تحت عنوان: (النظام السياسي الإسلامي في التصور القرآني)
ممثلية المرجع المرجع في البحرين تقيم المؤتمر القرآني الرابع
|
المنامة / حسين محمد حكيم الطريفي
وسط أجواء قرآنية و روحانية و إيمانية، وبحضور نخب من السادة العلماء وفي مقدمتهم السيد سجاد المدرسي نجل المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد محمد تقي المدرسي (دام ظله) وعدد من الأخوة المؤمنين، وممثلين عن المؤسسات القرآنية في البحرين والسعودية، اختتمت ممثلية آية الله العظمى السيد محمد تقي المدرسي (دام ظله) في البحرين أعمال مؤتمر القرآن الكريم في دورته الرابعة مساء الجمعة الماضي والذي انطلقت أعماله في الفترة ما بين 20 – 21 آيار الجاري في مأتم (أبو صيبع الكبير) شمال العاصمة البحرينية المنامة.
*أوراق المؤتمر..
جاءت أوراق المؤتمر منسجمة مع الأهداف التي وضعها منظمو هذه الفعالية، حيث حملت العناوين التالية:
الورقة الأولى: (النظام السياسي الإسلامي بين التصور القرآني والتصور الوضعي) لسماحة الشيخ سعيد النوري / قيادي في تيار الوفاء.
الورقة الثانية: (النظام السياسي الإسلامي بين الثوابت والمتغيرات ) لسماحة الشيخ عبد الغني عباس / من علماء السعودية.
الورقة الثالثة: (فقه الدستور وأحكام الدولة الإسلامية في المفهوم الإسلامي ) للدكتور راشد الراشد / باحث وكاتب في الشأن الديني والسياسي.
الورقة الرابعة: (تجربة أول حكومة إسلامية في المدينة المنورة، إسهاماتها وسماتها) لسماحة السيد مجيد المشعل / رئيس المجلس العلمائي في البحرين.
الورقة الخامسة: (الدولة الإسلامية أمر الرب وأمنية البشرية، أهدافها، معالمها، نموذجها) لسماحة الشيخ عبد الله الصالح / نائب الأمين العام لجمعية العمل الإسلامي في البحرين.
*الليلة الأولى..
ابتدأت الليلة ألأولى بتلاوة عطرة من آيات الذكر الحكيم، للمقرئ البرعم، حسن أبوالحسن (من جمعية إقرأ القرآنية).
أدار الليلة الأولى الأستاذ إبراهيم السفسيف، حيث ابتدأ بالترحيب بالحضور من الرجال و النساء، معلناً بداية المؤتمر السنوي الرابع للقرآن الكريم.
ألقى كلمة الإفتتاح المنسق العام للمؤتمر ومدير ممثلية المرجع المدرسي سماحة السيد محمود الموسوي، مرحباً بالحضور، ثم بيّن أن هذا المؤتمر هو الكلمة السواء وهو الأرضية التي منها ننطلق للتقدم في عملية التداول القرآني لنرسم هويتنا الحضارية وإن تداولنا القرآني هذا ليس تداولاً حول القرآن فإننا لا نشكك في مقدرة القرآن حول العطاء، وقد تجاوزنا تلك المرحلة عبر الإيمان والتسليم ببصائر القرآن الكريم لننطلق من إيماننا وتسليمنا لقدرة القرآن الكريم التي يخرج بها الناس من الظلمات إلى النور في كافة مجالات الحياة، وهو تداول لآيات القرآن.
وتحدّث الموسوي حول موضوع المؤتمر الذي يُعد من الموضوعات الحساسة وهو موضوع (النظام السياسي الإسلامي في التصور القرآني) كمعجزة من معجزات القرآن العديدة ليس في تقدم طرحه وحسب، بل في أصل احتواء القرآن الكريم على النظام السياسي، فالقرآن الكريم قد سرد لنا مبادئ السياسة وبين لنا ضرورة رفض الظلم ونصرة الحق في الواقع.
وفي ختام كلمته، قدّم الشكر للمشاركين والعاملين والداعمين والحضور، وبلّغهم تحيات ودعوات سماحة المرجع المدرّسي من مدينة جده الإمام الحسين (عليه السلام) كربلاء المقدّسة.
