المرجع المُدرّسي"دام ظله" في حديث مطول مع وفد شبابي من طلبة جامعة البصرة:
لنكتشف ونحقق "انسانيتنا وكرامتنا وقدراتنا " التي يحطمها المجتمع والتربية الخاطئة
|
لنبحث عن خارطة طريق تنقذنا من التخلف والمشاكل وليس عن شماعة نعلق عليها ازماتنا
الهدى/ كربلاء المقدسة:
استقبل سماحة المرجع الديني آية الله السيد محمد تقي المدرسي (دام ظله) في مكتبه بمدينة كربلاء المقدسة وفداً شبابيا من طلاب جامعة البصرة. واكد سماحته في جانب من حديثه الى الوفد على أن " ربنا سبحانه وتعالى لم يفرض على شعبنا او اي شعب هذه المشاكل والمآسي ..، ولاهو تعالى اعطى لذاك الشعب او هذا وميزه بالمواهب و الارادة والتنظيم والعلم عن غيره، فهو سبحانه ليس بظلام للعبيد.. ولو سألنا من هو المسؤول إذن؟، فهناك فرضيتان الاولى تقول المسؤول هو العدو، الغربيون مثلا او الروس او غيرهم، هم الذين فرضوا علينا التخلف، و نظام طاغية مقبور، وما شئت فقل المهم أن هناك جهة خارجية انى كانت هي مسؤولة، وهذه الفرضية تصطدم ايضا بالواقع، فاذا كان الامر كذلك فلماذا لم تفرض هذه الجهة الخارجية ذات التخلف على غيرنا، اليابان مثلا، الامريكيون ايضا وغيرهم كانوا ضد اليابان حيث المكان الوحيد الذي استخدمت فيه القنبلة الذرية.. وكانت فيه ايضا دكتاتورية لحد عبادة الامبراطور، ومع ذلك هم تقدموا.. إذن لابد ان نفتش عن المجرم والحقيقة في هذه اللعبة والجناية والكارثة.. يجب كشعوب ان نلوم انفسنا ونحاسبها ونعي أخطاءنا وامراضنا .. والانسان اذا بحث و لقي العلة يسهل عليه ان يتغلب عليها، ولن يفيدنا أن نسترسل كثيرا في توزيع الاتهامات يمينا ويسارا ونبحث دائما عن شماعة نعلق عليها مشاكلنا وازماتنا.."
وفي هذا السياق قال سماحته : " يجب أن نبحث عن المعالم الحقيقية لخارطة الطريق، وهي تبدأ من هذه الكلمة: ايها الانسان كن انسانا، حقق ومارس انسانيتك، لماذا هذا الانسان في داخلك تشعر بإنه مخنوق ومكبل ومعاق، لماذا لاتستطيع أن تقيس نفسك وتضعها في مصاف ذلك الانسان الذي تراه متكاملا ومتفوقا في الحياة.." واوضح سماحته في هذا السياق أن هناك مجموعة عوامل من التعويق التي نصاب بها في حياتنا، لخصها بـ: " عامل التربية، فتصور مثلا كيف أن اباك او امك وهما الذين لهما حق كبير عليك، قاما بضربك من طفولتك، هل قاما بالتربية السليمة وقواعدها ومنهجها، التي مارسها واوصانا بها اهل البيت (ع) ؟ وبصراحة فإنه كثيرا ما يقوم الاباء الامهات بضرب الابناء على غير حق، في حين أن ضربة بسيطة لهذا الطفل الصغير ستترك اثارا سلبية بعيدة المدى.. وهكذا تأتي من بعد ذلك تربية المعلم في المدرسة، والاقارب، والمحيط الاجتماعي، تحطم الانسان في داخل هذا الانسان، وقد خلق الله تعالى انسانيته زينة في احسن تقوم، لكن هذا المحيط عوقها، يفتح عينه على العائلة و المجتمع فيرى ويشعر انه يعوق، لا يحفظ كرامة الانسان، وهكذا يفتح عينه على النظام السياسي والاقتصادي فيراه اسوأ .. اذن صحيح اننا بشر ولكن هذه البشرية والانسانية الموجودة لدينا تنمو محطمة، وهذا شيء خطير، له اثار سيئة منها الشعور بالضعف وبالنقص، والعُقد وعدم القدرة أمام الاخر..". واضاف سماحته أن من الخطوات الاساسية لتغيير ذلك اننا:
