أبو فراس الحمداني
فارس الشعر شاعر الفروسية
|
هادي الشمري
ربما لم تترك مقولة الصاحب بن عباد للدارس في شعر أبي فراس الحمداني أن يدعي أنه في دراسته قد أحيا ذكراً لأبي فراس عندما قال قولته الشهيرة: (بُدئ الشعر بملك وختم بملك) يعني إمرأ القيس وأبا فراس الحمداني.
حقاً إن من يستقرئ ديوان ابي فراس قراءة وافية ويستعرض حياته والاحداث التي عاصرها ليحس أن مصادر التاريخ والأدب التي تعرضت لترجمته لا تفي بالمرام فهي مفردات مكررة وكلها تستقي من موارد قليلة أهمها كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني وعن هذه الموارد القديمة القليلة أخذ من كتب عن أبي فراس مستنداً الى الكلمات (الضخمة) التي أطلقها القدماء عليه ولم يحاول تسليط الضوء أكثر على حياته وفق التحليل والاستنتاج.
أجل فحياة ابي فراس على قصرها – 38 عاماً – قد حفلت بالكثير من المآثر والبطولات وتحتاج الى كتب عديدة ومراجعات طويلة لسبر غورها. كما أن ديوانه بحاجة الى من يشرحه وافياً ويخرجه من مهملات التاريخ ففيه ما يخلد صاحبه في أذهان كل شاعر وأديب. وربما يأتي في هذا العصر منيلقي أنواراً على ظلمات التاريخ ويرجع وفي جعبته مرآة العلم الصادقة والنقد الصحيح. ورغم يقيننا أن هذا المقال لا يفي بالغرض الذي قصدناه إلا أننا توخينا أحجار القنوط في سلوك جزء من الغاية طبقاً لقاعدة (مالم يدرك كله لا يترك جله). هو شاعر نشأ على ترف الحياة وميسورها ورغدها لكنه لم يألف هذه الحياة بل ألف حياة الجهاد والصعاب ورحى الحرب وكان يحس أنه قد خلق للسيف والرمح:
وقائمُ سيفي فيهمُ دقّ نصله وأعقاب رمحي منهم حطَّمَ الصدرُ
سيذكرني قومي إذا جدَّ جدّهم وفي الليلةِ الظلماء يفتقد البدرُ
هو شاعر لم يمنعه وقوعه في الأسر من الافتخار بنفسه:
ماللعبيد من الذي يقضي به الله أمتناع
ذُدت الاسود عن الفرائس ثم تفرسني الضباع
هو شاعر لم يعرف لعزمه حدود وبين أضلاعه قلب تضطرم فيه النيران:
إني أبيت قليل النوم أرّقني قلب تصارع فيه الهمُّ والهممُ
وعزمةٌ لاينام الليل صاحبها إلا على ظفرٍ في طيّه كرمُ
يصان مهري لأمر لا أبوح به والدرعُ والرمحُ والصمصامة الخذمُ
فما هي هذه العزمة التي لا ينام لأجلها شاعرنا؟ ذلك ما لم يشر إليه المؤرخون الذين اهتموا بالبلاغة والجزالة أكثر من المعنى وهناك سؤال آخر: هل سارت الأمور وفق ما يريد الشاعر في تحقيق طموحه ذلك ما سيكشفه هو في هذه الأبيات:
تصفحت أقوال الرجال فلم يكن الى غير شاكٍ للزمان وُصولُ
أكلّ خليل هكذا غير منصفٍ وكل زمانٍ بالكرام بخيلُ
نعم دعت الدنيا الى الغدر دعوة أجاب اليها عالم وجهولُ
هو أبو فراس الحارث بن أبي العلاء سعيد بن حمدان بن حمدون بن الحارث ابن لقمان بن راشد بن المثنى بن رافع بن الحارث بن عطيف بن محربة بن حارثة بن مالك بن عبيد بن عدي بن أسامة بن مالك ابن بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب الحمداني التغلبي، ولد بـ(منبج) وهي بلدة بين حلب والفرات سنة 321 للهجرة فنشأ فارساً شاعراً جمع بين إمارتي السيف والقلم، إمتاز شعره بالسلاسة والرقة والحس والسهولة لاسيما قصائده (الروميات) حتى قيل هو أشعر من عبد الله بن المعتز وقد ترجمت أشعاره الى اللغة الألمانية وظهرت لأول مرة في طبعة ليدن سنة 1895 ترجمها (المسيو دو فوراك) وقد جمع ديوانه (ابن خالويه).
