سياسة وكذب ونظافة و إشياء اخرى !
|
علي التميمي
عندما يتشاطر السياسي، الرئيس او النائب أو الوزير او زعيم الائتلاف او التكتل أو .. فيَعد ، ويُخلف ، ويبرر، ويبدل مواقفه وتصريحاته كما يبدل ثيابه، ويكذب، و.. فتلك مأساة..! أما عندما يستمر في اللعب و(التمرجح) على هذه الحبال المكشوفة مع كل ريح ، او حتى نسمة هواء، و كلما تحركت شفتاه، فتلك.. مهزلة !.. ولن تستطيع كل مساحيق التنظيف والغسيل أن تزيل فضيحتها وانكشافها..!
قد يسأل القارىء : وما دخل التنظيف والغسيل بذلك ؟!.
وقد استغرب مثله، لو انني لم اقرأ نتيجة دراسة علمية، نشرت اخيرا في مجلة "علم النفس" الاميركية، و اكتشفت أن الحاجة الى تنظيف "الفم الكاذب او اليدين القذرتين" هي أمر حقيقي فعلا !؟.
الدراسة التي اجراها باحثون من جامعة ميتشيغن الامريكية تقول ان "الام كانت محقة عندما كانت تقول انه لابد من غسل الفم بعد الكذب بالصابون" !؟. واضاف الباحث في علم النفس سبايك لي، وزميله نوربرت شوارز من معهد الابحاث الاجتماعي في الجامعة ان "الإشارة الى اليدين القذرتين او الفم القذر في الكلام اليومي تعني ان الناس يفكرون بمسائل غير ملموسة بشأن الطهارة الاخلاقية بطريقة ملموسة مرتبطة بالنظافة الجسدية". ووجدا أن الذين يكذبون عند الحديث عبر الهاتف يشعرون برغبة قوية بغسل فمهم اكثر من الذين يكذبون عبر البريد الالكتروني، في حين ان من يكذبون في الرسائل الالكترونية هم الاكثر ميلاً لاستخدام منظفات الايدي.وشملت الدراسة 87 طالبا طلب منهم الكذب على شخص عبر الهاتف او البريد الالكتروني ومن ثم تحديد رغبتهم باستخدام عدة منتجات من بينها غسول الفم او مطهر اليدين.
ولا اعرف لماذا لم تشمل الدراسة ايضا الكذب في التصريحات والشعارات عبر الشاشات، او خلال الانتخابات ومابعدها .. وماشابه، سواء في امريكا ام غيرها من بلدان العالم، كجزر الواق واق مثلاً..!؟. قد يكون ذلك مقصودا ممن اجروا الدراسة ! وربما هي مؤامرة او "فقاعات" مريبة في توقيتها كفقاعات "ويكليكس" . ولكن معدي الدراسة ابدوا اسفهم لهذا النقص في دراستهم، وابدوا استعدادهم عن القيام بدراسات مقبلة مماثلة، ستكون اكثر سعة وشمولية، وتتضم محاور جديدة ومبتكرة حول "الكذب وصنوفه" بشأن عدد من القضايا من بينها على سبيل المثال لا الحصر، الدقة والسرعة والنزاهة في تنفيذ المشاريع والمقاولات في صحراء الربع الخالي ؟! او تحسن الكهرباء في الصومال وتصدير الفائض منها عام 2016 الى سكان المريخ المساكين !؟ اوتحسين مفردات البطاقة التموينية لقبائل التوتسي والهوتو في رواندا ؟!، وليس انتهاءً بحجم ونوعية المنظفات المطلوبة لغسيل حبل الكذب بشأن التدخلات "الخارجية" في تشكيل حكومة السويد، وسبب تعرقل تشكيل حكومة كوكب زحل لمدة ثمانية اشهر ، والوعود بقرب خروجها عن طريق "نفق" المنجم في دولة تشيلي ، وعلى طريقة اخراج عماله الذين بقوا في ظلام دامس لاكثر من شهرين، وخرجوا اخيرا بواسطة "كبسولة" معدنية ضخمة مُدّت اليهم من خلال فتحة لتخرجهم من عمق يزيد على سبعمائة متر تحت الارض(أي أطول من شارع مبلط وبلا طسات على سطح نبتون) !، وبحفرة اخرجوا منها تكاد تبتلع نصف (المنطقة الخضراء في عاصمة المشتري) !، وقد تنازل هؤلاء العمال الشيليون لشعبهم عن مخصصات وامتيازات وهدايا كبيرة حصلوا عليها بتشريع قانوني تم سنه سريعا وبجلسة خاطفة وسرية لبرلمان بلادهم، تقدر بالاضافة الى راتبهم للشهرين الذين قضوهما محاصرين في منجمهم (بدون عمل ) بأكثر من ثمانين مليار ( ولا اعرف للاسف عملة شيلي وربما تكون الدينار !) ، رافضين ان يستلموها اسوة بنواب برلمان جمهورية ابطال النينجا، الذين وبالاضافة لرفضهم استلام رواتبهم اضربوا عن الطعام بسبب عدم قيامهم بعملهم و"عطالتهم وبطالتهم" التي تجاوزت سبعة اشهر ...!؟، مهددين رؤساء كتلهم وزعماء احزابهم انهم لن يقبلوا أن يكونوا بيدهم مجرد رزم من الايادي والاصابع تُشهر فقط وقت "العازة" للتصويت بـ(لع) و(موافج) او للاستخدام في لعبة "الغميضة" السياسية ( إكمال النصاب" او ( تفليشه) حسب الاوامر والمصلحة العامة والعليا للبلاد والشعب، على حساب مصالح الاحزاب والقوائم والكتل (غير الكونكريتية).. !.
***
إشارة..
ظل أحدهم شهورا كثيرة يسعى إلى استيفاء دين له عند صديق طال زمن استحقاقه، لكن كل مناشداته وتوسلاته وتهديداته لصاحبه ذهبت عبثا لا طائل تحته، فلجأ أخيرا إلى كتابة رسالة رقيقة تستدر الدمع، ووضع مع الرسالة صورة لطفلته الصغيرة وكتب تحتها: "سبب حاجتي للمال"! . وبعد أيام.. وصلته رسالة من صاحبه وقد طواها على صورة امرأة فاتنة ترتدي المايوه على شاطئ البحر وقد كتب تحتها: "سبب عجزي عن الدفع" !
واضح أن لكلا الطرفين ظروفه الصعبة التي تجبره على صنع ما لا يريد صنعه، مع وجود النية الطيبة والصادقة و لعل حال شعبنا مع سياسييه واحزابهم وكتلهم، هو صورة مماثلة !، الطرف الاول (الشعب) يطالب بإستحقاقه الذي طال زمنه، ولكن مناشداته وتوسلاته تبدو عبثية لاطائل منها !، ولن تستدر دموع القوم (الطرف الثاني)، والذي قد يكون كمدمن شاطىء البحر!، مضطر و غير راغب بذلك أبدا ابدا !، مع الفارق أن سبب عجزه هنا هي الفاتنة (السلطة) المتعرية على بحر السياسة، فتشغله وتلهيه و(تشربكه) في شباكها واغرائها، عن القدرة في التفكير والاسراع في العمل على الوفاء بديونه المستحقة لدائنه المسكين .. !
|
|