قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام
محاضرة يلقيها.. سَمَاحَةُ المَرِجعِ الدّيني آيةُ اللهِ العُظمى السَيد مُحَمّد تَقِي المُدَرّسِي
الانشغال بالسياسة يبعدنا عن مسيرة التوحيد التي حمل لواءها أهل البيت (ع)
لمشاهدة الصورة لحجم اكبر إضغط علي الصورة إعداد / ضياء باقر
أعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
"يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ" المائدة( 15-16)
آمنا بالله
صدق الله العلي العظيم
تتكرر في القرآن الكريم كلمات (الأمة) سواءً أكانت في ما يتصل بالأمة الناجية المرحومة – الاسلامية- أم فيما يرتبط بسائر الأمم الفاسدة الغابرة، وحتى بالنسبة إلى الاحياء الاخرى كالطيور والبهائم، وتنعكس هذه الكلمة، (الأمة) في ثقافة المسلمين وفي بصائرهم وتطبع هذه الثقافة بطابع متميز؛ فماذا تعني الكلمة؟ ولماذا التركيز عليها؟ الكلمة مشتقة من (أمّ – يئم)، أي قصد، ومشتقة من الإتمام أي الاقتداء؛ فالأمة إذن هي مجموعة من الناس يقصدون هدفاً ويأتمون بقائد، إذن الأمة تتشكل من شرطين رئيسين:
الشرط الأول هو الهدفية، والشرط الثاني هو الحركية ضمن اطار القيادة التي ترسم لهذه المجموعة.
واذا تعمقنا في تاريخ الرسالات الإلهية نجد أن الهدف الرئيس لهذه الرسالات لم يكن إلى الوصول الى الحكم فقط، ولا بناء اخلاق الفرد فحسب وإنما الهدف الرئيس كان بناء أمة من الناس "إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ" الهدف هو تشكيل هذه الأمة "كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ"، والهدف الرئيس هو ايجاد تجمع يقتدون بقائد أو إمام وهذا الإمام يقودهم نحو هدف مقدس معين ومن هنا نجد أن الحكومات عبر التاريخ سواء أكان تاريخ الأمة الاسلامية أم تاريخ الأمم السافلة الغابرة، فان الحكومات كانت تتبدل بين حكومات صالحة واخرى فاسدة ولكن الأمة بقيت هي الأمة، تلك الأمة التي صنعها سيدنا ونبينا وقائدنا محمد (ص) ومن ثم اهل بيته المعصومين (ع) تلك الأمة كانت ولا زالت قائمة وستبقى الى قيام خليفة اهل الارض ووارث كل النبيين الامام الحجة ابن الحسن المهدي (عجل الله تعالى فرجه)، سيأتي ليحمل هذه الراية نفس الراية التي نزلت مع النبي آدم وحملها ادريس ثم نوح ثم ابراهيم ثم موسى ثم عيسى وسائر النبيين وسائر اهل البيت الأئمة المعصومين من بعد النبي وتلك الراية لا تزال موجودة وبيد قائد، ولازلنا نحن والحمد لله نتبع هذا القائد، ونحن حينما نتبع عالماً من العلماء أو فقيهاً من الفقهاء، أو مجتهداً من المجتهدين فلا نتبعه بذاته وإنما نتبعه لأنه أمام أو باب الى إمامنا (عجل الله تعالى فرجه) ولذلك مهما اختلفوا ومهما تعددت آراؤهم إلا أنها تتأطر بإطار واحد وذلك الإطار هو إطار الإمام (عجل الله تعالى فرجه)؛ فهؤلاء أبواب نتبعهم لقول الإمام الحجة (عج) فيهم: (هم حجتي عليكم وانا حجة الله)؛ فاذن الحجة الحق بيننا وبين ربنا هو الإمام، أما الفقهاء فهم نواب لذلك الإمام وهم حجج الله من قبل ذلك الإمام، والإمام هو الوسيلة بينهم وبين الله سبحانه وتعالى، من أمم ومجتمع، والأئمة المعصومون (ع) كل واحد منهم قام بدور بعد النبي (ص)، فأما النبي فأول ما في الظاهر فإنه صنع هذه الأمة وصبغها بصبغة التوحيد حينما آخى بين المهاجرين والانصار وحينما آخى بينهم ونزلت الآية "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ" اصبحت الأمة واقع حال، نعم كان هناك سياسة وحروب وغزوات ولكن الاساس هو الاخوة والوحدة التي كانت بين المسلمين وكذلك هو هذا الوسام الإلهي الذي اعطاه الله لهؤلاء وقال: "كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ" وجعلهم شهداء "وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ" يعني قيادات "لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً" شهادة النبي وقيادته ورسالته توزعت في داخل الأمة وهذه الأمة اصبحت أمة الشهداء والشهادة لله والقيام بالحق والقسط.
