تُظهر حقائق الرجال
|
محمد هادي
في الادّعاء، كل الناس يعدّون انفسهم صالحين، وفي الحالات العادية يتصرف الكثيرون بشكل صحيح، لان ضمير الانسان يدعوه الى العمل الصالح. ففي الحالات العادية التي لا يتعرض المرء لطوفان الشهوات، يعمل الضمير بشكل طبيعي، ويعمل صاحبه بحسب وحي الضمير، اما بعد هجوم الغرائز والشهوات فالامر مختلف، وفي هذه الحالة يتعرض المرء للابتلاء والامتحان الالهي.
ومع ان الجميع يتعرضون للابتلاء، لكن البعض ابتلاؤه يؤدي الى الضلال، ولهذا ورد في الدعاء: «اللهم اني اعوذ بك من مضلات الفتن».
ولعل من اشد مضلات الفتن فتنة الرئاسة وحب السلطان. يقول الحديث الشريف: «ما ذئبان ضاريان في غنم قد تفرق رعاؤها بأضر في دين المسلم من الرئاسة».
وهذه الرئاسة هي التي اضلت عبدالملك بن مروان، فقد كان الرجل قبل موت ابيه خارج دائرة السلطة، ولذلك كان رقيق القلب، يعطف على الناس، ولم يكن يسب احدا او يقول في احد سوءا، وكان في اكثر اوقاته مشغولا بتلاوة القرآن في المسجد حتى سمي بحمامة المسجد. ولكن ما ان مات ابوه مروان بالسم وانتقلت الخلافة اليه وكان في تلك اللحظات في المسجد يتلو كتاب الله حتى اغلق القرآن ووضعه في الرف وقال: هذا فراق بيني وبينك.
لقد كان ضميره يعمل بشكل صحيح قبل الرئاسة، لانه لم يكن قد تعرض لطوفان شهوات السلطان: فعندها جهز يزيد جيشا لدخول مكة قال عبدالملك: «اعوذ بالله كيف يجرؤ على ارسال الجيش الى حرم الله»؟
اما بعد ان اصبح رئيسا فقد تغير وضعه. ففي ايام خلافته ارسل جيشا لجبا بقيادة الحجاج بن يوسف الثقفي، لغزو مكة، حيث قتلوا الكثير من الناس في بيت الله، ثم قتلوا عبدالله بن الزبير، وقطعوا رأسه وصلبوا جسمه بعد ذلك.
ولقد قال عبدالملك: «كنت قبل هذا أتجنب قتل نملة، ولكن عندما أتاني كتاب الحجاج بقتل الناس لم اشعر بأي حرج». ولقد قال له الزهري: «سمعت انك تشرب الخمر»؟
قال عبدالملك: «بلى، إني اشرب الخمر، وأشرب من دماء الناس ايضا».
|
|