*النظام السياسي وضرورة التأصيل القرآني
في عصر طغت عليه الفتن والصراعات والنزاعات لا بد من التواصل مع القرآن لما له من دور محوري في صياغة نظام حياتنا وترشيد قضايانا باتجاه الأفضل والأصلح والأقوم.
بهذه الكلمات بدأ سماحة العلامة الشيخ محمد علي المحفوظ أمين عام جمعية العمل الاسلامي في البحرين كلمته مستطرداً بأن القرآن الكريم يمثل ثقافة الحياة بكل ما للكلمة من معنى فتحمل آياته حيوية لا نظير لها في أي تنظيرات فكرية ونظريات وضعية على الصعيد المعنوي والمادي والأخلاقي و التربوي والسياسي والاجتماعي.
وأردف سماحته قائلاً أننا مدعوون للانفتاح على ثقافة القرآن الكريم والعمل بتوجهاته والسير في ركبه، وهو مصدر حاجة الفرد على صعيد واحد والمجتمع على صعيد المجموع بعيداً عن التمحور حول الذات والانغلاق على النفس في قبال الآخرين، وقد وضع القرآن الكريم أرضية لبناء النظام الإجتماعي السياسي بطريقة راقية وسامية.
وسرد سماحته عدد من الآيات والأحاديث الشريفة المتعلقة ببناء النظم الإجتماعية السياسية في ضوء القرآن الكريم وعلاقة الحاكم بالمحكوم.
* الورقة الأولى: (النظام السياسي الإسلامي بين التصور القرآني والتصور الوضعي)
قدمها سماحة الشيخ سعيد النوري / قيادي في تيار الوفاء.
بدأ سماحته بتحية الحضور الكريم وتقديم الشكر الجزيل إلى ممثلية المرجع المدرسي على إقامة هذا المؤتمر القيّم والدعوة المشكورة، ثم بدأ باستعراض محاور بحثه التي لخصها في أربعة محاور رئيسة هي: المحور الأول : النظام السياسي الداخلي في القرآن الكريم. المحور الثاني :النظام السياسي الخارجي. المحور الثالث :مميزات النظام السياسي الإسلامي. المحور الرابع :مميزات النظام السياسي الوضعي.
بعدها ناقش الشيخ النوري المحاور الأربعة، ومما جاء فيها: إن النظام السياسي الإسلامي يقوم على بعدين رئيسين، البعد الأول: يرتبط بشبكة العلاقات السياسية في داخل المجتمع الإسلامي، والبعد الثاني: هو النظام السياسي الخارجي في القرآن الكريم وهو يرتبط بشبكة العلاقات الخارجية بين المجتمع الإسلامي والمجتمعات الأخرى.
ثم تحدث عن المحور الأول قائلاً: إن القرآن الكريم يؤصل لوجود أهداف كبرى تبتغي المسيرة الإنسانية تحقيقها وهناك أربعة أهداف رئيسة يختزلها مفهوم الخلافة والأمانة وهي: التزكية والتربية. العلم وصياغة العقل والحكمة. إقامة القسط والحياة العادلة. تأسيس الوحدة والترابط الإجتماعي.
ثم بين أن هناك في السياسة نوعين من النظام الإجتماعي السياسي وهما النظام الإستبدادي وهو أن تكون هناك قيادة سياسية اجتماعية لها حقوق مطلقة على المجتمع وهناك مسؤوليات مطلقة للمجتمع اتجاهها لكن في المقابل هذه القيادة ليس عليها أي مسؤوليات تجاه المجتمع وليس للمجتمع أي حقوق لديها بمعنى أنها آحادية ولكن هناك أيضاً - والكلام للشيخ سعيد النوري- نوع آخر من النظام الإجتماعي السياسي وهو النظام الثنائي الحقوقي وهو أن النظام الإجتماعي السياسي يقوم على سياسة لها حقوق على قاعدتها وعليها مسؤوليات أيضاً، والقاعدة الجماهيرية أيضا لها حقوق ومسؤوليات على قاعدتها، وهذا النوع من النظام هو الذي بينه لنا القرآن الكريم.
