تحت الضوء
الخطوط الحمراء
|
*محمد علي جواد تقي
بعد أن بانت اشارات الفوز على القوائم الانتخابية الموجودة على الساحة بحصولها على معظم أصوات الناخبين في الانتخابات الأخيرة، صرح المتحدثون بأسم القوائم الرئيسية بأن لا يوجد هنالك (خطوط حمراء) أمام تشكيل الإئتلاف الحكومي المرتقب كما لو أن كل شيء يهون أمام الطريق نحو رئاسة الوزراء! كما أشرنا الى ذلك في مقالنا في العدد الماضي.
لا بأس بأن يكون رفع هذه الخطوط أو الحواجز من باب الانفتاح السياسي على الآخر وتغليب مصلحة البلد والشعب على المصالح الشخصية والفئوية الضيقة، لكن هل أن كل مصالح الشعب العراقي هي سياسية؟ وهل الثقافة والمناهج الدراسية والقيم والمبادئ خارجة عن مصالح هذا الشعب؟
ربما يجيبنا المنشغلون بالزيارات المكوكية بين مكتب هذه القائمة ومقر ذاك الحزب أو الجماعة بأن الهمّ حالياً هو سياسي ولا خشية على الثقافة وثوابت الدين في العراق، لنصل الى طاولة رئاسة الوزراء ونحن بالخدمة...! هذا ما يقوله حملة القيم والمبادئ الإسلامية نظرياً، والساعون نحو السياسة بكل ما أوتوا من قوة، لكن يبدو إن الآخر لا يشعر بالحرج والخجل من أن يبدي رأيه القاطع والصريح من أنه يتحاور لتشكيل الائتلاف حصراً مع من لا يحمل توجهاً (طائفياً)، والمقصود بكل وضوح ليس ذلك الذي يدافع عن شيعيته أو سنيّته، وهو ما نشهده ولو بمسمّيات أخرى، إنما ذلك الذي يسعى لإحكام الصلة بين المرجعية الدينية وبين الواقع السياسي في العراق، لما لهذا الأمر من أبعاد واسعة وعميقة تشمل مختلف جوانب الحياة.
إن أبناء شعبنا حسم أمره في إنتمائه الديني والثقافي منذ سبع سنوات ومنذ سقوط الصنم، وهو اليوم أدلى بصوته الى ممثليه ليقوموا بالخطوة الثانية وهي التفرّغ للبناء والإعمار وإزالة الحرمان والتخلف وسنّ القوانين الجديدة التي تتلاءم مع المرحلة الراهنة، مع الأخذ بنظر الاعتبار الثوابت والمعايير لا سيما وإن الدستور واضح في هذا المجال إذ حظر سن قانون في البرلمان يتعارض مع الشريعة الإسلامية وكذلك مع روح الديمقراطية، لكن في ظل هذه الحقائق على الأرض وجدنا مع الأسف التسابق نحو نبذ (الطائفية) بشكل مطلق والترويج لمفهوم (الدولة المدنية)، الأمر الذي يستدعي التريث والتأمل قبل الحديث المطلق عن مفردات متداولة في الساحة السياسية هي بالأصل ذات جذور ثقافية وفكرية، فالمعروف أن لا خطوط حمراء في السياسة أساساً ولا صداقات ولا عداوات إنما هي المصالح والمصالح فحسب، فلا نبيع الإنتماء والهوية والثوابت في سوق السياسة المتقلب.
|
|