السلطة في العراق
|
عبد العزيز الهندال (*)
من البديهي أنه عندما يقبل شعب نظام حكم ديمقراطي فعلى جميع الشعوب والحكومات احترام هذا الخيار بغض النظر عن تقديرهم لمدى ديمقراطية هذا النظام ودرجة شفافيته، وحتى وإن كان خيار شعب ما لنظام دكتاتوري فلهم اذن الحق بالعيش بظل ما اختاروا طالما لم يتجاوز خطر ذلك النظام حدود بلده. والعراق ما بعد سقوط الطاغية صدام وحكمه البعثي الفاشي يعيش في حالة مخاض عسيرة لا لأنه أطاح بصدام ونظامه فقط، ولكن لأنه اختار أن يكون الحكم بكل درجاته للشعب وأن يعطي الأغلبية حق الحكم وفق نظام ديمقراطي شفاف، ولأن الديمقراطية بالصورة العراقية الحالية تعد نظاما غير مستساغ في معظم دول المنطقة، لذا فقد كانت الانتخابات العراقية الأخيرة ميدانا للصراع وبوابة استغلت للدخول في تفاصيل الحياة السياسية العراقية لدرجة أن هناك من دفع بقوة لعودة أزلام النظام البعثي الفاشي، رغم كل الكوارث التي حلت بالمنطقة بسبب ذلك النظام.
المهم أن الانتخابات انتهت وأعلنت نتائجها شبه النهائية بانتظار النظر في (181) طعنا واعتراضا مقدما من مختلف الائتلافات والكتل العراقية، وقد أعطت النتائج المعلنة الفوز بفارق صوتين لقائمة "العراقية" بزعامة أياد علاوي .. وهي نتيجة تدل / في نظر البعض ـ على بعض النجاح للتدخلات الخارجية، لكن ذلك لا يعني نجاحها في تشكيل السلطة في العراق، لأن ذلك أمر متعلق بالتحالفات السياسية داخل البرلمان وهو السلطة الفاعلة التي تملك حق تشكيل السلطة بكافة مناصبها وتشكيلتها من رئاسة الجمهورية، ورئيس الوزراء ونوابه ورئيس البرلمان ونائبه، فالدستور العراقي الجديد أعطى الشعب الحق الأول بالاختيار، فمنهم يبدأ وعند ممثليهم في البرلمان ينتهي، فالكلمة الأولى والأخيرة للغالبية التي تملك حق التصويت في الانتخابات، وسواء تم الأخذ بحكم المحكمة الاتحادية وتعريفها بأن الأغلبية تكون لأكبر كتلة في البرلمان لا للقائمة الفائزة بأكثر عدد من المقاعد في الانتخابات أو لم يتم الأخذ به، فالطريق تبدو سالكة لتحالف "ائتلاف دولة القانون" و"الائتلاف الوطني العراقي" و"التحالف الكردستاني" .. رغم ما يدور على الساحة من حوارات واستقبالات وتصاريح إعلامية، وأيضا بالرغم من الاستفتاء الصدري .. الذي اثار تحفظات ورفض العديد من الساسة والنواب. ومما لا شك فيه بأن تشكيل الحكومة العراقية سيتأخر بعض الوقت مما سيجعل المنطقة في حالة ترقب وحذر لأن أي تأخير سيفتح المجال لزيادة أعمال العنف والخوف أن يكون لهذا العنف انعكاسات سلبية على الشعب العراقي وعلى دول الجوار، فالمؤمل اليوم أن لا تتسبب التدخلات الخارجية في إطالة أمد إعلان تشكيل الحكومة لأنه لا الشعب العراقي ولا شعوب المنطقة أمست قابلة لتحمل مزيد من العنف أو الفرز الطائفي. وحسبنا الله ونعم الوكيل.
(*) كاتب كويتي
|
|