مقتطفات من كلمة سماحة المرجع المُدرّسي"دام ظله" في مؤتمر الخطباء الحسينيين بمناسبة حلول شهر محرم
لنعطِ الناس في عشوراء مفاتيح العمل الصالح والرسالي فلا يكفي أن نحدثهم عن بعض التفاصيل
|
اذا اصبح مجتمعنا قرآنياً فلا خوف عليه فلنوجه الناس للقرآن وأهل البيت فهما النجاة والحياة
الهدى/ كربلاء المقدسة:
دعا سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد محمد تقي المدرسي"دام ظله" المبلغين وخطباء المنبر الحسيني، الى أن يكونوا حقا من "الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون احداً الاّ الله". وأن "تكون كلمتهم كلمة حق صادقة، ناطقة، لله ومن اجل الحق وفي الحق وحده، لتنال رضا الله تعالى.. ،ورُب كلمة صادقة امضى من سيف، لانها تنفُذ وتؤثر وكما روي عن رسول الله (ص) ان افضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر. ولو اننا التزمنا بهذا الدور بالشكل المطلوب فإن الامور لم تكن تصل الى ماوصلت اليه، انا اراعي هذا الجانب وذاك يراعي ذاك الجانب ،كل واحد يحدد منبره حسب الظروف التي تحيط به، فمن الطبيعي في ذاك الوقت لا يكون وضعنا حسناًَ " .
وخلال كلمة القاها سماحته في "مؤتمر الخطباء الحسينيين" الذي اقيم بمكتب سماحته في مدينة كربلاء المقدسة، تابع بالقول أن الراية الحسينية العباسية الزينبية .." ما سقطت وانما حملها الاباة في هذه الأمة الذين غيروا وجه التاريخ، كل هؤلاء هم الذين حملوا تلك الراية من بعده واقتحموا الميدان، فشعوبنا والحمد لله كما تجدونها اليوم، الموالون لأهل البيت في كل مكان يتحدون الصعوبات، هنا في العراق في ايام الطاغية ابناؤنا كيف تحدوا الطاغية باجسامهم العارية وبأكفهم الفارغة، وقلبوهم المترعة بأيمانهم وصبرهم، وكبارنا وصغارنا تحدوا الطاغية الى أن اقبر الى غير رجعة ان شاء الله، ولكن بعد الطاغية ايضاً تعرضنا الى هذه الهجمات الاجرامية، واخرها ماوقع في بغداد، وهي لم تكن بمنأى عن مسيرتنا ،هذه نفس المسيرة ،القوم هم ابناء القوم ...، وهذ الدماء التي تسير هنا وهناك في بغداد والمحافظات ولبنان وفي كل مكان هذه الدماء في الحقيقة تتصل بتلك الروافد العظيمة من دماء أئمتنا و ابطالنا في التاريخ ونحن نحمل رايتها وتراثها ان شاء الله.."
المنبر.. مسؤولية
وقال سماحته :" اخواني: المنبر مسؤولية كما ان أية شعيرة من شعائر الإمام الحسين(ع) ومن يقوم بها، ايضاً تحملنا مسؤولية، فما هي المسؤوليات في هذا العام وفي كل عام وبالذات في هذا العام. هناك أولاً مسألة مهمة هي أن الناس لا يجتمعون بهذه الاجتماعات الغفيرة في طول العام كما يجتمعون في أيام محرم الحرام، فصوت الحسين(ع) وكلمة يا لثارات الحسين(ع) وراية ابي عبدالله الحسين(ع) تجمع الناس كبارا وصغارا .. وما دام انهم يجتمعون فلابد ان نعطيهم مفاتيح العمل الصالح الرسالي السليم ،ونحن في مثل هذه المناسبات لا يكفينا ان نتحدث عنهم، عن التفاصيل فقط، فلا بد ان نعطيهم مفاتيح، وأهم هذه المفاتيح هو توجيههم الى القرآن الكريم والحسين (ع) هو القرآن الناطق .. ولن يفترقا، حينما قال النبي الأكرم (ص): (إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي) معنى ذلك أن الهداية تتركز في الثقلين ولكنه قال: (واعلموا انهما لا يفترقا حتى يردا علي الحوض) فمن تحدث عن القرآن فقد تحدث عن الإمام لحسين ومن تحدث عن الإمام الحسين فقد تحدث عن كتاب الله لأن القرآن كان خلقه، وسلوكه ولأن هدفه كان القرآن، لأنه ليلة عاشوراء تلك الليلة العصيبة التي لعلها لم تمر على أحد ابدا، مثل تلك الليلة في حزنها وعنفوانها في تلك الليلة استمهل القوم ليقرأ القرآن لان رأسه الشريف كان يقرأ القرآن وهو على رأس رمح طويل، كان هو القرآن وكان القرآن هو. إذن نحن على مجالسنا لا بد ان نوجه الناس للقرآن فالقرآن حبل الله الممدود والعروة الوثقى والشفاء والفرقان وهو النجاة والحياة، لابد أن نحدث الناس عنه وندعوهم للتدبر فيه في الليل والنهار وقرائته والتوجه اليه، واذا اصبح مجتمعنا مجتمعا قرآنياً فلا خوف عليه، لأن هذا المجتمع سوف يستمد النور من مصدرين وسوف يستمد الروح والعزم من مصدرهما..".