وعن المحور الثاني، تحدث سماحة الشيخ سعيد النوري بقوله: ان القرآن الكريم أصل لمجموعة من المبادئ فيما يرتبط بالدور العالمي والإنساني للأمة الإسلامية وعلاقتها بالأمم الأخرى ومنها: تجسيد المعروف ومكافحة المنكر عالمياً، تجسيد العدل والقسط مع المختلفين دينياً وغير المعتدين، المقاومة والحزم مع المعتدين والمستكبرين، احترام المواثيق والأعراف الدولية.
وتحدث عن المحور الثالث، وهو: مميزات النظام السياسي الإسلامي، وعدّها كالتالي: الجذور التوحيدية والأخلاقية، الشمولية الإنسانية، تبادلية الحقوق بين القيادة والجمهور، المزاوجة بين الولاية والشورى، التوازن بين الداخلي والعالمي، التوازن بين الأخلاق والحزم.
أما المحور الرابع: مميزات النظام السياسي الوضعي، فعدّه الشيخ النوري كما يلي: انقطاع الجذور العقدية، انقطاع الرؤية الأخلاقية، سيادة قيم المصلحة واللذة المادية، شعارات الحقوق والحرية المادية، أهمية التطوير المادي، سيادة قيم الظلم والإعتداء والإفساد.
*الورقة الثانية: (مبادئ الدولة من وجهة النظر القرآنية)
قدمها سماحة الشيخ عبد الغني عباس / من علماء المملكة العربية السعودية، وأستاذ في الحوزة العلمية والمشرف على مؤسسة (القرآن نور).
بدأ سماحته بالثناء والشكر لممثلية المرجع المدرسي على استمرارية هذا المؤتمر لعامه الرابع وحساسية المواضيع التي طرحها واهميتها للمجتمع والباحثين.
واستعرض سماحته بحثه بتوطئة حول تعدد التفاسير وإشكالية التفسير في عصرنا الراهن، حول مصطلح جديد ظهر وهو مصطلح التفسير الموضوعي وهو أن يقوم المفسر بجمع معلومات مختلفة في المكان والزمان ولكنها متحدة في الموضوع، ويجمعها قاسم مشترك، موضحاً بأن فائدة التفسير الموضوعي أن الصورة فيه تكون أكثر تكاملية، وحاجتنا إلى التفسير الموضوعي تتلخص في سببين وهما أولاً: تبيان الصورة المتكاملة لأي موضوع من المواضيع التي نرتئي نقاشها واستشفاف الرؤية القرآنية بها. والسبب الثاني هو: أن القرآن قادر على التفاعل مع زماننا وواقعنا.
وقال سماحته: اذا أردنا أن نتعرف عن مفهوم الدولة في القرآن الكريم فإننا لا نجد حديثا تفصيلياً حول هذا المفهوم، فربما لم يأت مفهوم الدولة في القرآن بالمعنى السياسي وإنما جاء بالمعنى الإقتصادي، فآية الدولة نزلت فيما يتعلق بتداول المال بين الأثرياء وليس بشأن السلطة بين المهتمين بالشأن السياسي.
وطرح سماحته بعض الإستفسارات وهي هل أن هناك حصرية لشكل الدولة في القرآن الكريم؟ مع التنبه على ان هناك شكلين للدولة وهما الدولة الشرعية بوجود النبي أو الإمام المعصومين، والدولة غير الشرعية وهي عكس الأمر الأول وإن لم توجد فماذا ينبغي أن نفعل آنئذ؟
حينئذ - والكلام للشيخ عبدالغني عباس- ينبغي لنا أن نبحث ونتقصّى مبادئ و وظائف وشكل الدولة في القرآن الكريم كمحاولة من أجل البحث عن المبادئ التي ترتكز عليها الدولة ووظائفها وطريقة تعاملها مع الشعب، ويمكن لنا أن نأخذ الآيات القرآنية التي جمعت بين النبي موسى كليم الله (عليه السلام) وبين فرعون، وأن نجمع هذه الآيات التي ترتبط في سياق واحد، فالقرآن الكريم يحدثنا تحديداً عن فرعون سواء في حواراته مع بني إسرائيل أم مع كليم الله موسى وذكر سماحته بعض النقاط الرئيسة التي دارت حولها هذه الآيات مع تفصيل كل نقطة وشرحها للحضور الكريم. وهي: المركزية والربوبية والدكتاتورية. الشورى في النظام السياسي. الإعلام عند فرعون. حصرية التوجيه الثقافي.
