قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام
تحت الضوء
لصوص (الرافدين) منتشرون
*محمد علي جواد تقي
في هذه الأيام؛ حيث انطلق بريق أمل أمام أنظار العراقيين باجتماع شمل النواب المنتخبين في جلسة افتتاحية لمجلس النواب، وقرب التوصل الى حلول توافقية لتشكيل الحكومة المرتقبة، لكن تفاجأ الجميع بيد سوداء تحجب بريق الأمل بتجرؤها على اقتحام البنك المركزي العراقي في العاصمة بغداد، ولو إن قوات الأمن أحبطت محاولة السطو هذه قبل أن تحل بنا كارثة عظيمة، لكن تبقى آثار الخدش ليس على الجدار الأمني وحسب وإنما على صفحة الضمير العام، فالناس يسمعون بالتجاوزات على شبكة انابيب المياه الصالحة للشرب، وعلى أسلاك الكهرباء، كما قد ملّوا واشمأزّوا من سماع أخبار مغامرات الفساد المالي في مشاريع البناء والاعمار، وفي داخل المؤسسات الحكومية، والأرقام المتعالية من الأموال المسروقة، الأمر الذي يجعلهم يشعرون أنهم في بلد لا يستحق تطبيق القانون، فيما هو غير ذلك قطعاً، فقبل فترة وجيزة تمكّن اللصوص من السطو على مصرف الرافدين في قضاء المشخاب التابع لمحافظة النجف الأشرف وسرقة حوالي ستة مليارات دينار دون أن يعترضهم أحد. طبعاً حُمل الخبر في الاوساط العامة على محمل البديهية في ظل الأجواء الأمنية والسياسية الراهنة. لاسيما وإن عدداً من السياسيين في بغداد لم يقصروا في تكريس مفهوم جديد للعمليات الارهابية، بانها تأتي بسبب النزاعات والتجاذبات السياسية. لكن هل فكر أحد بالآثار التي يتركها هكذا فهم للأحداث والتطورات على البعض من ضعّاف النفوس والذين تدفعهم ظروفهم غير الطبيعية للقيام بأي عمل كان مقابل الحصول المال كما يحصل عليه غيره؟ بينما الأجدر برجال السياسة والأمن وكل المنظرين والمتنفذين في بغداد أن يتخذوا الأجراءات الاحترازية لتكون أمام لصوص البنك المركزي جدران حديدية عالية يخيبون أمامها، لا أن يتمكنوا من إزهاق أرواح عدد من المواطنين الأبرياء.
ربما لاتكون ثمة صلة وعلاقة بين سرقة مصرف الرافدين في (المشخاب) والمحاولة الفاشلة للسطو على البنك المركزي في بغداد، لكن لا نجانب الحقيقة إذا قلنا بان فشل التصدّي للسرقة الأولى شجّع على تنفيذ السرقة الثانية رغم صعوبتها وكونها وسط بغداد، و وسط الاجراءات الامنية المكثّفة. هذا على الصعيد (المافياتي) أو ما يُسمى بالجريمة المنظمة ذات الجودة والكفاءة العالية، أما على الصعيد المحلّي، اعتقد إننا لن نكون بحاجة للحديث عن تزايد التجاوزات على المال العام والذي يترك أثره المباشر والسريع على أداء الخدمات في مقدمتها الماء والكهرباء والصحة والتعليم، إذا كانت هنالك إجراءات حازمة ورادعة يلمسها المواطن، وإلا ما فائدة التهديد بفرض غرامات مالية ضخمة على من يهدر (ماء الإسالة) في وقت نشهد خراطيم المياه في كل مكان وهي مفتوحة على الآخر على الرمال لغرض تبريد الجو، وذلك على الشوارع العامة والرئيسة وأمام الأنظار في وقت يعزّ على الأطفال في الأزقة والمناطق البعيدة وصول قطرات المياه الى أنابيبهم ليرووا عطشهم؟
ولا نعتقد أن ثمة حاجة للحديث عن الكهرباء التي بلغ مستوى التجاوز فيها أرفع مستوياته، فمن البيوت والمحال التجارية الى مصانع ومنشآت انتاجية (تشفط) مقادير لا بأس بها من (الميغاواط) كهرباء وفي هذا الصيف اللاهب، فمن المسؤول يا ترى...؟ وهل يأمل الناس بريق أمل في المستقبل القريب أو البعيد بتحكيم القانون على الجميع ليسعد الجميع بخدمات حسنة وأجواء أمنية مستقرة؟