قال الثعالبي في يتيمة الدهر ج1 ص57 في ترجمة شاعرنا: (كان فرد دهره وشمس عصره أدباً وفضلاً وكرماً ونبلاً ومجداً وبلاغة وبراعة وفروسية وشجاعة وشعره مشهور سائر بين الحسن والجودة والسهولة والجزالة والعذوبة والفخامة والحلاوة والمتانة ومعه رواء الطبع وسمة الظرف وعزة الملك ولم تجتمع هذه الخلال قبله إلا في شعر عبد الله بن المعتز، وأبو فراس يعد أشعر منه عند أهل الصنعة، ونَقَدة الكلام وكان الصاحب يقول: (بُدئ الشعر بملك وختم بملك) يعني إمرأ القيس وأبا فراس، وكان المتنبي يشهد له بالتقدم والتبريز ويتحامى جانبه فلا ينبري لمباراته ولا يجترئ على مجاراته، وإنما لم يمدحه ومدح من دونه من آل حمدان تهيباً له وإجلالاً لا إغفالاً وإخلالاً، وكان سيف الدولة يعجب جداً بمحاسن أبي فراس ويميزه بالإكرام عن سائر قومه ويصطنعه لنفسه ويصطحبه في غزواته ويستخلفه على أعماله، وأبو فراس ينثر الدر الثمين في مكاتباته إياه ويوافيه حق سؤدده ويجمع بين أدبي السيف والقلم في خدمته.
كان ابو فراس يسكن منبج وينتقل في بلاد الشام في دولة ابن عمه سيف الدولة الحمداني وكان يشاركه معاركه ضد الروم وقد أُسر مرتين الأولى في مغارة الكحل سنة 348 والثانية في منبج سنة 351، أسر وهو جريح وقد أصابه سهم في فخذه وبقي نصله وحمل مثخناً الى القسطنطينية وأقام في الأسر أربع سنين لتعذّر المفاداة وأخيراً استفكه من الأسر سيف الدولة سنة 355 وقد كانت تصدر أشعاره في الأسر والمرض وأستزاده سيف الدولة وفرط الحنين الى أهله وأخوانه والتبرم بحاله ومكانه عن صدر حرج وقلب شجي تبكي سامعها وقد جمعت هذه الاشعار وسمَّيت بالروميات. وهذه الروميات تعد قمة من قمم الأدب العربي حتى عدّها النقاد القدماء مع هاشميات الكميت ونقائض جرير والفرزدق وحجازيات الشريف وخمريات أبي نؤاس وسيفيات المتنبي على أنها من أفضل ما انتجته العربية على مدى تاريخها الطويل، يقول ابو فراس في احدى هذه الروميات والتي مطلعها:
أراك عصي الدمع شيمتك الصبر أما للهوى نهيٌ عليك ولا أمرُ
(أُسرت وما صحبي بعُزلٍ لدى الوغى) ولا فرسي مهر ولا رَبَّه غمرُ
ولكن إذا صُم القضاء على إمرئٍ فليس له برٌّ يقيه ولا بحرُ
وقال أُصيحابي الفرار أو الردى فقلت هما أمران أحلاهما المرُ
ولكنني أمضي لما لا يعيبني وحسبك من أمرين خيرهما الأسرُ
ولست كمن رد الردى بمذلةٍ كما رده يوماًَ بسوأته عمرو
ونحن أناس لا توسّط عندنا لنا الصدر دون العالمين أو القبرُ
تهون علينا في المعالي نفوسنا ومن خَطَبَ الحسناء لم يُغلها المهرُ
وتثقل به الجراح ويطول أسره فيكتب الى والدته يعزّيها بنفسه:
وإن وراء الستر أمّاً بكاؤها عليَّ وإن طال الزمان يطولُ
فيا أمتا لا تعدمي الصبر أنه الى الخير والنجح القريب رسولُ
ويا أمتا لا تحبطي الأجر أنه على قَدَرِ الصبر الجميل جزيلُ
(تناساني الاصحاب إلا عصابةً) ستلحق بالأخرى غداً وتحولُ
وقال ابن خالويه: وقال – ابو فراس – يصف أيامه ومنازله بمنبج وكان ولايته واقطاعه وداره بها ويعرض بقوم بلغه شماتتهم فيه وهو في أسر الروم:
(لا يشمتن بموتنا) إلا فتى يفنى ويبلى
يغتر بالدنيا الجهول وليس في الدنيا محلى
وقال الثعالبي في يتيمة الدهر ج1 ص97: كتب ابو فراس الى سيف الدولة: مفادتي أن تعذرت عليك فأذن لي في مكاتبة أهل خراسان ومراسلتهم ليفادوني وينوبوا عنك في أمري ثم كتب له:
أتنكر أني شكوت الزمان وإني عتبتك فيمن عتبْ
(فلا تنسبن اليَّ الخمول) أقمتُ عليك فلم أغتربْ
ولما يبلغه نفي أمه وهو في الأسر يرثيها:
أيا أماه كم هول طويل مضى بك لم يكن منه نصيرُ
(أيا أماه كم سرٍ مصونٍ) بقلبك مات ليس له ظهورُ
وهناك قصائد أخرى تجري على هذا المنوال تركناها خشية الإطالة، يلاحظ القارئ أن الأشطرُ التي وضعناها بين قوسين تحمل معاني كثيرة وكبيرة لم يتطرق إليها المؤرخون لا قديماً ولا حديثاً، فقد أسر أبو فراس وأصحابه مدججون بالسلاح كما يقول هو فلماذا لم يستنقذوه (أسرت وما صحبي بعزل لدى الوغى) ثم لما أسره الروم لماذا تناسوه أصحابه (تناساني الاصحاب إلا عصابة) ولماذا شمتوا به؟ (لايشمتن بموتنا) ولماذا نسب إليه سيف الدولة الخمول مع أنه أبلى بلاءً عظيماً في قتاله للروم (فلا تنسبن اليَّ الخمول) ثم ماهو السر المصون الذي أخفته أمه ومات في قلبها ولم تظهره لأحد.
