فتنة المال
|
* سعد مغيمش الشمري
"الحمد لله الذي بيده خزائن السماوات والأرض، يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء بيده الخير وهو على كل شيء قدير".
الحمد لله الذي خول عباده من الأموال ما به تقوم مصالح دينهم ودنياهم وجعل لتحصيلها وانفاقها ضوابط شرعية وقوانين ومسارات، إن مضوا وفق هداها نجوا جميعاً وسلموا والعكس بالعكس.
إن المال يمكن أن يكون فتنة، كما جاء في الكتاب المجيد: "إنما أموالكم وأولادكم فتنة ..."، لكن في نفس الوقت يمكن أن يكون رحمة لنا جميعاً، أكبر دليل على ذلك حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) في خديجة (رضوان الله عليها)، (إنما قام الاسلام على مال خديجة وسيف علي). إذن فالمال وسيلة وهبها الله تعالى للانسان ليشق طريقه في هذه الحياة نحو رضوان الخالق.
متى يكون المال فتنة؟
فتنة المال قد تكون في تحصيلها فإن الله تعالى شرع في تحصيلها طرقاً عديدة وهذه الطرق إما ان تكون من مصدر حلال او حرام بحيث يكسبها الانسان بغير حق، ومن هنا انقسم الناس قسمين:
القسم الأول: قسم اتقى الله تعالى وأجمل في الطلب اكتسبها عن طريق الحلال فكانت بركة عليها إذا أنفق وتصدق وتخمس وأجراً له إذا خلفها لورثته فهو غانم.
القسم الثاني: من جمعها ولم يتق الله لطلبه، وكان يجمع المال من أي طريق يأتي إليه سواء أكان حلالاً أم حراماً لا يبال بما اكتسب فالحلال عنده ما حل بيده ولم ينفق منه بزكاته وخمسه فكان ذلك خلفه من بعده كان له ناراً.
كما إن فتنة المال تكمن فيمن كان المال أكبر همه وشغل قلبه ولا نصب عينه إلا المال إن قام يفكر فيه وإن قعد، وإن نام كانت احلامه فيه، فالمال ملأ قلبه وبصره وعينه وسمعه وآذانه وشغل فكره حتى عبادته لم تسلم، فهو يفكر في ماله في صلاته، ومع ذلك الهم والفتنة فلن يأتيه من الرزق إلا ما كتب الله له، ولن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها.ويدفع حب المال الى أن يأكل الشخص مال اليتيم ليستغني به والتي يصورها ربنا بأبشع الصور قائلا: "إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً" وكذلك تجرهم أعمالهم الى عدم اعطاء الأجير أجره من خادم أو سائق أو عامل أو من بنى لك داراً وأنه فوق هذا كله يعمل على المباهاة بالمال، ويبدأ بالتقصير في النفقة الواجبة على الأهل والعيال.فاتقوا الله واعلموا أن هذه الأموال التي بين أيديكم جعلها الله لكم فتنة في تحصيلها وفتنة في تمويلها وفتنة في إنفاقها، فليكن كل شخص منا لم يترك الواجبات والمستحبات فنصبح من أصحاب الرحمن ونطلب المال من الطرق المباحة فإننا لن نبقى للمال أبداً.
|
|