وختم سماحته حديثه بالقول بأن هذا البحث يحتاج على تتمة في محاولة البحث عن الكثير فيما يتعلق بالحوارات بين فرعون وموسى وفرعون مع بني إسرائيل حتى نتوصل بالنتيجة إلى المبادئ العامة للدولة ولكن من وجهة نظر قرآنية منطلقين في ذلك من الآيات التي تتحدث بني إسرائيل.
وفي هذه الجلسة قدم سماحة السيد جعفر العلوي / رئيس جمعية الرسالة الإسلامية، مداخلة حول موضوع (النظام السياسي الإسلامي بين التصور القرآني والتصور الوضعي)، وهو أن النظام الوضعي بما هو موجود الآن وبما هو أيضا مؤصل في القرآن الكريم، هو على مستويات وليس على شكل واحد، فالأطر العامة للنظام السيئ لا يرتقي للمستوى الراقي القرآني.
*الليلة الثانية:
أُفتتحت برامج الليلة الثانية بتلاوة عطرة من آيات الذكر الحكيم بصوت القارئ حسين فلاح.
وقد أدار الجلسة الأستاذ هاني / من المنطقة الشرقية في السعودية، الذي رحب بدوره بالحضور الكريم ومؤكداً بأن القرآن الكريم هو دستور الحياة فلم يترك بين دفتيه لا شاردة ولا واردة في حياة البشر إلا و وضع لها نظاماً متكاملاً، يسيرون عليه من أجل تحقيق السعادة والعدل بين الناس.
*الورقة الثالثة: (فقه الدستور وأحكام الدولة الإسلامية في المفهوم الإسلامي).
قدمها الدكتور راشد الراشد / باحث وكاتب في الشأن الديني والسياسي.
بعد أن ناقش تعريف الدستور وتعريف الدولة بدأ الدكتور راشد الراشد بتناول المحورين الأساسيين في بحثه وهما: الدستور والدولة، وقال: بأن نظام الدولة قد تطور تطوراً مع تطور الأنظمة الدستورية، وقد سرد الكتور سرداً حول الأنظمة السياسية والدستورية في عصور ما قبل الإسلام وما بعده وكيف أن رسول الله (ص) قد أخرج مفهوم الدولة من الفرد إلى المجموع، أي من سياق الفرد إلى مجموعة من القيم والمبادئ حينما أسس أول دولة في المدينة المنورة و وضع قوانين في إطار نظم أخلاقية منظمة. ثم تكلم الدكتور الراشد حول مقومات الدولة ولخصها في ثلاثة محاور هي: الأرض. الشعب. الدستور الذي ينظم علاقة هذا المجتمع بأفراده كافة وأطيافه ويضع القيم الأخلاقية التي تنظم حياة هذا المجتمع.
ثم شرح الدكتور الراشد بإيجاز أحكام الدستور في لغة القانون وحول الشرعية والدستور والقواعد الدستورية بحسب المفهوم الإسلامي وعن أن القواعد الأساسية للدستور الإسلامي هي ذاتها الواردة في مصادر التشريع الإسلامي وهي القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة وروايات أهل البيت (ع). كما تناول موضوع مصادر الدستور بالمفهوم الإسلامي وهي: القرآن الكريم. السنة النبوية الشريفة. العقل. الراسخون في العلم أي الفقهاء.