كل هذه الأسئلة وغيرها تحتاج الى دراسة مضنية عن الدولة الحمدانية وتأسيسها وسيرة أمرائها وما جرى وراء الاستار من دسائس ومؤامرات وصفقات ونحن لا نريد في مقالنا القصير هذا الخوض في هذا الموضوع الذي يحتاج الى دراسات مطولة وكل ما أردناه هو أن يأخذ المؤلفون بنظر الاعتبار مثل هذه المعاني في أشعار ابي فراس. لعل أهم ما يطالع في ديوان أبي فراس هي ميميته الخالدة المسماة بالشافية والتي تبلغ (58) بيتاً فقد احتوت إضافة الى بلاغتها وجزالتها أحداثاً تاريخية مهمة ضمّنها ابو فراس في أبياتها، فالقصيدة في مضمونها العام تتحدث عن جرائم بني العباس تجاه أهل البيت (ع) والمسلمين وتنكيلهم بالناس وغدرهم وفظاعة أعمالهم الوحشية كما أحتوت على الأدلة والبراهين على أحقية أهل البيت (ع) بالأمر يقول ابو فراس يخاطب بني العباس:
أتفخرون عليهم لا أباً لكمُ حتى كأن رسولَ الله جدّكمُ
وما توازن فيما بينكم شرفٌ ولا تساوت لكم في موطنٍ قدمُ
ولا لكم مثلهم في المجد متصلٌ ولا لجدكم مسعاةُ جدِّهمُ
ولا لعرقكم من عرقهم شبهٌ ولا نثيلتكم من أمهم أممُ
ثم يذكر النص الإلهي الذي خصّهم بالخلافة بعد النبي (ص):
قام النبي بها يوم الغدير لهم والله يشهد والأملاكُ والأممُ
حتى إذا اصبحت في غير صاحبها باتت تنازعها الذؤبان والرخمُ
وصيّروا أمرهم شورى كأنهمُ لا يعرفون ولاة الحق أيُّهمُ
فبنو العباس لم يكونوا في يوم من الأيام مؤهلين للخلافة منذ صدر الإسلام:
ثم أدعاها بنو العباس ملكهم ولا لهم قدَمٌ فيها ولا قَدمُ
لا يذكرون إذا ما معشرٌ ذكروا ولا يحكّم في أمر لهم حَكمُ
ولم يتساوَ أحد من بني علي (ع) مع واحد من بني العباس لا في الشرف ولا في النبل والاخلاق:
ليس الرشيدُ كموسى في القياس ولا مأمونكم كالرضا لو أنصف الحكمُ
ياباعة الخمر كفّوا عن مفاخركم لمعشرٍ بيعهم يوم الهياج دمُ
خلوا الفخار لعلامين أن سُئلوا يوم السؤال وعمّالين أن علموا
لا يغضبون لغير اللهِ إن غضبوا ولا يضيعون حكم الله إن حكموا
تُنشا التلاوة في أبياتهم سحراً وفي بيوتكمُ الاوتارُ والنغمُ
منكمُ عليّةَ أم منهم وكان لكم شيخ المغنين ابراهيم أم لهمُ
ما في بيوتهم للخمر معتصرٌ ولا بيوتكم للسوء معتصمُ
إذا تلوا سورةً غنى إمامكم قف بالطلول التي لم يعفها القدمُ
الركنُ والبيتُ والاستارُ منزلهم وزمزم والصفا والحجر والحرمُ
والقصيدة كلها على هذا المنوال وقد أنشدها أبو فراس وأمر خمسمائة سيف أن تشهر في المعسكر، وشعر ابي فراس طافح بهذه النفحة الولائية الممتزجة بالعقيدة الصادقة لأهل البيت (ع) وهو في كل مناسبة يستذكر مآثرهم لاسيما حادثة الغدير التي طالما تغنى بها الشاعر في قصائده، فلنستمع إليه في أحدى هذه القصائد وهو يعدد بعض خواص أمير المؤمنين (ع):
إذ قال يوم غدير خم معلناً من كنتُ مولاه فذا مولاه
هذه وصيته إليه فأفهموا يا من يقول بأن ما أوصاه
أقروا من القرآن ما في فضله وتأملوه وأفهموا فحواه
لو لم تنزل فيه إلا هل أتى من دون كل منزّل لكفاه
من كان أول من حوى القرآن من لفظ النبي ونطقه وتلاه
