قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام
تحت الضوء
ما أصعب يوم الامتحان ؟!
*محمد علي جواد تقي
عشنا هكذا أجواء شديدة على الأعصاب وثقيلة على القلوب، وقبل أن ننسى أيام الامتحانات لاسيما تلك المصيرية التي تقرر الانتقال أو عدمه من هذا الصف الى الصف الآخر، نعايشها اليوم مع أبنائنا من الجيل الجديد الذي يخوض غمار التعليم في العراق الجديد – الديمقراطي، وهنالك كلمة مأثورة (في الامتحان يُكرم المرء أو يُهان)، لكن كيف يُكرم؟ وكيف يُهان؟ إنها ببساطة الميزان بين رجحان كفة المقدرة الذهنية والاستيعات الكامل للمادة الدراسية بحيث تكون الاجابة عن الأسئلة عملية سهلة بل وممتعة، وبين خلو الكفة الأخرى من تلك الصفات المطلوبة للطالب المضمون النجاح، وهذا هو حال مرشحينا الكرام الذين توجهوا أفواجاً الى قاعة الامتحان الديمقراطي طواعيةً وهم يأملون بالحصول على الأصوات اللازمة التي تحملهم الى مجلس النواب والتشرّف بلقب (النائب) عن الشعب العراقي لمدة أربع سنوات، لكن ما هو ميزان النجاح يا ترى؟
إن جموع الناخبين وعددهم يصل الى 19 مليون ناخب في العراق، هم الذين سيقررون حسب الظاهر مصير هؤلاء المرشحين واختيار (325) نائباً فقط من (6172) مرشحاً. ومع اقتراب ساعة الصفر واقتراب موعد الانتخاب التاريخي، تزداد حيرة الناس واختلاط الاسماء وتشابك الارقام عليهم تضاف عليها الصور الضخمة واللافتات العريضة ذات الوعود الجميلة، ولسان حال الناس: إن من له الكفاءة والأهلية على تقديم الأفضل هو من يستحق الثقة، وليس من يقدم اللافتة الأكبر والشعارات الأقوى ومن يتفوق على منافسيه بالوعود والعطاءات و... غير ذلك، بينما نجد لسان المرشحين ومع كل الأسف هو إن الناخب أو ورقة الاقتراع وحدها هي التي تقرر مصيري، والعجيب حقاً أن نشهد تكريس هذه الثقافة من وسائل الاعلام وعلى لسان معظم السياسيين، وتبقى مشكلتنا في الثقافة السياسية تشبثنا بالمسمّيات والعناوين التي نقرأها و(ندرخها) كما يفعل طلبة المدارس مع المواد العلمية الصعبة على أمل التفوق على الأسئلة الصعبة يوم الامتحان، وعندما تعترض الشريحة المثقفة من خلال وسائل الاعلام وغيرها على ظاهرة شراء الأصوات المنتشرة في هذه الحملة الانتخابية لا تكشف الاسباب وتعطي البديل، مع أننا نضمّ صوتنا وبقوة الى هذا الاعتراض والاحتجاج، لكن لا حيلة بيد من يجد أنه الأولى والأحق في الوصول الى مجلس النواب من غيره، فجميع المرشحين الذين مارسوا السلطة بشكل أو بآخر يعترفون أنهم جميعاً شركاء في الفشل خلال الأربع سنوات الماضية، كما يُقر القسم الآخر من المرشحين بانهم حديثي العهد بالعمل السياسي لذا يعدون أنفسهم نزيهين ونظيفين بالضرورة، وإذن فان صناديق الاقتراع وما تحويها من أوراق انتخابية خُط عليها علامة (صح) هي الوحيدة التي تقرر المصير، فاين حقوق الناس ومشاعرهم وكرامتهم؟
في الحقيقة إنما يتوجه الناس الى صناديق الاقتراع يوم الأحد القادم في السابع من شهر آذار الجاري، بهدف إثبات وجوده على الأرض وهي خطوة مهمة لنيل الحقوق على الأصعة كافة، فكيف والحال كذلك يتقبل الناس وجود طرف آخر أمامه يوازيه في إثبات الوجود وبأساليب ممجوجة وبعيدة عن الذوق والأخلاق. وليعلم جميع المرشحين إن أسماءهم وصورهم لن تبقى طويلاً ، بينما يبقى ابناء الشعب يكدّون من ساعات الفجر وحتى المساء لتوفير لقمة العيش ويصارعون المشاكل والأزمات بانتظار من يصدق في أقواله و وعوده ويكون المُكرم الحقيقي في هذا الامتحان الديمقراطي.