*عمّن نأخذ تاريخنا ؟*
وفي فترات معينة كانت الحركة نحو بناء الأمة وتغذيتها حركة دامية في عهد النبي وثلاث وسبعون غزوة وسرية قادها النبي (ص) أو أمر بها في حياته انطبعت هذه الحركة واصطبغت بالدم والجهاد والقتال "حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ" , "وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ" وكذلك في عهد الإمام علي (ع) الذي شارك النبي (ص) وحارب الاعداء تحت لوائه ثم هو بدوره حمل السيف، والإمام الحسن عليه السلام حمل السيف كذلك، والإمام الحسين ايضاً، هذه الفترة كانت فترة مصبوغة بالدم القاني الاحمر وبالجهاد، والذي يقول أنا من أمة النبي ومن أمة علي ومن اصحاب الزكي والحسين الصفي، هذا يقول كلامه ويذهب فلا يقبل منه ويقول له اين سيفك ورمحك وترسك وجهادك.
لكن بعدئذ اثبت المسلمون وابناء الأمة جهادهم.. ونحن لا ندرس التاريخ من خلال يزيد بن معاوية أو معاوية بن ابي سفيان أو فلان وعلاّن، إنما ندرس التاريخ من خلال حبيب بن مظاهر ومحمد الاسدي (رضوان الله عليهما) ومن خلال هؤلاء القادة الذين صبغوا التاريخ ولونوه بدمائهم، هؤلاء الابطال الذين أتوا إلى كربلاء مثل عابس بن شبيب هذا الذي يقول: (حب الحسين اجنني) وامثال هؤلاء الذين حملوا الراية، فهؤلاء هم آباؤنا وساداتنا وقيادتنا وسلفنا الصالح، أما ذلك الرجل الذي يلعب بالقرود والفهود والذي يتغنى بدكة الخمّار، فذلك رجل سافل وامثاله بالملايين، فما قيمة هذا الرجل التافهة؟ إن نعل أحد أصحاب الإمام الحسين في كربلاء كانت أفضل واكثر قيمة من تلك التيجان التي قامت على اساس قتل الابرياء، أليس كذلك؟
صحيح أن بعض المؤرخين اقلامهم مأجورة ودائماً يكتبون عن هذا السلطان وذاك الصولجان وذلك السيف هؤلاء تافهون ايضاً، وبالنسبة لنا يتجلى قاسم بن الحسن وعبد الله الرضيع (ع) لماذا؟ لأن هؤلاء هم صبغوا أمتنا واعطوها معنىً ومغزاً وهدف التضحية والجهاد والعطاء، فانا وانت اليوم اذا كنا مسلمين ونصلي ونصوم فهو بفضل قيام ابي عبد الله الحسين (ع) حيث نقول: أشهد أنك قد أقمت الصلاة، قيام الصلاة به، واذا كان يزيد يصلي وحده ويقول:
ماقال ربك ويل للذين شربوا بل قال ربك ويل للمصلينا
هل هذا خليفة رسول الله؟ هل هذا يقيم الصلاة؟ إن الذي اقام الصلاة اثناء المعركة حينما قال له الصيداوي أوقت الصلاة هذا؟ فقال: بلى هذا وقتها وذكرتني بها، جعلك الله من المصلين، وقام الى الصلاة والسهام كالمطر ولكنه قام الى الصلاة وصلاها في وسط المعركة، لماذا؟ حتى يفهمنا معنى الصلاة والعلاقة مع الله والتوحيد، وأكمل المسيرة وحمل رايتها الإمام السجاد (ع)، وهو بذاته اشترك في المعركة، وهناك من يقول كان الإمام السجاد جالساً في كربلاء ونحن نقول له: كلا، فهو قائم لأنه دخل المعركة في كربلاء ولكن المرض اقعده لحكمة إلهية وحتى في تلك لحظات حمل سيفه وعصاه حتى ينطلق نحو المعركة بنفس الحالة المرضية الخطيرة التي كان يعانيها ولكن زينب (ع) منعته، أليس كذلك؟
*التربية الرسالية بعد اليقضة*
