افتتاحية الصفحة الثقافية
الواقعية في الادب
|
محمد طاهر محمد
رغم تفاوت التعابير في فهم الواقعية في الادب سواء في مجال التنظير او على مستوى التطبيق الاّ أنه يمكن تخليص هذه التعابير بهذا المفهوم:(الواقعية هي التناول الفني لما يجري في الواقع) وبما ان الانسان والحياة الانسانية هما موضوع الادب وانهما في تطوّر مستمر فان هذا المفهوم يحتاج الى تحديد. ولعل السير وراء هذا التحديد من اصعب ما يواجهه الناقد. فلا يكفي تصوير الواقع في الادب عن طريق صورة (فوتوغرافية) جامدة حتى وان كانت صادقة بل على الاديب تتبع الشروط الزمانية والمكانية مثلما يتتبع المزارع الشجرة من بذورها حتى أثمارها مع تبيان كافة العوامل التي اثّرت فيها فعندما يعتمد الكاتب في موضوعه على ان الواقعية لا بد وان ترتبط بالمرحلة الاخيرة من تطور الوعي البشري فانما عليه ان يأخذ بعين الاعتبار هذه المرحلة من الحياة وادراك العلاقة بين الحاضر وارتباطه بالماضي وتصوير النسب والابعاد بين الاشياء وبين حقائق الحياة مسبباتها ونتائجها لكي ينفذ الى ماهية الامور واعتبار الترابط التاريخي كعامل مهم في تصوير موقف الشخصية الادبية والعمل الادبي والمتتبع لمسيرة الادب العربي يلاحظ التجديد الذي ادخلته الواقعية في الادب فقد وسعت حدوده في كافة ميادين الموضوعات والابطال والاغراض فلم تعد الاغراض قاصرة فقط على ما توارثه الادب من وصف وفخر ومدح ورثاء بل اتسعت الاغراض وتعددت الابطال والسؤال الذي يطرح نفسه انه هل استطاعت الواقعية النفوذ الى انوار الحياة الاجتماعية ومعرفة التفاصيل الدقيقة لحياة الشخصيات التي تناولتها والاهتمام بتكوينها البيولوجي ونزعاتها الداخلية وابراز تأثير المحيط والبيئة وما حولها فيها؟ والمتتبع لتاريخ الادب يجد الاجابة على هذا السؤال ويجد كذلك ان الواقعية قد اهتمت بالدرجة الاولى بالتعبير اللغوي والخيال الفني من اهتمامها بالسمات الحقيقية للواقعية في تناول القضايا الحياتية حتى وان كانت بسيطة وكذلك يرى ان الواقعية الصادقة كانت مغيبة او مضببة وإن اغلب السمات الواقعية التي برزت هي سمات ممّوهة ومزوّقة فرضت عليها لكي تكون اكثر ملاءمة مع الجو السياسي السائد
|
|