هيئة خدام الحسين (ع) للرواديد الناشئين..
جيل جديد يصدح بالرثاء والثقافة الحسينية
|
*تحقيق / حسين هاشم آل طعمة
تبقى الراية الحسينية عالية خفّاقة ما دام هناك أيدي شديدة البأس ونفوس أبية تحمل مفاهيم التضحية والولاء لأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله. وبهذا العلو والشموخ برز الكثير من الخطباء والعلماء والمؤلفين وغيرهم من خدمة الامام الحسين عليه السلام، وبقى ذكرهم وآثارهم في القلوب والاذهان، انهم لزموا سفينة الحسين عليه السلام فنجوا، وربطوا اسمهم بواقعة الطف فخلدوا كما هي الواقعة خالدة.
وعلى هذا الطريق سار العديد من رواديد المنبر الحسيني بمراثيهم الشجيّة وقصائدهم العصماء ذات الدلالات العميقة، وهم يحملون مشعل النهضة الحسينية المقدسة، لكن كيف ينشأ هؤلاء الرواديد وما هي بدايتهم؟ وهل يظهر مثل حمزة الصغير أو باسم الكربلائي فجأة على الساحة...؟!
هذا السؤال هو الذي دفعنا لأن نزور (هيئة خدام الامام الحسين للرواديد الناشئين) في كربلاء المقدسة، لتسليط الضوء على مسار عمل هذه الهيئة وكيف تحمل على عاتقها إستيعاب المواهب الشابة والفتية وتأهيلها وإعدادها لخدمة الامام الحسين عليه السلام.
الانطلاقة ولائية
تأسست الهيئة بتاريخ 18/3/2008 المصادف السادس من ذي الحجة وهو يوم تزويج فاطمة الزهراء من علي بن أبي طالب عليهما السلام. أما عن فكرة الهيئة فان ذلك يعود الى المرحوم هادي كردلة عندما ابلغ مجموعة من المؤمنين ومنهم خادم الحسين الشاب السيد حسين الموسوي عن نيته تأسيس هيئة حسينية مهمتها تنشئة رواديد حسينيين، فكان الاقبال والتفاعل كبيراً مع الفكرة، فابدى عدد كبير من الفتيان رغبتهم في الانضمام لهذه الهيئة.
ولاضفاء صفة عملية على الفكرة فاتح المرحوم كردلة رواديد حسينيين كبار ومعروفين مثل الحاج محمد حمزة الكربلائي والحاج كاظم الوزني والحاج عبد الامير الاموي وغيرهم، فابدوا استعداداً لرفد الهيئة بالتجارب والخبرات للنشء الجديد من الرواديد الحسينيين. والحقيقة فان وجود كهذه مشاريع يعبر عن رؤية حضارية بعيدة المدى في قضية الامام الحسين عليه السلام، فبدلاً من أن ننتظر المبادرات الفردية من المؤمنين ويظهر شخص يحمل مشعل المنبر الحسيني كما حصل في ملا باسم أو ملا جليل ليكونوا امتداداً لحمزة الصغير أو غيره من الرواديد الماضين، نكون أمام معهد على شكل هيئة حسينية يكتشف الشباب مواهبهم في هذا المجال بكل ثقة وعزيمة.
في أول انطلاقة الهيئة كان العدد (17) طالباً، لكن في الاونة الاخيرة وصل العدد الى (150) طالباً لتعلّم فنون وضوابط الردّات الحسينية. علماً ان الهيئة (المعهد) يفتح ذراعيه لكل الاعمار، فاصغر طالب من مواليد 2002 واكبر طالب من مواليد 1959، بيد ان الغالبية منهم من حديثي السن ومن النشئ الجديد.
لا وجود للمشاكل
ليس من السهل ان تتكلم مع أحد في أي مهنة او اي اختصاص من دون خلط الكلام بشيء من المشاكل والازمات والعقبات، إلا ان السيد حسين الموسوي، الرادود الشاب وأحد مسؤولي الهيئة أكد لنا عدم وجود مشكلة او عقبة في طريق هذه الهيئة الحسينية، بل تحدث الينا بكل ثقة وارتياح عن سير العمل في إلقاء الدروس وتفاعل الطلاب وتشجيع الشخصيات الحسينية البارزة وعلماء الدين والخطباء. كل ذلك يؤكد البركة والعون اللامحسوس من لدن سيد الشهداء وصاحب القضية التي من أجلها يأتي الفتيان الى هذه الهيئة الحسينية ويتعلموا ليصبحوا رواديد حسينيين.