وانتقل الدكتور الراشد بعد ذلك إلى الإختلافات الأساسية بين الدستور بالمفهوم الإسلامي والدساتير الأخرى وأوجزها في ثلاثة نقاط هي:1- الإختلاف في المصدر حيث أن الدستور الإسلامي مصدره الله سبحانه وتعالى وباقي الدساتير مصدرها البشر. 2- الثبات في المفهوم الإسلامي ثابت الرؤية والمنهج بينما في الدساتير الأخرى عكس ذلك تماما. 3- الحيادية في النظام الإسلامي الذي يضع نظام عام صالح لكل الناس بمختلف ألوانهم وأطيافهم وأعراقهم وإنتمائتهم.
وختم الراشد حديثه حول أحكام الدولة الإسلامية التي تنبثق من الحدود الشرعية التي قال فيها بأنه لا بد وأن يكون للفقهاء وأعلام الأمة دور في الإشراف والرقابة على جانب التشريعات للمجالس المنتخبة.
* الورقة الرابعة: (تجربة أول حكومة إسلامية في المدينة المنورة، إسهاماتها وسماتها).
قدمها سماحة السيد مجيد المشعل / رئيس المجلس العلمائي ـالبحرين.
هناك نظريتان تتداولان حول دور الحكومات ومسؤولياتها:
1- التنمية والازدهار المادي والرفاهية الاجتماعية.
2- الدولة التي تدافع عن حدود الدولة الجغرافية والمبدئية وكيان الأمة وقيمها وعزتها وهويتها.
فالرسول الأكرم هو صاحب الرسالة الإسلامية العالمية الخالدة وهو زعيم الأمة وأقواله سنّة متبعة وكاشفة عن الموقف الإسلامي والرؤية الشرعية انطلاقاً من موقعيته كقيادة إلهية للأمة ومن النصّ القرآني الصريح حيث قال سبحانه وتعالى: "لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً".
بعدها عرج سماحته حول المبررات والأهداف، بأن الحكومة الإسلامية بالمنظور الإسلامي ليست هدفاً لذاتها وإنما هي وسيلة للحفاظ على مجموعة من القيم الأساسية في الإسلام أو قل هي وسيلة للحفاظ على المشروع العقائدي والفكري والروحي للأمة، وبعبارة ثالثة فهي وسيلة للحفاظ على الرسالة الإسلامية وهوية الأمة والحفاظ على كرامة الأمة وعزتها. ولا يمكن التفريط في القيم والرسالة الإسلامية وفي عزة الأمة وكرامتها، ولأن الرسول الأكرم (ص) وباعتباره صاحب رسالة يحمل مشروعاً كبيراً فلا بد من تأسيس دولة تدعم هذا المشروع وتحافظ على تلك الرسالة وهذه مسؤولية إسلامية كبرى لا تختص بالرسول الكريم (ص) بل هذا شأن كل صاحب نظرية ومشروع.
أما المحور الثاني من بحث السيد المشعل، فكان حول إنطلاق مشروع الدولة الإسلامية في المدينة المنورة والموقف الحاسم لرسول الله (ص)، والعنفوان والهيبة التي كانت للمسلمين خلال تلك الحقبة مع ذكر نماذج من تلك الحقبة، وقال: لقد عاش رسول الله (ص) صراعاً مريراً وقاسياً من أجل تشييد الدولة الإسلامية الفتية وقد شيد ذلك حتى أصبحت دولة مهابة، وخلال خمس سنوات وجه عدة خطابات إلى ملوك الدول المجاورة يدعوها للإسلام.
*الورقة الخامسة: (الدولة الإسلامية أمر الرب وأمنية البشرية، أهدافها، معالمها، نموذجها)
قدمها سماحة الشيخ عبد الله الصالح / نائب الأمين العام لجمعية العمل الإسلامي.
في بداية البحث قال الشيخ الصالح أن في القرآن كل ما يحتاج له الإنسان ومثل هذه المؤتمرات من المحطات التي يجب أن تطور وتنمى وتكثر، وأن الدولة أو النظام الإسلامي هو أمر من الرب لأن الله كان أمره بإقامة هذا النظام والبشر يتوقون لهذا النظام. وحيث أن بداية البشر لم تكن توجد فيها التعقيدات ولم تكن تستوعب النظام الإسلامي حينها، فلم تكن حينئذ أطروحة لها ولكن ومع التعقديات التي حدثت لاحقا للبشر أصبح النظام الإسلامي أمراً مطلوباً. و اوضح سماحة الشيخ الصالح بأن هناك ثلاثة أنواع من السلطات منذ القدم وحتى اليوم وهي:
1- الدولة المستبدة ونموذجها فرعون الذي طرح نفسه كإله.
