قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام

الحكومة الجديدة
احمد عبد الرحمن
بأنتهاء الانتخابات البرلمانية العراقية، تكون قد انتهت مرحلة وبدأت مرحلة اخرى تتحدد معالمها وملامحها بمعطيات ونتائج المرحلة السابقة لها.
وتشكيل الحكومة الجديدة على ضوء ماتسفر عنه الانتخابات البرلمانية الاخيرة من نتائج يمثل الاولوية الاهم التي تقع على عاتق القوى السياسية صاحبة الحظ الاوفر من اصوات الناخبين.
ولعل متطلبات واستحقاقات المرحلة او المراحل المقبلة، هي كثيرة وكبيرة، وذات ابعاد سياسية وامنية وخدمية واقتصادية، ولاشك ان المواطن العراقي يتطلع بشغف الى ان يلمس متغيرات حقيقية وملموسة في واقعه الحياتي، ويتطلع بصورة اشمل الى ان يتحقق المزيد من المنجزات، وان تنحسر مساحات المشاكل والازمات، وتتلاشى نقاط التقاطعات والافتراقات والخلافات، وتترسخ اسس وركائز المشروع الوطني العراقي، وتتعزز فرص نجاحه اكثر فأكثر.
وكل ذلك لايمكنه ان يتحقق الا بأتفاق القوى الوطنية على مشروع سياسي يمتاز بالسعة والشمولية ويقفز على العناوين والانتماءات والمشاريع والحسابات والاهداف الفئوية الضيقة ليتسع لكل طموحات وتطلعات ابناء الشعب العراقي من اقصى الشمال الى اقصى الجنوب، ومن ابعد نقطة في الشرق وحتى ابعد نقطة في الغرب.
والشراكة الحقيقية هي المدخل الصحيح والمناسب للسير والتقدم نحو الامام، لا الشراكة في توزيع المواقع والمناصب وتقاسم الامتيازات، وانما الشراكة في بناء البلد، وتحقيق الرفاه والامن والاستقرار بكل اشكاله وصوره، فهذا البلد بتكونيه الاجتماعي الفسيفسائي لايمكن ان تسير شؤونه الاّ عبر الشراكة الحقيقية، والمشاركة الواسعة، والتوافقات، المستندة اساسا على حقيقة ما تفرزته العملية الانتخابية الديمقراطية.
ان التجربة الانتخابية الاخيرة، اثبتت حقائق عديدة، من بينها ان لدى كل العراقيين ارادة صلبة وصادقة على مواصلة مسيرة الديمقراطية، وقطع كل الطرق امام خيار العودة الى عهد الديكتاتورية والتسلط والاستبداد، واهمية وضرورة التوافق والاتفاق على كل ما من شأنه ان يصب في مصلحة البلد وابنائه.
واذا كان مشهد السابع من اذار-مارس قد مثل انتصارا ومكسبا تأريخيا للعراق والعراقيين، فأن مابعد ذلك المشهد، لايقل اهمية وحساسية وخطورة عنه، اذ ان المحافظة على الانجاز والمكسب ربما كان اصعب من تحقيقه، لاسيما وان مقدار التحديات والمخاطر التي مازال يواجهها العراق كبيرة وكثيرة، وتحتاج الى جهود ومساعي متواصلة ودائبة لتخطيها وتجاوزها بأقل قدر من الخسائر والاستحقاقات.
ويبدو العراق اليوم وبعد ملحمة انتخابية ناجحة بكل المقاييس اكثر قوة وتماسكا من الأمس، وهذا مؤشر واضح وجلي على ان العراقيين يسيرون في الطريق الصحيح.