وفي سياق حديثه الشيّق أكد السيد حسين الموسوي ان الرواديد الطلاب يواظبون على حضور المجالس الحسينية في شهري محرم وصفر وايضاً في وفيات الأئمة الاطهار وايام الفاطمية لابراز مواهبهم وشحذ هممهم، وعن ابرز الاماكن التي تشهد حضور هذه الطاقات الحسينية الشابة أشار السيد الموسوي الى منطقة ما بين الحرمين والحرمين الشريفين لسيد الشهداء وأخيه ابي الفضل العباس عليهما السلام، وحسينية الامام علي – الطهرانية سابقاً- ومدرسة الشيخ ابن الفهد الحلّي ومجمع الامام الحسين الثقافي وأماكن عديدة أخرى في كربلاء المقدسة.
التفاعل الكبير في العراق وخارجه
يواصل السيد حسين الموسوي حديثه عن نشاط هيئة خدام الحسين للرواديد الناشئين، ويعرّج على امتداد حركة الرواديد جغرافياً، يقول: لقد أقمنا مجالس تعزية ليس في كربلاء المقدسة وحدها وإنما في سائر المحافظات مثل بغداد والبصرة والعمارة والكوت وديالى، كما تكون لدينا رحلات الى مزار السيد محمد ابن الامام علي الهادي عليهما السلام في مدينة بلد شمال العاصمة بغداد. ثم تطور العمل لدينا ليكون لنا حضور خارج العراق لاقامة مجالس التعزية في مناسبات عديدة، فقد اقام عدد من الرواديد الحسينيين مجالس تعزية في كل من مشهد وقم المقدستين في ايران وايضاً في حرم السيد زينب عليها السلام في سوريا، كما كان لدينا حضور في البحرين، ونأمل ان يستمر هذا الحضور ليشمل بلاد اسلامية اخرى، بل كل بلد تعلو فيه راية الامام الحسين عليه السلام.
المرجعية الدينية .. التشجيع
تحدث السيد حسين الموسوي عن مواقف التشجيع والدعم وقال: تلقينا الثناء والتشجيع على هذه الخطوة المباركة سواء من علماء دين أم مؤسسات أو هيئات وحتى من قبل احزاب دينية، حيث قدموا لهيئتنا كتب شكر وشهادات تقدير، وكان في طليعة المشجعين للمضي في هذا الطريق سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد صادق الشيرازي (دام ظله) ونجله سماحة السيد حسين الشيرازي الذي ارسل رسالة خاصة بخط يده الكريمة أثنى فيها على عمل الهيئة ودعا لها بالتوفيق الكامل لخدمة سيد الشهداء عليه السلام.
تجارب وخبرات للناشئة
لتسليط الضوء على الجانب التعليمي في هذه الهيئة التقينا بالرادود الحسيني كاظم الوزني فحدثنا عند بدايات المشروع وانه استجاب لطلب الحاج هادي كردلة لتأسيس الهيئة ورفدها بالخبرات والتجارب ليتعلم الصغار كيف يكونوا رواديد حسينيين، ومنذ سنتين وانا مواظب على الحضور لاستمع لأصوات الناشئين وتقويمها وتعديلها وفق الاوزان والاطوار المعروفة.
وعن الصعوبات التي يلاقيها مع الطلاب، قال الحاج كاظم انها اغلبها تنشأ عن الحفظ غير المدروس للمراثي الحسينية من (الكاسيت) مع عدم المعرفة بالاطوار القديمة التي تعد دستوراً للرواديد الحسينيين. واضاف قوله: ان البعض يتلقى الدروس بشكل جيد وبعضهم تكون استجابتهم بطيئة، لكن الاستجابة المتوسطة هي الصفة الغالبة في النشئ الجديد، وانني متفائل بإذن الله تعالى بان نتمكن من تخريج اكبر عدد من النشئ الجديد من الرواديد وتقديمهم الى الجمهور الحسيني.
دروس في العقيدة
حقاً إن يبعث على الارتياح والاطمئنان هو وجود دروس في العقيدة الاسلامية الى جانب دروس في الخطابة وتعلّم المراثي الحسينية، وهذا ما وجدناه في هيئة خدام الحسين للرواديد الناشئين، وهناك التقينا سماحة الشيخ عباس المؤمن الذي حدثنا عن وجود محاضرات ودروس في العقيدة الاسلامية وسيرة أهل البيت عليهم السلام، وايضاً دروس في الفقه والاحكام الاسلامية تلقى على الطلبة ليجمعوا بين المراثي الحسينية وإثارة مشاعر الجمهور الحسيني وبين الثقافة الدينية لتكون شخصية الرادود الشاب نموذجاً للانسان الحسيني الواعي والمثقف الملمّ بكل المفاهيم والقيم التي من أجلها ضحّى الامام الحسين عليه السلام وأهل بيته وصحبه في أرض كربلاء.
|
|