2- الدولة الشوروية أو الديمقراطية باصطلاح اليوم ونموذجها ملكة سبأ.
3- الدولة الإلهية الربانية ونموذجها النظام الإلهي الرباني كنبي الله يوسف (عليه السلام).
وبعد أن استعرض هذه النماذج الثلاثة ومميزاتها من خلال آيات القرآن الكريم، استطرد الصالح حديثه بالقول أن النظام الإسلامي هو وسيلة لإبراز القيم الربانية الإلهية ولإرساء قيم الحق والعدل والمساواة والحرية في الحياة.
واختتم الشيخ عبدالله الصالح حديثه بنموذج نبي الله يوسف (عليه السلام) وكيف كان يعمل على مواصفات الحكم والقيادة وذكر نماذج من حكمه لمصر وكيفية إدارته للدولة.
وقد قدم سماحة الشيخ حبيب الجمري مداخلة بتساؤل حول ورقة الدكتور راشد الراشد بالقول: بأننا كمسلمين خيارنا الإسلام ودستورنا القرآن الكريم والإشكال المعاصر حول تطبيق الرؤية الإسلامية والمنهج الإسلامي الذي يدور تطبيق الخيار الإسلامي ونظامه ممن يطبق المنهج الإسلامي من غير المعصوم وحول من يضمن لعامة الناس أن غير المعصوم من عامة الناس أن يطبق التجربة الإسلامية حينما يقدمها الإسلامي غير المعصوم كأنها قرآن منزل. وقد أجاب الدكتور بأن الضمانة هي الحالة الرقابية التي أسسها الإسلام، وهذا بعد عملي يحتاج دوما إلى رقابة.
*ورشة العمل القرآنية
تحت عنوان: (الإنسان في مواجهة الأزمات والابتلاءات)، وعلى هامش مؤتمر القرآن الكريم عقدت ورشة عمل قرآنية بإدارة جمعية النبأ العظيم، بمشاركة وحضور مجموعة نخبوية من المتخصصين والمشرفين على الانشطة القرآنية في البحرين والمنطقة الشرقية من السعودية، وقد أدار الورشة سماحة الشيخ حبيب الجمري والأستاذ علي آدم أمين سر جمعية النبأ العظيم لعلوم القرآن الكريم.
ابتدأ البرنامج من الساعة الثامنة والنصف وحتى التاسعة والنصف من صباح الجمعة الماضي بفترة تناول وجبةالإفطار مع التعارف بين الجهات المشتركة في الورشة.
وقد ألقى سماحة الشيخ حبيب كلمة افتتاح الورشة التي استهلها بالترحيب بالحضور الكريم قائلاً: على هامش مؤتمر القرآن الكريم تعقد هذه الورشة أو الملتقى للاستماع إلى البصائر القرآنية والأفكار الإبداعية القرآنية من قبل الباحثين والدارسين تحت عنوان: (الإنسان في مواجهة الأزمات والابتلاءات)، وفي معرض كلمته التي بدأها بقراءة هذه الآية "أحسب الناس أن يُتْرَكوا أن يقولوا آمنا وهم لا يُفْتَنون"، قال الشيخ الجمري بأن أساليب القرآن الكريم تنوعت وتعددت في مناقشة مفردة البلاء، وقد عالج القرآن الكريم هذه المسألة على النطاق الفردي والشخصي والإجتماعي، وشخصت الآيات القرآنية عموم البلاء في آيات كثيرة.