كلماتهم كلمات الحياة تضيء الدرب
وأضاف سماحته :" وبعد القرآن نأتي الى اهل البيت (ع). ومابقي لنا من اهل البيت(ع) بعد اجسادهم الشريفة، أمور عدة: الأول: كلماتهم المضيئة، التي هي كلمات الحياة تضيء الدرب، ورب كلمة من إمام تغير واقع انسان، وهذه الكلمات يجب ان تتحول في مجتمعنا الى وسيلة حياة، ومجتمعنا اليوم وكل مجتمع يتعرض لامواج من الفتن المتسللة والمتسربة من خلال هذه الاجهزة الجديدة من الفضائيات والانترنيت والكتابات الاخرى..الخ، والمجتمع يتعرض الى موجات هائلة من المعلومات التي قليل ما يكون فيها معلومة صحيحة مئة بالمئة، فهذا المجتمع كيف يميز بين الحق والباطل وكيف يمكن ان يواجه الضلالات والفتن التي تتسرب من خلال هذه الافكار؟، انما يمكنه ذلك من خلال العودة الى كلمات اهل البيت عليه السلام فلا بد من توجيه الناس اليها، الى نهج البلاغة والصحيفة السجادية والى كتب مهمة جمعت في ثناياها وصايا اهل البيت مثل تحف العقول، و الكتب التي هي امهات كتبنا، سابقاً كان الموالون لأهل البيت (ع) لا تخلو بيوتهم من أمثال هذه الكتب، وكانوا يتعهدونها وهي وكتابات كانت بخط اليد ،و اذكر هذه الحالة حينما كانت تزف العروس الى بيت اهلها، كان يحمل معها الى بيت زوجها أمور، منها كتاب الله ونهج البلاغة والصحيفة السجادية، ، وهي كتب كانت مخطوطة و من الصعب الحصول .. اذن يجب أن نوجه الناس الى تراث أهل البيت وكتبهم وكلماتهم، ونقول ياناس ان الإمام الحسين(ع) استشهد في كربلاء ولكن قبل ان يستشهد خلال عشرة سنوات من ايام تصديه للإمامة كانت له رسائل وكلمات وكتابات وخطابات/ ومثلا لو اكتفينا فقط وفقط بدعاء الامام الحسين(ع) في يوم عرفة فهو مصدر من المعارف وكنز من كنوز اهل البيت وكيف يوجهنا الى الله والى انفسنا ويغير من واقعنا".
وتابع قائلا:" الأمر الثاني: الذي بقي لنا من أمرهم عليهم السلام، هي سيرتهم المضيئة. على الناس ان يهتدوا بسيرة اهل البيت وسيرة النبي والامام زين العابدين (ع) يقول: (كنا ندرس مغازي النبي كما ندرس القرآن) يعني بدر وحنين واحد ..، في هذه دروس وعبروعزائم كبيرة، وكذلك سيرة الامام علي والصديقة الطاهرة عليهما السلام، وسيرة بقية اهل البيت عليهم السلام، لا بد ان نوجه الناس اليها .. ياجماعة يا مجتمعنا تعالوا وعودوا حقا وصدقا لأهل البيت اقرأوا سيرتهم اقرأوا ما تعرضوا له، لايكتفي احدكم بأن يسمع من الخطيب شيء ثم يمضي، ..