إن المرحلة التي عاشها الإمام زين العابدين قد اختلفت والأمة اصبحت واقع حال بعد قصة كربلاء يعني أن الأمة اصبحت نشيطة وناهضة ومجاهدة، انت ادرس التاريخ، وانا كتبت (التاريخ الاسلامي) في هذا الموضوع من سنة 61 للهجرة، تلاحظ أن الأمة اختلفت وقد حملت السيف وكان المجاهد الحقيقي يحمل السيف ضد الطاغوت ويحارب ويموت والناس يمدحونه، ابتداءً من حركة التوابين والتي انطلقت من سنة 65هـ الى حركة زيد بن علي (زيد الشهيد) (سلام الله عليه) الى عشرات بل ومئات الحركات في تاريخ الأمة ونهضتها، يعني إن الإمام الحسين (ع) ودمه قد جرى في عروق المسلمين فالآن الوضع اختلف والإمام زين العابدين حمل الراية وعندما حملها كيف حملها؟ حملها مع الصحيفة السجادية وقال الآن انتم محاربون ولكن لا تنسوا في سجونكم ومعتقلاتكم وحروبكم وخلاياكم النائمة وخلاياكم الناهضة الدعاء، وأقرأوا دعاء الثغور او دعاء كذا ... هذه الصحيفة السجادية، ومن بعد الإمام زين العابدين (ع) أكمل مسيرة حمل الراية الإمام الباقر (ع) بعدما تكرست في الأمة روح التوحيد الخالص الذي لا تشوبه شائبة والتي تتجلى في القرآن وفي نهج البلاغة وفي الصحيفة السجادية وفي دعاء الإمام وتربية الإمام لهؤلاء القادة وكل عام كان الإمام يشتري ألف من العبيد وهؤلاء شباب ينتقيهم الإمام زين العابدين (ع) انتقاءً مثلما عمل جده الإمام أمير المؤمنين (ع) عندما انتقى ميثماً التمار واشتراه من تلك المرأة فصار ميثم، ذلك الرجل الذي يلهم الأمة الجهاد والعطاء والتضحية كذلك كان الإمام زين العابدين (ع) يشتري الولد الذي يراه نابهاً وهو من أهل هذه المنطقة من اهل آذربيجان أو من تركيا او ايران او بلاد النوبة من اي عالم اسلامي في كل الكون هم كانوا موجودين في تلك المنطقة، منطقة الشرق الاوسط فيشتري هذا ويشتري ذاك ينتقيهم انتقاء ثم يربيهم بيده (سلام الله عليه) وتحت اشرافه في مدرسته وجامعته وصومعته وعبادته، فكان يربيهم تربية صالحة وفي ليلة عيد الفطر المبارك يطلق سراحهم ويعتقهم في سبيل الله بعد أن زكّى الله قلوبهم به واصبحوا أناساً طيبين مئة بالمئة، وانطلقوا دعاة الى الله سبحانه وتعالى.
أما الإمام الباقر (ع) فجاء ببيان جوامع العلم واصول التوحيد ومخالفة الافكار الفلسفية الناشئة التي بثت في الأمة ومخالفة الوساوس الشيطانية التي بثها الحسن البصري واتباعه ومخالفة الافكار المرجئة التي خلقهت وصنعا معاوية ليشوشوا على الأمة، ومواجهة التحديات الثقافية الاساسية قابلها الأمام محمد بن علي باقر علم الاولين والاخرين (ع) وانتهى الأمر والآن الأمة اصبحت بيد الإمام الصادق (ع) و وجد فرصة سانحة لنشر التعاليم على اوسع مدى فاستفاد منها، فمرة تكون الظروف صعبة وخانقة ولا تسمح للإنسان للبت بما اكتشفه وفي هذه الحالة تجد الامام زين العابدين (ع) وهو في محرابه يتعبد ثم يطلق تلك المناجاة التي تنتشر في العالم الإسلامي انتشار النار في الهشيم ثم تُغير النفوس، فهذه مرة، ومرة الامام الصادق عليه السلام يجد هناك صراعاً بين الامويين والعباسيين وانشغالهم بأمور دنياهم فيبدأ بحركة تصحيحية فقهية كاملة، فاذا بالرجل يقول وجدت في هذا المسجد او الجامع (جامع الكوفة) 700 شيخ كلهم يقول حدثني جعفر بن محمد الصادق (ع)، فسبعمئة عالم ديني في مسجد واحد وفي اختصاصات شتى فهذا في الكيمياء وهذا في الفيزياء وآخر بالتاريخ وغيره في القرآن والتفسير والفقه وكل العلوم الاسلامية.
