احذروا داء الأمم... !!
|
*حسين الخشيمي
كقطعة خشب يابسة سقطت وسط نيران ملتهبة وانتهت في لحظة او قل من ذلك، كذلك يحترق الانسان وعمله بنيران الحسد، ليصبح مفلساً عند ربه. انه الحسد... ذلك المرض النفسي الخطير الذي بسببه فقد الكثير من الناس منزلتهم عند ربهم ومكانتهم في المجتمع. انه النار الحارقة التي اكلت ما لملمه الانسان من اعمال صالحة، واستبدلها بأقبح منها، فهو سبب طرد الانسان من رحمة الرب وعطفه، كما طرد الله أبليس بعد ان حسد آدم , ولم يكن قرار إخراج آدم عليه السلام من الجنة الابعد (الحسد) , فعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) في خطبة يوم الغدير : (معاشر الناس، إن إبليس اخرج آدم من الجنة بالحسد، فلا تحسدوا فتحبط أعمالكم، وتزل أقدامكم...). وفي حديث آخر يصفه صلى الله عليه وآله بـ (حالق الدين) و(داء الامم): (ان الحسد آفة الايمان)، ولايجتمعان قط ويهلك صاحبه ويرديه في دوامة الحسرة والعذاب النفسي المستمر ومن ثم الامراض الجسدية. يقول الامام علي (ع): (الحسد داء عياء، لا يزول إلا بهلك الحاسد أو موت المحسود).
الحسد ليس كما يتصوره عامة الناس الذين حصروه في زاوية التشائم من كلام بعض الاشخاص، او الخوف على ممتلكاتهم من أعين الاخرين، بل هو اخطر من ذلك بكثير فهو تمني زوال النعم او سلبها بدوافع نفسية دعت الى هذا التمني الذي ينتهي بالنتيجة الى سلوك واضح وجلي، فعندما يضمر احدهم الحسد لأي شخص كان، يظهر بسلوك معين، يخطط ويكيد من اجل الاطاحة بالمنعوم عليه تاركاً خلفه كل القيم التي نهت عنه.
ويبقى الحسود حليف ابليس، فيكون جندياً من جنود ابليس، يجني الندامة بشكل مستمر. ومن طريف ما يذكر ان ابليس هو الاخر من النادمين على الحسد ففي الرواية انه لما هبط نوح عليه السلام من السفينة، أتاه إبليس فقال له: ما في الأرض رجل أعظم منّة علي منك، دعوت الله على هؤلاء الفساق -أي قوم نوح- فأرحتني منهم، ألا أعلمك خصلتين؟ إياك والحسد، فهو الذي عمل بي ما عمل، وإياك والحرص، فهو الذي عمل بآدم ما عمل). ان نتيجة الحسد المؤلمة هي التي دعت مثل ابليس الى مثل هذا الحديث مع نبي من اولي العزم، وهو الذي لا يرتجى منه النصح لبني آدم. فالحسد هو من سلبه التوبة الى الله، فالحسود كما ورد في الاحاديث لا توبة له ولا نجاة له من نار جهنم فعن الامام الصادق عليه السلام : (والله لو قدم أحدكم ملء الأرض ذهبا على الله ثم حسد مؤمنا لكان ذلك الذهب مما يكوى به في النار).
اذن مانفع الذهب مع النار، وما نفع اظهار الايمان واضمار الحسد؟ فذلك لا يخفى على الله تبارك وتعالى. بل على الانسان ان يستغل فرصة الوجود في الحياة، واجتناب الحسد فهو اول ما يجب التخلص منه لانه اول ما عصي به الله تبارك وتعالى لكي يكون تحت ظل عرش الله من خلال مرضاته تبارك وتعالى لا من خلال ارضاء النفس والشيطان في سخطه جل وعلا.
|
|