من كان صاحب فتح خيبر من رمى بالكف منه بابه ودحاه
من عاضد المختار من دون الورى من آزر المختار من آخاه
من بات فوق فراشه متنكراً لما أطل فراشه أعداه
وشاعرنا لاينسى يوم الطف وما جرى على الإمام الحسين الشهيد (ع) في ذلك اليوم الذي بكت السماء دماً لا عذر فيه لذي عينين من البكاء ولا ذي مهجة من أن تنفطر:
إذ قال أسقوني فعُوِّض بالقنا من شرب عذب الماء ماأرواه
فاجتُزّ رأسٌ طالما من حجره أدنته كفّا جده ويداه
يوم بعين الله كان وإنما يملي لظلم الظالمين الله
يوم عليه تغيّرت شمسُ الضحى وبكت دماً مما رأته سماه
لا عذر فيه لمهجةٍ لم تنفطر أوذي بكاء لم تَفُض عيناه
حتى يصل الى قوله:
أظننتمُ أن تقتلوا أولاده ويظلكم يوم المعاد لواهُ
أو تشربوا من حوضه بيمينه كأساً وقد شرب الحسينُ دماهُ
طوبى لمن ألفاه يوم أُوامه فاستلّ يوم حياته وسقاهُ
قد قال قبل من قريض قائل (ويل لمن شفعاؤه خُصماهُ)
أنسيتم يوم الكساء وأنه ممن حواه مع النبي كساهُ
يا رب إني مهتدٍ بهداهمُ لا أهتدي يوم الهدى بسواهُ
أهوى الذي يهوى النبي وآله أبداً وأشنأ كل من يشناهُ
وهو يرجو النجاة بشفاعة النبي (ص) وآله (ع) وبلوغ الأماني يوم القيامة:
لستُ أرجو النجاة من كل ما أخشاه إلا بأحمدٍ وعلي
وببنت الرسول فاطمة الطهر وسبطيه والإمام علي
والتقي النقي باقر علم الله فينا محمد بن علي
وأبي جعفر موس ومولاي علي أكرم به من علي
وابنه العسكري والقائم المظهر حقَّيْ محمدٍ وعلي
بهم أرتجي بلوع الأماني يوم عرضي على الإله العلي
قتل شاعرنا في ظروف غامضة سنة 357، قال الثعالبي: دلت قصيدة قرأتها بأبي اسحاق الصابئ في مرثية ابي فراس على أنه قتل في وقعة كانت بينه وبين موالي أسرته ونترك ابن الأثير ليروي بعضاً من هذه الواقعة: لما مات سيف الدولة عزم ابو فراس على التغلب على حمص وتطلع إليها وكان مقيماً بها فاتصل خبره الى ابن اخته أبي المعالي بن سيف الدولة وغلام أبيه قرعويه وجرت بذلك بين ابي فراس وبين ابي المعالي وحشة فطلبه ابو المعالي فانحاز ابو فراس الى (صَدَد) وهي قرية في طريق البرية عند حمص فجمع ابو المعالي الأعراب من بني كلاب وغيرهم وسيّرهم في طلبه مع قرعويه فأدركه بصَدَد فكبسوه فاستأمن اصحابه واختلط هو بمن استأمن معهم فقال قرعويه لغلام له: اقتله فقتله وأخذ رأسه وتركت جثته في البرية حتى دفنها بعض الأعراب. وذكر أكثر من مصدر: أنه لما بلغ أخته أم ابي المعالي وفاته قلعت عينها وقال ابن خالويه: بلغني أن أبا فراس اصبح يوم مقتله حزيناً كئيباً وكان قد قلق في تلك الليلة قلقاً عظيماً فرأته ابنته أمرأة أبي العشائر كذلك فاحزنها حزناً شديداً ثم بكت وهو على تلك فأنشأ يقول كالذي ينعى نفسه وإن لم يقصد وهذا آخر ما قاله من الشعر:
أبنيتي لا تحزني كل الانامِ الى ذهابِ
أبنيتي صبراً جميلاً للجليلِ من المصابِ
نوحي عليَّ بحسرةٍ من خلفِ ستركِ والحجابِ
قولي إذا ناديتني فعييتٍ عن ردِ الجوابِ
زين الشبابِ ابو فراس لم يمتَّع بالشبابِ
|
|