قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام
تحت الضوء
العطلة الصيفية وتقرير مصير الشباب
*محمد علي جواد تقي
ما هي إلا أيام ونكون قد طوينا سنة دراسية أخرى وفيها ننهي العقد الأول من القرن الجديد، لنستقبل العطلة الصيفية بثلاثة أشهر لها طعمها الخاص في العراق حيث الهمّ الأكبر هو توفير الماء والهواء الباردين للهروب من حرارة شمس العراق اللاهبة. وحسب بعض الاحصائيات؛ يوجد لدينا حوالي عشرة ملايين طالب وطالبة في مرحلة الثانوية والاعدادية الى جانب من هم في مرحلة الابتدائية، وهؤلاء أمامهم فترة ثلاثة أشهر تعد فترة استراحة من الناحية العلمية، لكن الحقيقة هي فترة فراغ في عمر الانسان، طبعاً ليست هي كالفراغ السياسي الذي يعيشه السياسيون حالياً، والفرق بين الأثنين؛ إن السياسيين لن يتأثروا بشيء من التأخير في انعقاد مجلس النواب وتشكيل الحكومة، إنما الشعب هو الذي يدفع الثمن بسبب تأخّر الكثير من المشاريع والقوانين الهامة، بينما الشباب يكون (ذنبهم على جنبهم) كما يُقال، وأي خطأ يرتكبونه في هذه الفترة، سينعكس سلباً عليهم، وهذا ما يجعلهم في حيرة من أمرهم. وهذه الحيرة تسري بالضرورة الى الأبوين والجيران، بل وتتوسع الى المجتمع باكمله، في زمن هو بأمس الحاجة الى الطاقات الشابّة والمواهب في أكثر من مجال، لإزالة ما علق بهذا المجتمع من سلبيات العهد الماضي من تشاؤم وتقوقع واحباط نفسي وغيرها، وهذا ما يجعل المسؤولية جماعية مازالت القضية تعني الجميع، فالشاب اليوم، يعني الطبيب والمهندس والمعلم والتاجر غداً، والشابة تعني الزوجة والأم وربة البيت .
هنا نتساءل؛ أين الأندية الرياضية والمكتبات العامة والورشات الفنية وغيرها مما يوقظ في الشباب الشعور بالمسؤولية، ويحفزهم على الابداع والعطاء والأهم من ذلك يفتح أمامهم نافذة الأمل نحو مستقبل مشرق؟
وقبل ان نبحث عن الجواب؛ علينا الاشارة الى مبادرات مشكورة وعظيمة جرت في كربلاء المقدسة من قبل مؤسسات دينية باقامة مشاريع ثقافية وتربوية في مقدمتها فتح دورات لتعليم القرآن الكريم ودورات مشابهة لتعليم الأحكام الدينية على ضوء الرسالات العملية لمراجع الدين الكرام. لكن لايخفى على المضطلعين بالشأن الاجتماعي، سعة وعمق هذا الميدان، وانه بالحقيقة أساس وقاعدة لنجاح كل بلد ناهض في ميادينه السياسية والاقتصادية وحتى الامنية. الأمر الذي يتطلب جهوداً مشتركة ومتضافرة وليست مبعثرة ومتضاربة الهدف منها بدايةً؛ إثبات جدوائية هذه المشاريع وفوائدها الجمّة، ثم الحديث عن الاخلاق والتربية والعلوم والأسرة الصالحة.
وفي حال عدم تحقق كل ذلك، فليس فقط سنواجه الأوضاع الموجودة، فلا يبقى وضع على حاله مطلقاً، والانسان محبّ دائماً للتطور والتحول، إنما سيكون العراق أمام جيل من المتشائمين والمحبطين الذين لا يعتقدون بوجود فائدة من أي عمل يقومون به، بما فيها الدراسة، فضلاً عن صقل المواهب وتفجير الطاقات، ويبقى الهمّ الوحيد الذي هو سابق لأوانه بالنسبة لمرحلتهم العمرية، ويلتف على أعناقهم ، وهو المال والمال فقط، فالدراسة بهدف الحصول على المال، والجري في الشوارع وبين الاسواق بحثاً عن المال. واذا صادف وأن سمع الشباب حديثاً عن الزواج، سيفرون منه كما لو انهم على وشك أن يلتهمهم، والحقيقة هم غير ملومين، اذا كان مشروع الزواج عبارة عن عطاء وبذل في المال والجهد، فيما هو يبحث عن ذلك، وهذا التعارض مرفوض، إذن؛ لا زواج!! فهل يمكن لأي بلد أو نظام سياسي في العالم أن يتقدم ويتطور بجيل كهذا؟
إن المسؤولية كبيرة حقاً وتشمل المؤسسات الدينية والدوائر الحكومية، في أن تبعد عن ذهن الشباب هاجس المال، من خلال المشاريع الخيرية والتربوية والتعليمية، حتى يعرف في المستقبل كيف يعطي ويقدم لمجتمعه وبلده كل ما يملك من طاقات ذهنية وعضلية.