جاءني رجل وكنت اتناقش في المسجد الحرام بين الطلوعين مع مجموعة من السلفيين وكانوا قد عبئوا بأفكار ضد شيعة اهل البيت (ع) وانا وحيد واتكلم معهم ولكن في لحظة رأيت هؤلاء احاطوا بي من كل جهة، فطلبت من الله النصرة فاذا بي أرى شخصا وسيما جميلاً جذاباً ودخل في حلقتنا، وقال: اتأذنون لي بان ادخل في حلقتكم؟، قالوا: بلى، قال: اسمعوا يا جماعة، أنا عالم من علماء المالكية في المغرب وانا حافظ القرآن وأنا اعرف بدينكم جميعاً ولكن اعرفوا أنه أي مذهب من المذاهب لا يتصل في النهاية إلا الى اهل البيت (ع) فهو بياض في بياض، قالوا له: أنت شيعي مثله؟ قال: انا لست شيعياً، أنا عالم من علماء المالكية في المغرب، وهذا عنواني واسمي وتاريخي ولكن أقول: لولا السنتان التي درسها حنيفة بن النعمان لما كنا اتبعنا أبا حنيفة وفلان اخذ من فلان وعنده تاريخ جيد فقال: اصل الدين هم اهل بيت الرسالة نحن اذا عرفنا بان هؤلاء اهل البيت لا يرضون عن هؤلاء فما قيمة هؤلاء فتفرقوا عنه وتفرقوا عني والحمد لله."إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ".
اخواني: الامام الصادق (ع) فجر ينابيع العلم، فأولاً قسم المدرسة واذا جاء شخص يريد ان يتباحث في المسائل الفلسفية فيقول هذا هشام تكلم معه فيتكلم مع هشام، واذا مسألة فقهية يقول هذا زرارة، واذا كانت مسألة اصولية يقول هذا ابو بصير، وهكذا قسم المدرسة عند اناس يكتبون بعضهم في المدينة وبعضهم في الحيرة وبعض الاحيان في الكوفة ولعله في بغداد ومناطق اخرى ينشر العلم ويصنع رجالاً، وهذا العلم الموجود اليوم بحار الانوار في مئة جزء وعنده (مستدرك) في مئة جزء فهذان مئتا جزء في رواية الصادق ورواية واحدة من هذه الروايات تنير الدرب للمسلمين كافة؛ الامام الصادق (ع) رحل والإمام الرضا رحل ايضاً، وبقية الأئمة رحلوا ولكن آثارهم موجودة ونحن لا زلنا بحاجة الى تلك الآثار.
اخواني: المسألة اليوم نحن نحتفي بذكرى عالم اهل البيت الامام الصادق (ع) ولابد أن نتعلم عنده والامة وإن ابتعدت عن مصدر النور وقرون تفصلنا عن الإمام ولكننا حينما ننظر الى كلماتهم نجدها وكأنها كلمات طازجة صدرت اليوم وانا اوصيت في هذه المناسبة الشباب بالذات وقلت: ياأيها الموالون يا ايها الشباب والشبيبة وانتن ايتها الشبائب بانه الآن مسؤوليتكم ان تدرسوا الائمة ليس فقط من خلال مآسيهم او مغازيهم او كراماتهم او معاجزهم ليس هذا فقط يكفي وانما من خلال كلماتهم المضيئة، فلتتشكل المعاهد الدينية والحوزات العلمية وحتى اذا لم يوجد حوزة او معهد يا اخي انت واجبك أن تدرس كلمات اهل البيت وكلامهم والإمام الصادق (ع) حتى تكون نجاة لك من النار.
