قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام

تصاعد فواتير الحكومة
*محمدعلي جواد تقي
ربما تتمكن الكتل السياسية المتنافسة على السلطة من أن تلتحق بقافلة البهجة والفرح في أيام عيد الفطر المبارك ويعلنوا انتهاء لعبة جر الحبل على نقطة رئاسة الوزراء وتشكيل الحكومة، وربما لا يتمكنوا ولا تكون لهم هذه الحظوة، فتبقى أفراح الناس وأتراحهم في وادٍ وهم في وادٍ آخر، لكن مضي الأيام بل والشهور على المماطلة والتسويف أمام جماهير الشعب العراقي، لن يكون بالمجان، فهنالك فواتير تتجمع وتتصاعد طوال الأشهر الماضية التي يعيش فيها العراق بلا سلطة تنفيذية ولا سلطة تشريعية، فقد شهدت الساحة ظاهرة السطو المسلح على المصارف الحكومية وكذلك الصاغة في أكثر من مدينة، وظهور عصابات قطاع طرق على شاكلة ما نقرأه في التاريخ القديم، أو نراه في أفلام (الكابوي الامريكي)! طبعاً بغض النظر عن الدوافع الحقيقة والملابسات والظروف المحيطة بهكذا حوادث، فان المحصلة النهائية هو اهتزاز جدار الأمن الاجتماعي، والفاتورة الأخرى تردي حالة الكهرباء المريض أساساً وخلال فصل الصيف القائض والمتزامن مع حلول شهر رمضان المبارك، وهو ما أثار حقاً دهشة واستغراب الناس من الجرأة الكبيرة لدى السياسيين من تجاهل هذه المشكلة في هذه البرهة الزمنية على الأقل، وتأتي الفاتورة الأخرى وهي من نوع آخر، تمس السيادة الوطنية هذه المرة، بعد أن مسّت المواطن في أمنه وراحته وحتى عبادته وعلاقته مع السماء، فيسمع الناس وبكل بساطة كيف إن نائب في الدورة الجديدة لمجلس النواب والذي بعد لم يعقد جلسته الرسمية والعادية، يقوم بزيارة لروسيا ويتباحث مع المسؤولين هنالك حول تطوير القطاع النفطي في العراق، علماً ان هذا الشخص يُعد أحد (الأطراف الثقيلة الوزن) في لعبة جر الحبل على منصب رئاسة الوزراء! كما لو انه أو غيره من رجال السياسة من مختلف الأوزان، يوحون لنا وبشكل مباشر أن لا عيب في اجراء مباحثات وحتى مفاوضات حول امور اقتصادية أو سياسية او حتى عسكرية ومخابراتية مع أطراف اقليمية او دولية مع عدم وجود حكومة واضحة المعالم وسلطة تنفيذية. والأنكى من ذلك، فان تلكم الدول ربما لا تعر كثير أهمية لوجود هذه الحكومة، لأن المهم هو (الثقل) السياسي على الساحة العراقية، ومن له القدرة على صنع القرار وتغيير مجرى الاحداث... الى هنا، يبدو ان الساسة ماضون في طريقهم حتى اللحظة التي يجدون انهم توصلوا الى نقاط الالتقاء المطلوبة، وينهوا هذا المخاض العجيب، لكن هل فكروا في صورتهم بعد تشكيل الحكومة أمام الناس؟ وما هي النظرة المتوقعة إزائهم؟!
نعرف إن الخدمات التي تقدمها الحكومة رغم ضئالتها وبساطتها فانها تطرق أبواب البيوت لتستوفي ثمن فواتير الماء والكهرباء وغير ذلك، ولن تتساهل مع المماطل والمجاهل، فهل سيكون هكذا حال الساسة المعنيون بتشكيل الحكومة وقد أوغلوا كثيراً في تجريح الناس والاساءة لمشاعرهم في حياتهم اليومية وأمنهم وسمعتهم أمام الآخرين في دول الجوار والعالم؟
للنصيحة نقولها؛ إن على الساسة والمتنافسون أن لا يستعجلوا الفرحة والبهجة بتشكيل حكومتهم، لأنهم أمام مهمة جديدة وأكثر حساسية، ألا وهي تحسين صورتهم أمام الناس، واستعادة ما فقدوه من الثقة خلال الأشهر الماضية، وفي غير ذلك فانه من الصعب الحديث بعد اليوم عن تطوير وتغيير في الجانب الثقافي والاجتماعي الذي هو عماد مشروع إعادة البناء والاعمار، كما هي تجارب شعوب العالم التي مرت بتجربة مماثلة بتجربتنا، إنما يكتفون بحكومة القبضة الحديدية والسياسة الاقتصادية المغلقة والسياسة الخارجية المتشعبة الاتجاهات.