التغيير الاجتماعي أولاً
|
محمد علي
ليس التغيير مطلوبا لذاته بقدر ما هو مطلوب للوصول إلى الأفضل والعمل على الانتقال من حال سيء إلى حسن ومن حسن إلى أحسن وهكذا لا تتوقف عملية التغيير لأنها سنة كونية لا يستطيع أحد أن ينكرها، ولكي يتحقق التغيير فإننا بحاجة إلى قراءة واعية وإرادة قوية وهذا يدفعنا لقراءة التاريخ من خلال متابعة النماذج الناجحة التي استطاعت أن تعبر عن نفسها من خلال تغييرات حقيقة سواء على صعيد الأفراد أو المجتمعات.
وتأتي سيرة الرسول الأكرم (ص) هذا النبي العظيم لتمثل نموذجا راقياً في عملية التغيير الاجتماعي والأخلاقي والسياسي الذي قام به على الرغم من التحديات الكبيرة التي واجهت مسيرته المباركة حتى قال: "ما أوذي نبي كما أوذيت" ومع كل الصعوبات التي كان تعترض طريقه إلا أنه استطاع أن يترك تأثيراً كبيراً وبصمات واضحة على ذلك المجتمع الجاهلي حتى أن أعداءه لم يستطيعوا أن يأخذوا عليه مأخذاً واحداً فيما يرتبط بفضائل الأخلاق والصفات الحميدة التي كان يتصف بها صلى الله عليه وآله وسلم، وإننا اليوم مدعوون للتوقف عند هذه التجربة الرائدة على كل صعيد من أجل الوصول إلى تغيير حقيقي في واقعنا إذا كنا جادين فعلاً في السعي وراء التغيير الذي تتنافس اليوم حوله اكبر المجتمعات المتقدمة من أجل أن تحقق السبق وتحافظ على موقعها في الريادة والتقدم.
إن أكبر تحدياتنا تكمن في الواقع الاجتماعي الذي يعاني من نواقص وخلل بحاجة إلى إصلاح وترشيد كي نتمكن من بناء نظام سياسي واقتصادي قادر على العطاء والإبداع ذلك أن التغيير في هذا النظام هو عملية تابعة للتغيير الاجتماعي فما لم يرتقي الناس اجتماعياً في نمط تفكيرهم وسلوكهم ومعاملاتهم فإنهم لن يتمكنوا من بناء نظام يتمحورون حوله ويعملون من أجل صيانته واستمراره .
ومن يقرأ سيرة الرسول الأكرم يجد أنه قدم نماذج عملية وحيّة وليس هذا فحسب وإنما ذات طبيعية تعليمية تتسم بالبساطة والعفوية ولكنها في نفس الوقت تحمل مفاهيم عالية في مضمونها وتطبيقاتها فارتقى بالناس إلى حالة أخلاقية سامية في خلال تعاطيهم مع بعضهم البعض وأعطى نكهة خاصة وذوقاً عالياً في سلوك الناس وهذا ما أثر في المجتمع حيث أن الرسول الأكرم لم يكن مجرد صاحب نظرية وإنما كان يحمل معه مشروعاً تغييراً تجسدت معالمه من خلال السلوك الرفيع الذي كان يتصف به.
|
|