سماحة المرجع المُدرّسي"دام ظله" في كلمة بمناسبة ولادة الامام الحسين عليه السلام:
مسيرات الولاء هي رسالة شعبنا لبناء دولة صالحة بالوحدة والتعاون في مواجهة التمزق
|
الهدى / كربلاء المقدسة:
قال سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد محمد تقي المدرّسي"دام ظله" أن : شعبنا في العراق يحمل روح وراية ورسالة الولاء للنبي (ص) واهل بيته (ع) و انك تجد هذا الشعب اليوم في زياراته الى كربلاء او بغداد الكاظمين (ع) وسامراء والنجف.. يمشون على اقدامهم، ويحيون أمر اهل البيت(ع) ، في مناسبات افراحهم او احزانهم ، فهو الشعب الذي عظم وكبر واستطال بولائه لاهل البيت (ع) حاملا راية فكر وثقافة وظلامة الائمة (ع) ويقول كلا للظلم والطغيان.. و الذين يتحدثون عنه بإستخفاف لا يعرفون الجوهرة الكامنة في هذا الشعب..
وفي كلمة له وجهها الى ابناء الشعب والموالين في مختلف البلدان بمناسبة ذكرى ولادة الامام الحسين (ع)، قال سماحته : هذه رسالة شعبنا وهي رسالة الوحدة والتعاون، وكم حاول الاعداء والمتربصون شرا بهذا الشعب وهذه الامة ، تفريقها وتمزيقها، وكم حاولوا اثارة الحروب الطائفية في هذا الشعب، واذا بمناسبة مثل مناسبة الاربعين او عاشوراء ، او شهادة الامام الكاظم عليه السلام، او الزيارة الشعبانية، تتحول الى بوتقة تنصهر فيها كل الطوائف وكل الاحزاب وكل الاتجاهات .. هذه هي القوة و الكهف الحصين والدرع الواقية لهذا الشعب. واضاف : اقول لابناء الشعب، يا اخواني : علينا أن نجسد التعاون والوحدة ليس فقط في المسيرات الجماهيرية الايمانية الهائلة وانما في الدوائر والمصانع و الاسواق والاحياء وكل مفاصل حياة مجتمعنا لكي نتمكن بفضل الله ورحمته من بناء دولة صالحة متحدة، تخدم الشعب و تطبق القوانين والقيم الربانية ويشترك فيها الجميع .. ايها الاخوة: الآن نحن نعيش اجواء ميلاد الامام الحسين (ع) وهكذا نعيش طوال السنة مناسبات عدة تصل بأبي عبد الله (ع)، "فعلينا أن نستلهم منه سلام الله عليه، ومن كل هذه المناسبات المزيد من البصائر والرؤى الايمانية والمزيد من العزم وما ينفعنا وما يجعلنا اكثر قدرة على مواجهة تحديات الحياة واكثر قدرة من اجل بناء انفسنا وتزكيتها وبناء مجتمعنا والدفاع عن قيمنا ومواجهة عوامل الضعف ، والظلم و الطغيان، و الثقافات الجاهلية ، واكثر قدرة على بناء شعوبنا على اسس سليمة وحكيمة..
وعن مسؤوليتنا تجاه الامام الحسين (ع) في العصر الراهن قال سماحته : : كما ان الامام الحسين(ع) عبرة وقدوة وامل فان بني امية وحزبهم الفاسد ونظامهم الظالم احدوثة في التاريخ، و لابد ان يعتبر الناس بهذا مرة وبذاك مرة اخرى لكي لا يأتي يوم يجد اهل الحق انفسهم محاصرين وتترى عليهم المصائب ثم يفقدون الامل ، بل يجب أن يبقى الامل دائما بالله تعالى وبنصره، بالرغم من تحزب الظالمين وتسلحهم بالامكانات والاعلام والاموال والسلاح والارهاب.. وذلك ايها الاخوة لا يعني ان المؤمنين الصالحين المظلومين المستضعفين الكادحين يتركون الامور دون ان يحركوا ساكنا ، لابد ان يقوم كل منا بدوره، و ان نتمثل شخصية الامام الحسين عليه السلام ونستلهم من نهضته ، كل بقدره ووسعه ، ومن ذلك:
اولا: إن الامام الحسين(ع) ربّي القرآن والوحي الذي نزل وتركز في بيت الرسالة ..فبرنامج وخلق الحسين (ع) هو القرآن، كما جده المصطفى (ص) وأمه وابيه واخيه وبنيه (ع) وهو في ليلية عاشوراء استمهل اعداءه حتى يصلي لربه صلوات ويقرأ القرآن ، فحري بإتباعه ومحبيه أن لايجعلوا القرآن مهجورا ، فالانسان الحسيني يعني انه قرآني، والائمة هم حسب رأينا وعقيدتنا القرآن الناطق ،و لقد تمثل القرآن في حياتهم.. فيجب علينا ان نستوحي من كتاب ربنا المجيد الذي أمرنا الله تعالى بأن نتدبر فيه، وأمرنا نبينا وائمتنا باستنطاقه، و بطرح الاسئلة والقضايا عليه والاستفادة منه لاستجلاء الامور والحلول، و نستوحي من كتاب ربنا رؤية مستقبلية لبيان الأفق الذي ستنتهي اليه هذه الظاهرة او تلك الحادثة. فتعالوا نجسد مبادئ الاسلام ومبادئ القرآن و اهل البيت (ع) فحين نؤدي الزيارات ونقيم المراسم، علينا أن نعود بذخيرة روحية هائلة، فنتبع أهل البيت (ع) في اخلاقهم وعبادتهم وعرفانهم وعلمهم وتضحياتهم وصبرهم..ونتبع ونجسد تعاليم القرآن لان اهل البيت (ع) هم عدل الكتاب ، وحياتهم وبرنامجهم ومنهاجهم وخلقهم القرآن الكريم ، فتعالوا للقرآن نتدبر ونتبصر فيه ونستنطق ونستوحي من آياته ونطبقها في واقعنا.
