قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام

أجيالنا وخطوات نحو المستقبل المشرق
لمشاهدة الصورة لحجم اكبر إضغط علي الصورة *إيمان عبد الامير
المدرسة.. هذا الصرح التربوي الشامخ الذي يقف لينير المستقبل للأجيال الصاعدة وينبع علماً ومعرفة، وبسبب تغيرات الظروف وانعكاسها سلباً على مسيرة التعليم والتربية، بدأ الجدال الساخن حول السبيل الصحيح لتحقيق النجاح في هذه المسيرة؟ بل كيف نصنع جيلاً ناجحاً لمستقبلنا؟
يبدو لنا أن الجواب ينحصر في الأمور التالية :
أولاً: الإدارة الناجحة..
فمدير المدرسة ربَّان السفينة، يديرها كيفما يشاء، إن صَلُح صَلُحت أمور المدرسة كلّها، فالحكمة تقول: أعطني مديراً ناجحاً، أعطك مدرسة ناجحة، فقيادة بلا شعب كشعب بلا قيادة، لا ينجح أحدهما إلا بالآخر.
والمدير الكفوء يكون قدوة في كل شيء، فعله قبل قوله، وهو يجمع خلاصة أفكاره وتجاربه ليقدمها لمدرسته، فهو بمنزلة الأب الروحي لهذه المدرسة، يسأل عن أحوال هذا المدرِّس وذاك التلميذ بقلب حنون عطوف، يطبِّق العلاقات الإنسانية في معاملاته، وتتدفق بين جوانبه الحكمة والحنكة، والذكاء والأخلاق العالية الكريمة، في كل تصرف من تصرفاته .
ثانياً: المعلم المخلص الكفوء..
فالمدرس هو حجر الأساس في العملية التعليمية، والمرتكز الذي يعول عليه تنفيذ المنهج المدرسي، ومن المهم أن يكون هذا المدرس قد أُعدَّ إعداداً جيداً لممارسة هذه المهنة، وهي رسالة الأنبياء (عليهم السلام) فيُبدع ويَبتكر ويحلِّل ويركِّب ويعمل بلا كَلَلٍ أو مَلَلٍ، وعليه أن يكون واسع الاطلاع، وأيضاً واسع الصدر، وبهذه المواصفات يحلِّق مع طلابه في عالم الإبداع، دون أن تقف أمامه أي معوقات أو مبرِّرات كضيق المبنى أو النصاب الكامل أو مستوى التلاميذ أوغير ذلك .
ويجب أن يكون المعلم شغوفاً بالعلم وأهله، وهو طالب علم لا يشبع وكأنه شارب ماء البحر كلما شرب ازداد عطشاً .
وخلاصة القول: عندما تكون وزارة التربية والتعليم العقل المفكّر فإن المعلم هو العقل المنفذ .
ثالثاً: ولي أمر متجاوب..
لا تكتمل العملية التعليمية بدون رب الأسرة والذي لا تنحصر مسؤوليته فقط في توفير المأكل والمشرب والمسكن، ولكن التربية الصالحة تعد بحق حياة، وتعد التربية الصالحة عن طريق القدوة الحسنة أفضل مثال يُحتذَى به، فعندما نأمر بالصدق نكون أول المسارعين إليه .
وعندما نطلب من أبنائنا - مثلاً - إقفال التلفزيون وعدم السهر عنده ونطلب منهم المطالعة، يكون واجبنا أن نحمل أي كتاب من المكتبة ليلاحظ حُبَّنا وشغفَنا بالعلم، ليطابق القول العمل والنظرية بالتطبيق العملي.
رابعاً: تلميذ مجتهد مطيع..
وعندما يؤدِّي كل من المدير والمدرّس و ولي الأمر دوره وتكون الكرة في ميدان التلميذ، لا بد له أن يستجيب لهذا الأمر، فيؤدِّي دوره بتوفيق من الله تعالى .
