قسم: الاول | قبل بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام

مامبا الغراف وأفاعي الفساد
زاهر الزبيدي
تشير التقارير الصحفية الأخيرة عن العثور على أفعى "المامبا" الأفريقية في بعض مناطق محافظة ذي قار.. والمامبا تلك تمثل أحد كوابيس أفريقيا لكونها تعتبر ثاني أكثر الأفاعي سمية وفتكاً في أفريقيا حيث يصل طولها الى أربعة أمتار وتشترك مع ابنة عمتها "الكوبرا" في كونهما ينتميان الى نفس العائلة ولهما ذات السم الذي يضرب الجهاز العصبي للملدوغ...
فجأة تحولت المامبا الى أحد كوابيس أهلنا في محافظة ذي قادر وكان قبلها تماسيح الديوانية القاتلة وسبقهما الحيوان الذي ظهر في محافظة المثنى والذي يشبه في شكله شكل الكلب الكبير وله مخالب طولها من 5 – 10 سنتمترات ويداه الأماميتان أقصر من خلفيتيه ويظهر ليلاً بين الواحدة والثالثة بعد منتصف الليل ليهاجم الأغنام في صحراء المثنى.
كثيرة هي الحيوانات الشرسة التي تهاجم وطننا بعدما اغفل عنه "حماته".. و أضحى البعض من الأفاعي الأكثر سمية وفتكاً حينما تحولوا الى أفاعٍ للفساد تلتهم وتبتلع الميزانيات الهائلة التي خصصت لمشاريع تخدم أبناء الوطن الغارق في همه حد الثمالة.
أفاعي كبيرة.. بل أكبر بعشرات المرات من تلك التي تظهر هنا وهناك محدثة خوفاً وفزعاً في قلوب أبناءنا.. انها أفاع الفساد التي لم يعد هناك مصل لسمها الذي تنفثه يومياً في أروقة مؤسسات الدولة.. محدثة هزات عنيفة في قلوبنا يكاد صوابنا منها أن يطير..
كيف يمكن لوزارة كاملة أن لا تتحقق من الشركات التي تتعاقد معها وتزور مرافقها وتتطلع على أعمالها أو حتى أن تكلف، رسمياً سفرائنا "هيبة العراق" ممن تتبع تلك الشركات للدول التي يعملون فيها لزيارة تلك الشركات والاطلاع على أصولها الثابتة ومجمل نشاطاتها ومصانعها والحصول على رصانتها من تلك الحكومات بطريقة دبلوماسية تمكن الوزارات من التعاقد، وهي مطمئنة، على عقودها وبشفافية مطلقة.. ونحن على مستوى دولة بحجم العراق وإمكانية من يمتلك 11% من إحتياطي نفط العالم غير قادرين على أن نتعاقد مع شركات كبرى معروفة ويدفعنا فسادنا للتعاقد مع شركات وهمية أو ليس لها أعمال مشابهة لنمنحها وبكل جدارة "فرصة العمر" في الاغتناء الفاحش والثراء على حساب فقراء شعبنا..
والكل يعلم بأن ما أن فتح باب الاستثمار في العراق حتى أصبحت هناك دول بكاملها تعمل كشركات لإيهام العراقيين وعلى رأسهم الحكومة بقدرتها على الدخول في تلك الاستثمارات التي لا زالت هشة وغير قادرة على الوقوف بوجه الاحتياجات الشعبية التي تتزايد كل يوم مطالبة بتحقيق مستوى أفضل من الخدمات وتقديم مستوى أعلى من الحقوق..
شركات تعمل على حدود العراق وعلى شطآن البحار القريبة تعد العدة بكل ما أوتيت من قوة للدخول في العراق يشفع لها المفسدون ناقصو العقول في تسهيل مهمتهم في ذلك بتغطيتها على وهميتها ولحين إبتلاع تلك الأفاع للمبالغ الهائلة.. عقدان فقط تم إكتشافهما بمبلغ 1,7 مليار دولار.. وماذا عن المبالغ التي ابتلعتها تلكم الأفاعي منذ عام 2003.. من له القدرة الآن على تقديرها.. بل من له القدرة على أن يمد رأسه بين فكي الأفاعي تلك و معرفة مصير المليارات الـ27 التي فقدت والتي ما أن مرّ على إثارتها أسابيع حتى هدأت الزوبعة في فنجانها.. والأكثر غرابة هي ما أن يظهر المفسدون وتفتح ملفاتهم حتى يظهر المدافعون عنهم من أحزابهم وكتلهم والمنتفعين منهم وكأن تلك العقود التي أبرمت ليست في مصلحة الشعب بالمرة.. بل في مصلحة الأحزاب والكتل وإلا كيف نبرر المبالغ التي تصرفها الأحزاب على فضائياتها وصحفها وكيف تتمكن تلك الأحزاب في دعم فضائيات اخرى غير تلك التي تعود لها أصلاً..
لقد طالت يد الأحزاب لتصل الى الموازنات الاتحادية وتعبث بها من خلال توليها لوزارات الدولة وتلك في نظري أكثر الطرق أماناً لها.إنها أفاع جديدة يتم إضافتها الى سلسلة الحيوانات الوحشية التي تهدد امن شعبنا وعلى من يهمه الأمر أن يبدأ بالعمل على إعداد جداول بالشركات المعتمدة عالمياً وبكل المجالات وبالاعتماد على تقديرات محكمين واستشاريين من دول العالم لتقدير أمكانية التعاقد معها لا أن يترك الأمر بيد من يحمل فأساً باليد الأخرى ليهوي بها على رؤوسنا ليطيح منا الحلم الذي ينسجه لنا خيالنا كل ليلة بأن العراق سيكون نظيفاً يوماً ما.. وعسى الله أن يكون قريباً !