ثانيا : أن الامام الحسين (ع) امام ناطق خطب و تحدث في المدينة وفي مكة، وكربلاء وفي ايام معاوية ويزيد، وهذه الخطب والكلمات كلها مناهجاً للتحرك نستطيع الاستفادة منها فلنجعل منها منهاج لحياتنا ، يعطينا قوة ورؤية تجاه حياتنا والاحداث .. و لنجعل أيضا من الزيارات المأثورة عن الائمة المعصومين (ع) برامج عملية، فيا ليت ان تكون هذه الزيارات او على الاقل بعضها محورا لدراسة العلماء والخطباء ، ونحن في ايام الصيف مثلا فما الضير في أن نعلم اطفالنا على حفظها لتنطبع في قلوبهم وتتحول لبرنامج عملي في حياتهم ؟، فنحن من خلال هذه الزيارات وما فيها من كلمات مضيئة ومن برامج عملية نستطيع ان نتمثل بنسبة ما شخصية الامام الحسين(ع) ، ونحول حياتنا الى حياة نظيفة وكريمة و محبوبة عند الله والناس.
ثالثا: في المجتمع العراقي وفي كثير من البلاد ، توجد وتتشكل بمرور الزمن مجموعات كبيرة تحت راية الامام الحسين بإسم الهيئات والمواكب والمراكز الحسينية، وكل هذه المؤسسات والمنتمين اليها يستطيعون ان يقتربوا ويقربوا المجتمع معهم خطوات اكثر الى نهج الامام الحسين(ع) اذا قاموا ببعض الاعمال ، كأن تجتمع هذه الهيئة مثلا او تلك في كل يوم ساعة حسب المستطاع وتقرأ فضلاً عن اناشيد الافراح، او التعزية الحسينية ، القرآن، ونهج البلاغة و وصايا وكلمات الامام الحسين وسائر الائمة (ع) ، ويحاولون ان يتفقهوا فيها ثم يتفقهوا في الدين الذي استشهد الامام الحسين من أجله ، و يتفقهون في التاريخ الاسلامي وسير المعصومين والانبياء .
رابعا: عندما يجتمع هؤلاء الاخوة ويتحدثون فليفكروا في المحيط الذي هم فيه، فاذا وجدوا معروفا وكل عمل خير وبرّ اشتركوا فيه ودعوا اليه وشجعوه ، باللسان او بالمال ، وبقدر المستطاع. واذا رأوا منكرا نهوا عنه ، فالحسين (ع) قتل من اجل النهي عن المنكر والامر بالمعروف، ونحن بدورنا نقوم بالنهي عن المنكر ، وهو يجب ان يكون باسلوب الحكمة و الكلمة الطيبة ، والموعظة الحسنة، والحكمة هنا لا تعني فقط الاسلوب الطيب وانماايضا السعي الى توفير الوسائل البدلية و المناسبة، فلو فرضنا ان هناك مجموعة من الاولاد رأيناهم في الشارع يقومون بعمل مشين غير مناسب ننهاهم عن المنكر من جهة ومن جهة اخرى نوفر لهم البديل ..ناخذهم مثلا الى ممارسة الرياضة البريئة والنظيفة
خامسا: فتشوا عن الثغرات في البلاد، واسعوا لاصلاح الوضع الاجتماعي، عن يتيم او ارملة يحتاجان الى رعاية ودعم او اعزب يحتاج الى دعم لكي يتزوج وعن مريض يحتاج الى تعاون لكي يشفيه الله تعالى. ومن الثغرات الاجتماعية هي ثغرة النزاعات والاختلافات، فالهيئات او المراكز و المؤسسات الحسينية تستطيع القيام بدور الاصلاح، اصلاح ذات البين في المجتمع، و من ثم بدور اكبر من هذا حتى في الواقع السياسي الذي قد يكون واقع فاسد ومنحرف، ومرة اخرى اقول وبالمتسطاع وبالتي هي احسن .
|
|