لعبة الأمم !! أم أحجار على رقعة الشطرنج؟!
|
د.أحمد راسم النفيس (*)
(لاَ تَكُونَنَّ مِمَّنْ لاَ تَنْفَعُهُ الْعِظَةُ إِلاَّ إِذَا بَالَغْتَ فِي إِيلاَمِهِ، فَإِنَّ الْعَاقِلَ يَتَّعِظُ بِالاَْدَبِ، وَالْبَهَائِمَ لاَ تَتَّعِظُ إِلاَّ بِالضَّرْب). الامام علي بن أبي طالب (عليهما السلام) .
قبل أيام وفي سياق حديثه عما يسمى بالمحكمة الدولية لقتلة رئيس وزراء لبنان الأسبق، تحدث السيد حسن نصر الله عن (لعبة الأمم) وعن المؤامرة التي دبرت بليل للإيقاع بحزب الله في فخ تلك المحكمة. في المقابل كان الفريق المؤيد للمحكمة يؤكد حيادها إلى آخر تلك المناقب التي (تتحلى بها محكمة الأمم أو لعبة الأمم)!!.
قبل عدة عقود كان الكتاب الأكثر انتشارا هو كتاب (أحجار على رقعة الشطرنج) وهو الكتاب الذي يؤكد مؤلفه أن كل ما يجري من أحداث سياسية في هذا العالم هو ثمرة تآمر الصهاينة من أجل السيطرة على الدنيا بأسرها وأنهم قد نجحوا بالفعل في تحقيق هذا الهدف.
لا هي محكمة مستقلة ومحايدة ولا نحن أحجار على رقعة شطرنج يحركها الصهاينة!!.
لا يحتاج المرء لأكثر من أن يفتح عينيه ليدرك أن ثمة تآمرا غربيا لا يخفي على أحد من أجل مواصلة الهيمنة على مقدرات هذه الأمة وأن هذا التآمر جاوز عمره الآن أكثر من ألف عام منذ بدء الحروب الصليبية وأن هذا التآمر ما كان له ليحقق أهدافه لو لم تكن الغفلة وانعدام البصيرة هما احد أهم مكونات العقل العربي المفتقر إلى رؤية أخلاقية والذي يغلب النزعات القبلية على الرؤية التي تضع مصلحة الأمة فوق كل اعتبار. لو أمعن القوم في ثمار تحالفهم المر مع البريطانيين .. وكيف غدرت بهم بريطانيا بعد أن أخذت منهم ما تريد ولم تف لهم بشيء من وعودها لأدركوا أنهم أساتذة الصفقات الخاسرة وأن الشيء الوحيد الذي (وفى به) أساتذة الغدر الأنجلو ساكسوني هو (منحة السلطة) ممن لا يملك لمن لا يستحق وإبقاء حالة انعدام العدالة إلى يومنا هذا ليبقى التوازن داخل هذه المجتمعات متوقفا على التدخل الخارجي ولتبقى الهيمنة الغربية مستمرة من خلال تكريس مبدأ فرق تسد. ليس هناك لاعبون أخفياء لا يراهم أحد وليس هناك ألعاب أو خطط جديدة وليس هناك رقعة شطرنج بل هناك نفس الخطط ونفس الألعاب: سنة وشيعة وعرب وفرس (بعد أن كانوا في مواجهة الترك) ومضرية ويمانية وما زال الكومبارس العرب يحلمون بدور البطولة والسيادة والرياسة رغم أن مقتضيات العقل تحذرهم من الوقوع في نفس الفخ مرتين فما بالك وقد وقعوا فيه عشرات المرات!!.
سنستدرجهم من حيث لا يعلمون،عبثا يسعى عقلاء هذه الأمة لإقناع المتورطين في سيناريو لعبة الأمم سواء كانت هذه اللعبة محكمة دولية في لبنان أو (حرب سريعة وخاطفة) تشنها الولايات المتحدة أو إسرائيل على إيران بأن دوام الحال من المحال وأن الأمم لها مهل وآجال وأعمار وأن تكرار الإفلات من العقاب لا يعني دوام الحال لأن الدهر يومان يوم لك ويوم عليك، وها قد انقضى يوم طويل بدا أنه لك ولا بد أن يأتي حتما يومك المرير الذي عليك!!. ما بين الترويج لنظرية (أحجار على رقعة الشطرنج) والزعم الأبله بأن ليست هناك مؤامرة ولا تآمر بل هناك عدالة دولية ناجزة تقع (لعبة الأمم) التي تحتم على كل إنسان تحمل مسؤوليته الكاملة إن خيرا فخير وإن شرا فشر. (أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ * وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنْذِرُونَ * ذِكْرَى وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ) الشعراء 205-209.
(*) باحث وكاتب / مصر
|
|