اولا: "يجب أن نسعى بإرادة قوية لكي نعيد اكتشاف الانسان في داخلنا، فاول شيء يجب أن تصمم وتفكر ايها الانسان في أن تحرر نفسك وانسانيتك وتستعيد كرامتك وتعرف من انت وماهي قدراتك ومسؤلياتك حسب المنظار القراني، و العقلي، والحضاري، لكي تقلص هذه الفجوة التي تشعر بها وتحجزك عن تحقيق الطموحات التي تمتلكها، ولكنك على ارض الواقع ترى نفسك عاجزاً عن تطبيقها .. لابد ايها الانسان ان تخلص نفسك من عقدة النقص والضعف والتبريرات الخاطئة.." .ثانيا: ومن ثم ـ يضيف سماحته ـ " انت يا اخي تجد في نفسك أنها تمتلك قدرات هائلة، مثل طير كسر قفصه واكتشف ووجد عنده تلك القدرات والطاقات الكبيرة، فلايجب أن يحاصر ذاته مرة اخرى ويختصرها في جانب او عمل معين يحبس من جديد هذه الطاقات ويمنعه من التحليق في أفاق ابعد وارحب، فالطالب مثلا يجب أن لايقول انا طالب في الكلية وكفى، فيختصر انسانيته كلها في الكلية التي يدرس فيها ! تفكر فتجد أن الله تعالى اعطاك كل هذه الحواس والاعضاء، وهذا العقل والعشرات من النعم الاخرى، ايضا يجب أن تعرف ان في داخلك هناك مجموعة كبيرة من الامكانات والطاقات، فلماذا تحصر نفسك في هذا العمل المحدود، او ذلك..؟ ". وثالثا: يجب أن نتعلم ونتعود على أن نخطط تخطيطا ايجابيا وسليما و نبرمج لحياتنا في كل جوانبها، ولانعيش ونعمل بعشوائية وتخبط.. حتى نستطيع أن يكون لنا الثأثير البالغ، في كل حلقات المجتمع، من الاسرة، والمحيط الجامعي، وعموم المجتمع، وبذلك نخدم انفسنا واسرنا ومجتمعنا، فنقرر لنكون الاكثر خدمة وتأثيرا في محيطنا، ولاتنسوا أن هناك شيئاً اسمه اكسير النجاح، واكسير يعني الشيء الصغير، ولكن له تأثيرا كبيراً، فاكسير النجاح هو ارادة النجاح، قرر في حياتك ان تكون رجلا ناجحاً ومتفوقاً ومتميزاً، وكثير من هؤلاء الذين وصلوا الى القمم المضيئة انما وصلوها بسبب هذه الارادة ..".وتابع بالقول " فعلى كل واحد منكم أن يفكر ويخطط ويقرر النجاح وان يكون أمة وتيارا مشعا في محيطه ومجتمعه، وبذلك يتحقق التغيير الايجابي المنشود في البلد الذي كما ترون كم يعاني من المشاكل والتحديات، وانتم ابناؤه الذين يجب ان تتحملوا المسؤوليات مع باقي اخوانكم في الشعب، للبناء والتخطيط لمستقبل افضل..
وختم سماحته حديثه بالقول : " إخواني وابنائي: ان شاء الله تعودون من كربلاء المقدسة، من زيارة الامام الحسين وابي الفضل العباس عليهما السلام بغير ما دخلتموها، وليس كشخص يقف على النهر ويرجع عطشانا، فإقل تعبير عن ذلك أن يقال أنه فاشل .. وانتم بعون الله لستم كذلك، بل تأخذون وتقتبسون الكفاية من العزم والارادة ومن النور والعرفان، نحن عطاشى والحسين عليه السلام نهر ماء جئنا لنستقي ونرتوي ونحمل الماء الى الاخرين ايضا فلنعد منه بحصيلة وهمة وارادة ونفسية جديدة طامحة متفائلة، وبذلك نكون مستفيدين من هذه الزيارات الفائدة الكبرى .. واسأل الله تعالى ان يوفقكم، وان ترجعوا بنهضة جدية واساسية في انفسكم تعم وتؤثر على المحيط الذي انتم فيه سواء في الجامعة او في الاسرة او في المجتمع ".
|
|