هذه المراقد بركة الارض و معراج اعمالنا الصالحة
وبقي لنا أيضا من اهل البيت عليهم الصلاة والسلام، مراقدهم الشريفة .. هذه المراقد هي بركة الارض و معراج اعمالنا الصالحة التي تصعد إن شاء الله الى عليين، الذي هو "كتاب مرقوم يشهده المقربون" و لا بد ان يشهد على كتاب العليين، كتاب اصحاب الابرار، لابد ان يشهد عليه الأئمة (ع) وهم المقربون، والا لن يرفع .. فلا بد ان ندعو الناس الى هذه الزيارات وزيارة سائر المراقد، هناك اناس بدأوا الآن يشككون في الاضرحة المباركة لاهل البيت(ع). والامر الاخر الذي بقي لنا من سيرة اهل البيت (ع) في الحقيقة شيعتهم، محبيهم، خطهم الرسالي، لان الفقهاء في الحقيقة هم الذين اعطاهم الائمة (ع) يداً بيد، الراية، قال امامنا الغائب الحاضر الحجة ابن الحسن المهدي (عجل الله تعالى فرجه) هم حجتي عليكم وانا حجة الله. هذه كلمة عظيمة رسمت لنا طريقاًَ سليماً الى الحق ضماناً لعدم الانحراف.. اخواني ايها الخطباء الكرام: انتم سيوف الحق، ومن ثم العلماء الفقهاء، الخطيب هو سيف العالم، لانه عندما يرتقي المنبر ويتحدث يتحدث عن الفقيه الجالس في بيته، فالفقيه يرسم والخطيب يعلن، فلا تنسوا في احاديثكم ان تبددوا الشبهات التي يثيرها البعض اليوم حول الفقهاء بسبب او بآخر، جماعة فلان او فلان، فان هذه الكلمات مدسوسة اقول لكم مدسوسة لانها جاءت من وراء مجتمعنا جاءت من الآخرين، يبثون هذه الكلمات في داخل المجتمع المؤمن ليفرقوا الناس، العلماء كلهم نور واحد وطريق واحد وهم كلهم ابواب الى منزل واحد..".
رسالة عاشوراء.. عُبرة وعِبرة
هذا هو تراث اهل البيت (ع)، تراثهم سيرتهم وكلماتهم، مراقدهم، وخطهم، المتمثل في الفقهاء، يجب ان نوجه الناس الى هذه الاساسيات، ولعل البعض يقول ان الناس يطلبون منا في شهر محرم الحرام ان نتحدث عن السيرة والمصيبة، طبعاً اساس العمل هو السيرة والمصيبة ونحن لا نتكلم في المسلمات فهي واضحة ولكن من خلال الحديث عن المصائب يجب ان نوجه الناس الى حكمة هذه المصائب ورسالتها ورسالة عاشوراء من خلال هذه القضية.. وكلمتي الأخيرة فيما يرتبط بالهيئات الحسينية، بصراحة ان الهيئات الحسينية اليوم تشكل رافدا اساسيا من روافد النهضة الحسينية..و هنا في العراق شعب تمسك بالشعائر الحسينية و بالهيئات، لعله اكثر من اي شعب اخر، لكن هذه الهيئات بما لها من ادوار يجب لها ان تتجدد وتتحدث وتتطور بالاتجاه الحسيني، يعني كل هيئة تتحول الى مركز من مراكز التفقه في الدين، والذي ينتمي الى هيئة حسينية يجب ان يكون عنده ثقة ومعرفة بالدين، الإمام الصادق (ع) يقول: (ياليت السياط على رؤوس اصحابي حتى يتفقهوا في الدين)، هذا التفقه في الدين مسألة مهمة، و انا انصح اخواني وانتم تنصحونهم ان شاء الله في الهيئات الحسينية ان يتفقهوا في الدين ويعرفوا الحلال والحرام ويعرفوا مواقيت الصلاة وان يهتموا بهذه الأمور ويدرسوا سيرة ابي عبدالله الحسين (ع) كل اسبوع درساً او اثنين او ثلاثة عند عالم من العلماء، يتحاورون في كتاب ما، فهذه مهمة، عندها تتحول الهيئة الى ينبوع من ينابيع المعرفة الحسينية في بلادنا.
|
|