وقد قُدمت في الورشة أوراق بحثية من لجان عمل قرآنية من السعودية والعراق والبحرين. وكانت الورقة الأولى بعنوان: (كيف يُصبر القرآن الكريم الإنسان المبتلى)، من جمعية الذكر الحكيم / السنابس. قدمها الأستاذ حسن عبد الشهيد الصفار. بين فيها أن القرآن الكريم اتخذ أسلوباً عملياً في تهدئة نفس المبتلى في العديد من المواضع والآيات الكريمة وقد لخص الأستاذ ورقته في سبع نقاط سريعة مع ذكر الآيات المتعلقة بكل نقطة هي: الإبتلاء علامة الإيمان. الإخبار السابق. أي أن الله سبحان وتعالى بلغنا مسبقاً في كتابه الحكيم أننا سنبتلى. فرصة ومنبه للرجوع إلى الله سبحانه وتعالى. البلاء مقياس التميز فالإنسان المبتلى الصابر يتفاضل عن غيره. المبتلى هو مهتدي في حد ذاته. اقتران البلاء بالله سبحانه وتعالى. أكثر الابتلاءات نزلت على الأنبياء والمؤمنين.
أما الورقة الثانية فكانت بعنوان: (الابتلاء وطريقة التعامل معه) وجاءت من العراق، قدمها سماحة السيد سجاد المدرسي (نجل المرجع المدرسي). وبدأ سماحته حديثه بالقول أن القرآن كتاب فيه تبيان كل شيء وحينما نقول ذلك إنما نقول ذلك لأن القرآن الكريم هو كتاب التشريع في قبال كتاب التكوين وكل ما في الكون من أمور فإن في القرآن ذكر لتلك الأمور ومعالجة لها، وقدم سماحة السيد المدرسي خمس خطوات في سبيل معالجة الإبتلاء وهي: الرجوع إلى القرآن الكريم، تصحيح رؤية الانسان إلى الحياة، فالحكمة من الابتلاء هي العودة إلى الله سبحانه وتعالى، التسليم لأمر الله سبحانه وتعالى، عدم كفران النعمة، النظرة الإيجابية تجاه الابتلاء.
أما الورقة الثالثة: فكانت بعنوان: (الأزمات والابتلاءات ضرورة مختارة) من مملكة البحرين. قدمها سماحة السيد محمد علي العلوي. لخصّ فيها طرحه إلى ثلاثة نقاط أساسية وهي: الوجود ومحل الإنسان فيه. إن الله سبحانه وتعالى قد خلق الإنسان من أجل هدف وغاية واحدة قد بينها في قوله عز وجل "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون"، الخوف ويد الله الإلهية. من أراد الجنة عليه بالتسليم وفهم معادلة الابتلاء بشكل صحيح، فكل ما يأتي إلينا يجب أن نفهم أنه خير من عند الله سبحانه وتعالى حتى لو كان ظاهره شراً. ولماذا الأزمات والابتلاءات؟ حيث قال السيد العلوي: إن الله جعل الإبتلاء من أجل تمحيص البشر وإخراج معدنهم الأصلي.
أما الورقة الرابعة فكانت بعنوان: (الإنسان في مواجهة الأزمات والابتلاءات .. النموذج القرآني)، من لجنة أنوار القرآن – السعودية، قدمها الأستاذ علي آل زواد. جاء فيها: إن ما يهمنا هو الجانب التربوي لمسألة الابتلاء وكيف تعامل القرآن الكريم معه.
الورقة الخامسة بعنوان: (البلاء منهاج بناء الإنسان) من ملتقى القرآن الكريم – السعودية، قدمها الأستاذ حسين منيان. جاء فيها: عندما جاء الإسلام كان هدفه الرئيس إصلاح الإنسان وتحرير إرادته من ظلام الجاهلية ورق العبودية وتكليفه بما يحقق له السعادة في الدارين وفي القرآن الكريم أعطى لنا صورة الإنسان في غاية السمو والرفعة فهو أحسن المخلوقات وأقومها واكرمها وأشرفها وهو حامل الأمانة، فالقرآن الكريم هو كتاب حق لا يحدثنا عن الأزمات التي يواجهها الإنسان من أفكار فلسفية أو عقائد متطرفة أو مشاكل اجتماعية إنما يتحدث لنا عن سنن وقيم وعن قواعد حقة في مواجهة كل الصعاب والإبتلاءات من خلال ضرب الأمثلة والقصص التي تكشف لنا حقائق نستنير ونستبصر بها.
|
|