رأينا العام
|
إياد محسن
الرأي العام بابسط تعريفاته.. هو اجتماع كلمة افراد الشعب على امر معين تجاه مشكلة معينة او حادث مؤثر, وهو في حقيقته حكم يصدره الشعب تجاه ما يدور حوله من احداث ذات مساس بمصالحه, ويشكل وسيلة مهمة من وسائل الرقابة على اعمال كافة السلطات في الدولة, ويعد البعض من اهم المجسات التي يستشعر من خلالها مدى السخط او الرضا الذي يكنه الشعب لحكومته , وبسبب الضغط الذي يولده فقد تجد بعض الحكومات نفسها مضطرة لتغيير بعض السياسات وقد يلجأ الحكام احيانا إلى الاستقالة نزولا عند رغبة هذا الرأي, ففي العام 1974 اضطر الرئيس الأمريكي نيكسون للاستقالة تحت تأثير الرأي العام الأمريكي واستيائه من جملة الفضائح التي لاحقت هذا الرئيس ومنها فضيحة التزوير في انتخابات الرئاسة.
وطالما ان الرأي العام هو ابن الأحداث الساخنة, فالعراق أكثر البلدان التي يظهر فيها مثل هذا الرأي ويجد مساحته, لكنه رأي عام غير منتج, كان ولا زال عاجزا عن إحداث التأثير الذي يتلاءم وحجم التذمر الشعبي مما يدور في الساحة العراقية..
قائمة مفتوحة من المشاكل والتعقيدات خطها الساسة العراقيون بدم بارد ,فمن تأخير تشكيل الحكومة الى التجاوز على مواد الدستور الى دفع البلد بمواطنيه ومؤسساته نحو فراغ دستوري و مصير مجهول.
من خلال وسائل الاعلام يمكن ان نستشعر حجم الغضب والاستياء الذي يعيشه الشارع العراقي ازاء ما يدور, ورغم ان القائمين على ادارة العمل السياسي يدركون تماما ذلك , الا انهم لا يحثون الخطى لتجاوز خلافاتهم نزولا عند رغبة الارادة الشعبية كما يفعل الساسة في جميع الدول الديمقراطية, ولان الساسة يدركون ان رأينا العام عاجز عن امتلاك وسائل التغيير السريعة والناجعة, فهم ماضون في طريق عرقلة الحياة السياسية وتعقيدها, خصوصا ان الجهات التي يمكن ان تحرك الرأي العام وتضغط بالاستناد اليه لا زالت تعيش سباتها القديم ولا زالت تقف موقف المتفرج... فلا مؤسسات مجتمعنا المدني تعي دورها ما بين المواطن والسياسي.. ولا نقاباتنا واتحاداتنا تحرك الشرائح التي تمثلها للضغط باتجاه الخروج من الازمة.. ولا حل يلوح في الافق لبلد اقسم نوابه على حماية النظام الديمقراطي وصيانة الدستور وراحوا يمارسون اخطر عملية للتجاوز والخروج على النصوص وسط ذهول شعبي يملأه الالم والاحباط.
ربما كان لدينا شعب كالشعب الامريكي يعي ما يدور حوله من احداث ويصدر حكمه العام ازائها, وربما كانت لدينا وسائل لقراءة ما يراه أبناء مجتمعنا ,لكننا نحلم ان يكون لدينا ساسة على شاكلة نيكسون يستشعرون مرارة شعبهم ويخضعون للضغط المنبعث من غضب رأيه العام ويرفعون راية بيضاء للاستقالة حازمين حقائب الرحيل, ولنؤشر علامة انتصار لرأينا العام نضيفها للعلامة التي تحققت في ازمة وزارة الكهرباء حين اضطرت المؤسسة الحكومية الخضوع لحكم الرأي العام والانصياع لقراره.
|
|