ماذا نعمل؟
|
*الشيخ علي هلال
آيات ثلاث لو وعاها المسلم في حركته واستضاء بها في عمله لكان اليوم في أحسن حال. قوله تعالى: "وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ". وقوله تعالى: "أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَوُونَ عِندَ اللّهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ" (التوبة /19). وقوله تعالى: "وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ" (المائدة /2).
وقبل الحديث عن هذه الآيات الثلاث، لابد من التذكير بأن القرآن الحكيم قلما حثنا وحدثنا عن العمل بلا قيد أو هوية. ذلك أن طبيعة الإنسان تختزن النشاط والعمل والكسب.
من هنا جاءت توصيات القرآن في العمل ضمن الدوائر الثلاث، وهنالك عشرات الآيات في القرآن الحكيم قرنت العمل بالصلاح، "وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ" ذلك أن المهم في العمل هو صبغته ووجهته لا حجمه ومقداره، والصبغة التي أرادها الإسلام للعمل هي الصلاح، بكل ما تحمل هذه الكلمة من ظلال، إلاّ أن الإنسان المسلم ضيّق دائرة الصلاح وحددها ببعض الممارسات والأعمال، مما فوّت عليه الكثير من النجاحات والإنجازات، في الوقت الذي وسّع القرآن دائرة الأعمال الصالحة، فعدّ إطعام المسكين وإصلاح الطريق والسعي لتطبيق الأحكام الشرعية وهداية الإنسان وخطوات المجاهدين كلها من الأعمال الصالحة "بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَطَؤُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ" (التوبة /120).
ثم إن قائمة الأعمال الصالحة والنافعة لا تنتهي، لكن في المقابل فان طاقات وقدرات الإنسان محدودة، ولن يتمكن من إنجاز وتحقيق كل الأعمال الصالحة. وهذا يستدعي الدراسة للأوضاع الإجتماعية والحضارية للأمة الإسلامية، والقيام بعملية ترتيب أوليات العمل الصالح. ثم المهم في كل ذلك أن لا نضيع أمهات الأعمال الصالحة في زحمة الأعمال الظاهرية والثانوية، وهذا ذكرتنا به الآية الثانية "أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَوُونَ عِندَ اللّهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ".
ولعل أهم إنجاز قامت به الرسالات السماوية هو تحويل هذه الطاقات والقدرات البشرية المتناثرة وصبّها في اتجاه واحد. "وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ".
وإذا أخذنا بعين الاعتبار حجم التحديات التي تواجه الإنسان المسلم اليوم، أدركنا عمق التوجيه القرآني ودعوته للعمل المشترك والتعاون لإنجاز الأعمال الصالحة.
|
|