وربنا يقول في كتابه في سورة المائدة وهي آخر سورة نزلت على نبينا (ص): "يَا أَهْلَ الْكِتَابِ" يعني انتم الذين عندكم كتاب وتوراة وزبور وانجيل وكتب اخرى متوارثة فاعلموا ان هذا الكتاب الذي نزل مهيمن على تلك الكتب "قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ" وقد جاء الدين وكان دين الرسول دين الرحمة فجاء وخفف عن الامم بعض التكاليف الثقيلة "قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ* يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ" نحن اليوم، وهذا نداء انا اوجهه الى علماء الدين والدعاة الى الله والى اهل البصائر والهمم والذين يريدون ان تكون لديهم يد عند الامام الصادق (ع) أقول: لاتنشغلوا زيادة في السياسة، أكل ونوم وشرب هذا موجود في كل مكان وزمان وهذه موجود عند الحيوانات والنملة والنسر والفيل والحوت صغيراً او كبيرا وكل حيوان ينهض في الصباح يبحث عن رزقه وانا ايضا ابحث عن رزقي واكلت عدداً من اللقمات ومن ثم نمت وانجبت وحتى الحيوانات تنجب اليس كذلك؟ فانتم مكلفون ان تحملوا الراية وان تكونوا خير امة اخرجت للناس وتأمروا بالمعروف وتنهون عن المنكر وان تكونوا شهداء على الناس كما كان الرسول عليكم شهيدا، ادرسوا اهل البيت وانا اقول لعلماء الدين والحوزات العلمية اين انتم من هؤلاء الشباب الضائع، انزلوا للساحة وفجروا طاقاتكم والمجتمع يتقبل منكم والناس يريدون وهم عطاشى فلا تبحث عن منصب ودور سياسي، ابحث عن الله والتاريخ والامام الصادق (ع) والقرآن واهل البيت وكلماتهم وقوموا بتدريس هذه الكلمات في الجوامع والمعاهد وفي بيوتكم والشوارع، واليوم توجد فرصة كما كانت موجودة للإمام الصادق (ع) واذا لم نستغلها اليوم من الممكن ان تضيع، وانتم اهل العراق ألم يأت عليك يوم حدث فيه ان اذا اردتم ان تدعو شيخاً الى بيوتكم ليلقي عليكم محاضرة ما، أما كنتم تضعون حراسا على باب البيت وعلى الشيخ ان يأتي بلباس آخر، علماء كربلاء كانت عندنا مخازن ثمينة كنوز من كنوز اهل البيت احرقت وقتلوا العلماء وسجنوهم وابعدوهم والعاملين في الساحة، وحتى الذي يصلي على النبي كانوا ياخذونه اليس كذلك؟ فانتم الذين مر بكم هذا الظرف لماذا تقعدون وتسكتون؟ انزلوا للساحة.
أما هذه المسائل السياسية صعد فلان ونزل فلان هذه مستمرة على مدى التاريخ ايضا في ايام الامام الصادق فكان قسم يذهبون مع هؤلاء وقسم مع اولئك واخرون يبحثون عن المنصب لكن الامام الصادق (ع) امر شيعته ومواليه والعلماء ادخلوا، ونحن اذا ضيعنا الامة فلا يمكن ان نقدم اي شيء حتى على مستوى السياسة ابدا.
فالامة مهمة جدا وبناء المجتمع الاسلامي الرصين الصحيح وعودتنا الى القرآن واهل البيت ليس فقط في الولاء وإن كان الولاء هو الاساس ولكن ايضا في كلماتهم المضيئة نحن هذه مسؤوليتنا، ودعها تكثر في المساجد والحسينيات وهنا اقول لكم بصراحة: سوف يأتي يوم تكون جماعة لا يهمها بان تبني مسجدا او حسينية، لكن اذا اردت ان تبني حوزة او جامعة دينية يقف امامك لماذا؟ لأن اساس العلم هو الحوزة او الجامعة الدينية.
ونسأل الله سبحانه وتعالى ان يوفقنا واياكم لانتهاج نهج اهل البيت (ع) ومواجهة كل التيارات المنحرفة وعودتهم الى جادة الحق، ونسأله سبحانه وتعالى ان يحشرنا مع أهل البيت في الاخرة ويجعلنا من اتباعهم حقا في الدنيا ببركة الصلاة على محمد وآل محمد.