المقال الافتتاحي
الأدب المستعار
|
محمد طاهر
ان أغلب المقررات التي ترتكز عليها السمة الحقيقية للشاعر او القاص لتسقط في بحور التناقضات اذا ما قورنت بين فترتين فينبغي للقارئ او المتابع للشأن الثقافي ان يتقبل التقلّب والتلاعب بهذه السمة من قبل (النخبة) ومن يدور حولها وهم يهبونها لمن لا يستحق لكي تُعاد الكرة الى ملعبهم بعد ذلك، وبهذا تسقط هذه السمة ضحية المتلاعبين تحت صورة مستعارة مزيفة بغطاء أدبي وصلت الى حد التعارض بين السمة الحقيقية للأديب والصورة المستعارة لهذه السمة للأديب المستعار التي رسمها له بعض (المحبين) لإنقاذ اسمه من المآزق التي وقع فيها جراء تذبذبه المتهالك في التشبّث بأنظمة وتوجهات، فليس هناك شواهد تدل على ان: (الشاعر يكتب قصيدة واحدة في حياته وما يأتي بعد هذه القصيدة يجري على نفس الوتر)، كما يقول أحد كبار النقاد العالميين، فالقارئ لا يجد مصداقا لهذا القول عند أغلب الأدباء الآن الذين تلونت كتاباتهم وتوجهاتهم على عدة اتجاهات خلال فترة وجيزة واذا كان هذا القول متعلقا بالأيدولوجية التي يتبناها الشاعر في حياته وموقفه من التاريخ والمجتمع والنظام السياسي القائم فإنه من البديهي ان ينعكس ذلك على الروائي الذي يجب ان يكون اكثر التزاماً بهذا القول حيث تبرز الرواية او القصة كنافذة تطل على المجتمع تصور ما يراه القاص بوضوح اكثر وبمشاهد اكثر من الشاعر وبما تثيره من قضايا اجتماعية وسياسية.
وحتى نوضح اكثر نقول (ان أهل مكة أدرى بشعابها) والكل يعرف الكتابات الرازحة تحت مفاعيل بوقية (وتكريمية) خاصة ويعرف أصحابها والخائضون غمارها ولم تمض على سقوط النظام البائد سوى سنوات قليلة، فما عدا مما بدا حتى يقوم (الصفوة) من اخلاء بعض الأدباء المستعارين سمات مستعارة من الأديب الحقيقي ليتحفوه بها ويقدموا له شهادات وتزكيات وحتى كرامات له في بعض الأماسي ويتناوبوا على ذلك، أليس الأولى ان يقدم هؤلاء (الصفوة) التاريخ الحقيقي لهذا الأديب ويحدّوا من سلطويته على الأدب.
ان الأمانة الأدبية تفرض استقلالية الحديث فيجب ان يتكلم الأديب عن الأديب بعيدا عن النفاق والمصلحة الشخصية كاشفا عن القناع الذي انطوى تحته لتصبح هذه الأحاديث فاصلة بين الأديب الحقيقي والأديب المستعار.
|
|