وقد حثَّنا الدين الإسلامي على تنشئة الولد ورعايته حتى قبل ولادته من خلال اختيار الأم الصالحة، فـ( اختاروا لنطفكم فإن العِرْق دسَّاس)، ثم في تسميته وتربيته، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (الولَدُ سَبعٌ أمير وسَبعٌ أسير وسَبعٌ وزير) .
التجارة الناجحة..
ندلُّكُم على تجارة تنجينا جميعاً من خسارة وتطلعنا للنجاح فقط، ألا وهي: التفكير دائماً بالتفوّق والتميز، فهو الذي ينجينا من طموحنا الهزيل وهو التفكير بالنجاح فقط، لأن من حَام حول الحمى أوشك أن يقع فيه، و رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: (اللَّهُمَّ لا تُبقِنِي لِيومٍ لَم أزدَدْ فيهِ عِلماً)، فيما يقول الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) يقول: (مَنْ تساوَى يومَاه فهو مَغبُون، ومَنْ كان أمسه أفضلُ مِن يَومِه فهو مَلعون) والعياذ بالله، وغير ذلك من الأحاديث تحت شعار قوله تعالى: "وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ" (المطففين/ 26) .
فلنرفع شعار: (انتهى زمن النجاح ليبدأ زمن التفوق).. فهذا أحد الأدباء يقول: الدرس الأول يعلمنا أن البنيان هو الإنسان، وإن الدرس الآخر يعلمنا إن الإنسان هو البنيان .
إن للتفوق ثمنه، فنحن نحتاج إلى تربية لا تعرف القنوط أو الانهزام أو الخنوع أو التراجع، ويجب أن نصنع من أبنائنا أفراداً أقوياء من خلال تقوية إرادتهم ونفوسهم وتعويدهم على القوة الروحية والجسدية وخَلق الهِمَم العالية فيهم.
لاحظ قوله تعالى: "وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى" (النجم/ 39 – 40)، وكيف يجيب الله تعالى بعد عدة أقسام بهذا الجواب العظيم، على أن الإنسان مُرتَهِنٌ بعمله، وأن استحقاقه بمقدار جِدِّه واجتهاده.
لنوضِّح لأبنائنا كيف عاش علماؤنا الأفذاذ في الماضي، الذين سطّروا أسماءهم في صفحات التاريخ الخالد وهم باقون ما بقي الدهر .
ولا بأس أن نأخذ العبرة من علماء الغرب، أمثال (أديسون) الذي قال له أحد أصدقائه: لقد أخفقت في أكثر من عشرة آلاف تجربة لاختراع المصباح الكهربائي، فلماذا لا تكف عن تضييع وقتك ومالك ؟! فقال أديسون: أخطأت... لقد نجحت في اكتشاف عشرة آلاف محاولة لا توصلني إلى ما أريد!
وما أجمل قول المتنبي :
إذا غامرتَ في شَرَفٍ مروم فلا تَقنعْ بِما دون النّجُوم
إذن، لنعلم أبناءنا كيف تكون الحياة كِفاحاً وجِدّاً وعملاً ونجاحاً، ولنعلمهم كيف يحفرون في الصخرة ويزرعون في البر ويسقون الزرع من عرقهم.
نقول فقط: إذا أجدنا تربية الأبناء، نستطيع أن نقول: إننا أنشأنا جيلاً ناجحاً، يعيد الأمجاد لأمتنا في مستقبلها المشرف .
فما أجمل أن نعيش مع أبنائنا الصغار المتفوقين لحظات التفوق، لحظة بلحظة و ثانية بثانية، ونحن نترقَّب وجوهَهم، في خوفهم وقلقهم، في ترددهم وتوجّسهم، ثم في فرحهم وسرورهم .
نعم، هكذا هو حال التلاميذ المُجدِّين، وما أجملها من أوقات سعيدة، إنها لحظة التفوُّق، إنها لحظة التميز.