الترشيق والتراشق. .. الحكومي
|
ا*ابراهيم الجبوري
مانشيت : الاحتكام للشعب ومصالحه يحتم على كل القوى السياسية ان تبتعد عن لغة الحوار الصادم والثقة المفقودة وتأليب الشارع. . والسعي الحثيث لتحمل المسؤوليات والشراكة في النجاحات والاخفاقات
*************
غريبة وعجيبة وعديدة هي المصطلحات والبدع التي مرت على مسامعنا خلال مسيرة العملية السياسية ولكن بالرغم من كل هذه. . المسارات والمراحل التي مرت بها العملية السياسية فانه لازالت ازمة الثقة والتجاذب والتناحر والتسقيط السياسي هي المسيطرة والطاغية على المشهد السياسي. وحتى الولادة المتعسرة لما سميت بحكومة الوحدة والشراكة الوطنية لم تغير من الواقع شيئاً. .. بل اثبتت الوقائع والازمات السياسية التي تشهدها البلاد انها حكومة الضراير والشرايك السياسية.
ان اصعب واخطر ما يمر به العراق ويشهده اليوم من حدة الخلافات السياسية بين الاحزاب هو تصاعد لهجة الخلاف والتناحر السياسي واتخاذها منحاً اخر من خلال المطالبة بتشكيل اقاليم اودعوات الانفصال، وبالرغم من مشروعية المطالبة من الناحية الدستورية بتشكيل الاقاليم ولكن ما يشهده العراق من ظروف استثنائية سواء من حيث استمرار الاحتلال الامريكي للبلاد او الفساد المستشري في كل مفاصل الدولة ومؤسساتها، وايضاً الفشل الواضح والقصور في اداء مجالس المحافظات لدورها في التنمية والاعمار وادارة المحافظات مع تداخل الصلاحيات وعدم تهيئة الشعب لممارسة دوره الصحيح في انجاح التجربة الفدرالية كل هذه الاسباب مضافاً لها عدم نضوج الاحزاب والتيارات السياسية العراقية يجعل من الفدرالية في الوقت الراهن خطرا. . خصوصا ان الجدل السياسي العقيم اصبح هو لغة الحوار السياسي في البلاد.
ان التراشق والتجاذب السياسي الحاصل لايعبر عن حقيقة وطبيعة الممارسة الديمقراطية ولايعكس مستوى حضارياً لها لانه غير مبني على اساس مصلحة الوطن والمواطن والاختلاف في برامج الاقتصاد والتنمية والامن الوطني. .. وانما هو حالة معبرة عن مدى التناحر السياسي والمصالح الحزبية والشخصية الضيقة التي طغت على المشهد السياسي. .. وبالتالي فهذا التراشق والصراع السياسي اصبح عبارة عن الضوء الاخضر لزيادة العنف ومشهد الاغتيال السياسي في الشارع العراقي وهو احد اسباب الخروقات الامنية والتدهور الحاصل في البلاد على مستوى تقديم الخدمات وتحسين الاقتصاد. ان المطلوب من الكتل السياسية هو الاحتكام للغة المواطنة والمصلحة الوطنية العليا من خلال تلمس معاناة الوطن والمواطن الذي اصبح الكهرباء واحدا من اكبر احلامه وطموحاته والماء الصافي هدف يسعى له بالدعاء والتظاهر والحصة التموينية اكتمالها يمثل له حالة من الترف والرفاهية. ..!؟. كل هذا ونحن نعيش في القرن الواحد والعشرين.
المهم هو ان الاحتكام للشعب ومصالحه يحتم على كل القوى السياسية ان تبتعد عن لغة الحوار الصادم والثقة المفقودة وتأليب الشارع. . والعمل بروح البناء المشترك وتعزيز الامن ومحاربة الفساد المالي والاداري والسعي الحثيث لتحمل المسؤوليات والشراكة في النجاحات والاخفاقات والعمل بروح الفريق الواحد وابناء البيت الواحد. ولاثبات صدق وحسن النوايا يجب على الكتل السياسية ان تساهم بايجابية وفاعلية في تحقيق رغبة ابناء الشعب في مشاهدة حكومة فاعلة ومؤثرة غير مترهلة الكروش والعدد من خلال ترشيق الحكومة وجعلها بالعدد المعقول والمقبول والذي يمكنها من اداء دورها بشكل صحيح ومؤثر وفاعل وايضا يمكن لرئيس الحكومة والاجهزة الرقابية من اداء دورها الرقابي بشكل صحيح وسليم يمكنها من القضاء على الفساد وهدر المال العام. ان الترشيق الحكومي لايكون مؤثرا وناجحا اذا ما الغيت المناصب الحكومية مع بقاء الامتيازات وهدر الموارد البشرية الامنية والوظيفية للوزراء والمناصب الملغية. ..او اذا ما تم استحداث مناصب اخرى جديدة في الدولة العراقية لغرض ترضية بعض الاشخاص والقيادات.. والاهم ان يكون الترشيق الحكومي مقرونا بتسمية الوزراء الامنيين الذين طال امد انتظارهم واصبحوا من الامور المستعصية في بلد هو الاكثر حاجة لهم ولخدماتهم.
ان العراق الجديد وبناءه السليم يتطلب من الجميع جهدا مضاعفا وحرصا حقيقيا على انجاح تجربته الديمقراطية وبناءه على اسس الدولة الحديثة التي يكون فيها للحكومة والبرلمان والشعب دور متوازن في الحقوق والواجبات ويعمل الجميع فيه من اجل العراق كوطن للجميع ومن اجل رفاهية ابناء شعبه كشعب عانى كثيرا في زمن النظام السابق وعانى لثماني سنوات من الارهاب والفساد المالي والاداري الذي عطل الكثير من مشاريع التنمية والبناء والاعمار. .. فهل سيكون للترشيق الحكومي دور في تقليل حدة الخلاف بين الاحزاب والتيارات ؟ ام انه سيصبح عنوانا وموضوعا جديدا لخلاف وصراع سيستمر طويلا حتى نجد عنوانا جديدا لحكومة قادمة وخلافا جديدا في المستقبل القريب!
|
|