بصائر

معارضة قيم الحق والاثار المترتبة عليه

خلق الله – سبحانه وتعالى – السماوات والارض بالحق، والحق يعني أن لكل شيء أول وآخِر، وظاهر وباطن، فهناك حدود في عشرات الامور تحدّد وجود كل شيء، والحكمة تطبيق الحق في …

قال تعالى: {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولاً * وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً * وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً * وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً * كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً * ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنْ الْحِكْمَةِ وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَدْحُوراً}.
خلق الله – سبحانه وتعالى – السماوات والارض بالحق، والحق يعني أن لكل شيء أول وآخِر، وظاهر وباطن، فهناك حدود في عشرات الامور تحدّد وجود كل شيء، والحكمة تطبيق الحق في سلوك الانسان، وبتعبير آخر؛ انعكاس الخلق الحق على سلوك البشر.

هناك حقائق لا تُرى ولكنها موجودة، فالاستكبار في الارض باطل، ومن يلجأ الى هذه الخصلة الاستعلائية، فإن الله سبحانه وتعالى لن يمهله، كفرعون وهتلر

وإذا تجاوز الانسان الحقَّ، فستقف كل الخلائق ضد، وينتقم منه الحق شرّ انتقام، ولا خلاف في أن الله سبحانه أعطى الانسان هامشا من الحرية، والهدف منه الامتحان والاختبار، لكن اذا خرج الفرد عن الحق، فإن الانتقام يأتي بلا هوادة، ومصير كل انسان عارض الحق، سواء كان ذلك الحق صغيرا أم كبيرا، فإن المآل الى الدمار والخسران، فإذا قيل لاحدهم: أن الجاذبية حقٌ، ولكنه انكرها، وذهب ليجرب السقوط من أعلى الجبل، فإن مصيره سيكون الهلاك.
هناك حقائق لا تُرى ولكنها موجودة، فالاستكبار في الارض باطل، ومن يلجأ الى هذه الخصلة الاستعلائية، فإن الله سبحانه وتعالى لن يمهله، كما فعل الباري جل وعلا بقوم عاد، وثمود، وفرعون، وهتلر، وغيرهم من الطواغيت، وشواهد التأريخ مليئة بقصص هؤلاء وأمثالهم، وكيف أنّ الله اذاقهم الخزي في الدنيا والعذاب في الآخرة، والقرآن الكريم يتحدث أيضا عن هؤلاء المتسكبرين وكيف كانت عاقبتهم.

  • اليتيم والحق المكفول

يُعتبراليتيم من الطبقة المستضعَفة، ومن هنا يُحذّر الله سبحانه من أكل ماله، لان اليتيم يُدافع عنه كل الوجود، وفي سورة الاسراء بيان لهذه الحالة: {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}، ثم يقول تعالى: {وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ}، فأموال الناس التي بحوزة الفرد ولا يرجعها إليهم، فإنها لن تبقى عنده، والنبي الاكرم، صلى الله عليه وآله، يقول: “الحجر المغصوب في البيت رهن خرابه”، {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}، فالعلم حق والجهل باطل، فمن يتبع الحق يصل الى الحقيقة، اما مَن يتبع الباطل فإنه يبعده عنها.
ثم يقول الله تعالى، تباعا عن حديث الحق: {وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً}، فالمشي في الارض يعني الاستكبار على الناس، وهذا يعني الاستكبار على رب الناس وخالقهم، وكأن المستكبر يقول: ” أنه رب” ، وتتمة للآية الكريمة يقول جل وعلا: {إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً * كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً * ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنْ الْحِكْمَةِ وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَدْحُوراً}.

