة الديمقراطية وحكموا باحزابهم وجماعاتهم المتنوعة بالنيابة أيضاً، وهم اليوم يشكلون السلطة التنفيذية ويعينون رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء بالنيابة!
هل حقاً نحن هكذا...؟! المعروف إن العراقيين هم أصحاب الريادة في النضال المرير مع قساوة الحياة والأزمات والمحن، ولهم قصب السبق في المطالعة والتفكير بين دول المنطقة، لكن مشكتله أنه بعيد حتى الان عن (المبادرة)، نرجو أن لا يأتي اليوم الذي نكون فيه هدفاً لمنتجي المسلسلات التركية المدبلجة، حيث قال أحدهم: إن هدفنا هو أن نقدم دروساً بالمجان عن الاسلوب الناجح والنمط الصحيح للحياة الأسرية والاجتماعية!