أين يكمن الخلل؟
|
محمد علي
كشفت جملة الأحداث التي مرت بنا خلال الأسابيع القليلة الماضية، وقبلها السنوات الماضية، عن حقيقة قد تكون صعبة أو ربما قاسية على البعض وتتمثل هذه الحقيقة في أننا لا نزال على مسافة ليست قليلة من وجود دولة المؤسسات والقانون العادل، المنشودة، التي يطمح الناس في قيامها قي بلادنا لكي يحتكموا إليها في أمورهم وقضاياهم ويلجأوا إليها لتحقيق مطالبهم وطموحاتهم ويحتكموا إليها في مظالمهم ويشكوا لها الحال عن همومهم وآلامهم. ولكن ما حصل أظهر أن دولة القانون والمؤسسات قد تكون موجودة ولكن فقط في حدود الشعار والدعاية والإعلام أما فيما يرتبط بالواقع العملي فمن الصعب القول بذلك. ولأننا بحاجة دائما للاحتكام للعقل والمنطق فإنني هنا أود أن استثير العقول بهدوء ومن دون استفزاز. هل فكرنا إلى أين نريد أن نأخذ البلاد والعباد؟ ثم ألم يحن الوقت لكي نعيد النظر في كيفية التعاطي مع قضايانا بصورة أفضل؟. فنحن منذ عقود والى يومنا هذا من أزمة الى أزمة، ولاحاجة هنا للتعداد وذكر أمثلة، والحبل كما يبدو على الجرار!. ومع كل ما حصل ويحصل فإن رد الفعل غريب أيضا، فبدلاً من معالجة الأمور فإنه يتم العمل بالتستر تارة أو بالقفز على القضايا تارة أخرى أو من خلال إشغال الساحة بقضايا هامشية. المهم أن يتم تجاوز الأزمات ولكن من دون علاج ولا يعرف أحد ما هو السبب الذي يدفع المسؤولين بإتجاه ذلك، مع أنه يزيد من احتقان الأمور ويعمل على إضعاف الثقة بدلاً من تعزيزها، بل ويزيد في حالات الإحباط واليأس خاصة مع تراكم الأزمات وتفشيها في مفاصل متعددة.. ما يلقي بظلال من الشك على كيفية التعاطي مع أزمات وطنية بهذا الحجم وهي قضايا لا يمكن التستر عليها او القفز عليها بحلول اعلامية وشعاراتية او عبر التصريحات والوعود. ولا يمكن هنا استثناء طرف سياسي او جهة رسمية دون أخرى، او القاء اللوم على الحكومات فقط. ومما يثير الاستغراب أن البرلمان الذي من المفترض أن يقوم بدور رقابي وتشريعي في مثل هذه الأمور اكتفى الى درجة كبيرة بدور إعلامي وكأنه مجرد صحيفة تكشف أحيانا عن الحقائق الغائبة بالأرقام والتقارير، وهو جهد مشكور على كل حال ولكن ما المعنى من تغييب وإقصاء المجلس النيابي عن دوره المطلوب فيما يرتبط بقضايا بهذا الحجم وهل يعقل أن يهمش دور المجلس النيابي (عبر الاحزاب والتكتلات التي ينتمي اليها النواب) في قضايا مفصلية إلا إذا تم التسليم بشكل رسمي أن المطلوب من المجلس النيابي هو هذا الحجم وهذا السقف ؟! وهو الامر الذي يبدو أنه مابات يمثل إحراجاً لإكثر المسؤولين والنواب بمختلف تلاوينهم السياسية، وعلى ضوء ذلك لايمكنني أن افهم او اتقبل كيف يمكن لمسؤلين و نواب لاحزاب وتيارات وتكتلات اقناع الناس بإنتخابهم مرة اخرى وبماذا وكيف يسوقون لأنفسهم مع هذا الفشل ؟.
وبالعودة إلى سؤالنا من جديد، إلى أين تريدون أن تأخذوا البلاد والعباد؟ فالكرة كانت وستبقى في ملعب الحكومة والبرلمان، فيما الردود على تساولات كهذه، والحلول المفترض ابتكارها واتخاذها للازمات والمشاكل، لاتزال لا تحل مشكلة للناس والبلاد، وإنما هي في الغالب عملية قفز على الحقيقة أكثر مما هي معالجة جدية. إن المرء ليحتار حقاً وهو يرى ما يجري أمامه من قضايا عجيبة، ولا ندري أيها الوطن العزيز أين مكمن الخلل في بلادنا، حيث إن ما يحصل لا يرضاه دين ولا عقل ولا منطق، فرفقا بالناس والوطن أيها الساسة والمسؤولون، ولأن الدين النصيحة كما جاء في الحديث عن نبينا الأكرم (ص) فإنني استثير عقولكم وأخاطب وجدانكم انطلاقا من المسؤولية الدينية والأخلاقية وكما جاء في الحديث الشريف أيضا "صديقك من صدقك لا من صدّقك". والله من وراء القصد.
|
|