  • كيف نكون من اصحاب الحق؟

هناك سؤال يُطرح:
وهو كيف نضمن اتباعنا للحكمة والحق؟
هناك طرق عدة اهمهما:
اولاً: مخالفة الهوى؛ لان هذا الهوى يشبه الريح القوية التي تبعد الانسان عن الحق، {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنْ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى}.
ثانيا: الاكثار من تلاوة القرآن، واسيعاب عِبر السابقين، فهناك قصص الامم وهناك قصص الافراد، ولتكن هذه ذخرية في العقل، وتكون جاهزة عن الحاجة اليها.
ثالثا: اتباع العالِم الرباني؛ لأن مَن اتباعه يَهدي الى صراط مستقيم.
احاديث حول العالم:
اليوم؛ ومع انتشار فيروس كورونا، والذي انتشر بسبب تناول اكل الخفافيش، لكنّ قساً أمريكا يقول:” أن سبب انتشار هذا المرض هو ذنوب الناس، وقس آخر من المسيحيين في استراليا اطلق نداءً وقال: أن سبب هذه الحرائق هو بسبب ذنوبكم، وهذه الحرائق التي تسببت بخسائر كبيرة جدا، فهناك مليار حيوان ماتت بسبب الحرائق، والبرلمان الاسترالي قبل فترة طرح قضية الزواج المثلي، وكانت هناك معارضة وموافقة، لكنّ البرلمان أقرّ هذا القانون، وفي اليوم التالي اندلعت الحرائق في الغابات، والى الان لا زالت باقية.
الثقافة العلمانية؛ لا تسمح بهذا التفسير، لانها يستهدفها بالدرجة الأولى، ولذلك فإن القس المسيحي الاسترالي- الذي قال بأن سبب الحرائق هي ذنوب الناس – اُشتكي عليه، ورفعت ضده دعوى.
و يقول الله تعالى: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ}، والحروب الداخلية شاهد حيرعلى ذلك، ومن هنا لا بد أن نخشى من عذاب الله وبطشه.

  • صفقة القرن والرهانات الخاسرة

صفقة القرن، ليست صفقة، وانما صفعة، فهناك من الاسرائليين داخل الاراضي المحتلة، يقولون:” أن هذا الصفقة خدعة كبيرة، لان رئيس الوزراء الحالي، والرئيس الامريكي تلاحقهما اتهامات، ويريدان الهروب منها بهذه الصفقة.
وعلى الاسرائليين المحتلين للاراضي الفلسطينية، أن يقارنوا واقعهم قبل عشر سنوات مع واقعهم الحالي، فالمتغيرات حولهم كثيرة، فحزب الله اللبناني اصبح اليوم أقوى من ذي قبل، وهو الان يشكل قوة ردع مع الاحتلال الاسرائيلي بما يمتلكه هذا العدو من امكانات، وقطاع غزة لم يعد كما كان في الماضي، فالمقاومين يمتلكون قوة لا يستهان بها، واذا ما انتلقنا خارجا، فالعراق وسوريا يشكلون تهديدا مباشرا ايضا على الكيان الغاصب.
وصفقة القرن رُفضت من اكثر الشعوب العربية والاسلامية، بالاضافة الى دول اوروبية، فعلى أي اساس يهب الرئيس الامريكي اراضِ ليست له، الى محتلين وغاصبين، ” وهب الامير بما لا يملك”، فالحكمة في ادارة العالَم فُقدت، وكانت هذه هي نتائجها.
العالم الاسلامي؛ الذي يمثل الوطن العربي قلبه النابض، يتوجه الى النهضة، وامريكا تحاول ايقاف هذه النهضة بشتى الاساليب والطرق.
المسلمون حينما حكموا العالم قبل اربعمئة سنة، لم تكن مثل هذه الحروب موجودة، نعم؛ لا يخى أن بعض المشاكل كانت تحدث هنا وهناك، ولكنّ الاعداء كانوا يضخمون تلك المشاكل، لاخفاء الايجابيات الموجودة .
يجب أن نعود الى الله لاجل المستقبل، فالعودة الى اليه – جعل وعلا- تستجلب الرحمة الالهية، التي نحن بأمس الحاجة اليها في واقعنا، ولولا بعثة النبي الاكرم، محمد، صلى الله عليه وآله، لكانت الجزيرة العربية، ومن حولها العالم اليوم؛ يعيشيون المآسي، ولكنه، صلى الله عليه وآله، كان الرحمة الالهية، وهذه الرحمة ستتجلى مرةً أخرى على ايدي مؤمنين صالحين، لانقاذ الارض من براثن الظلم والفساد، وهم الذين سيحملون الراية ويصلحون ما فسد.

عن المؤلف

هيأة التحرير

اترك تعليقا