رأي

الإعلام وأخلاقيات المهنة

طبيعة العمل الإعلامي في حد ذاته هي نقل الأخبار بكل صدق وأمانة حسب الوقت المناسب والطريقة المناسبة مقرونًا بالعنصر الأخلاقي الذي يمثل إطار العمل وقالب النشاط والسلوك.

 ومع تطور مفهوم الإعلام وتوسعه ليشمل بالإضافة إلى نقل الأخبار صناعة الخبر وتكوين المادة الترفيهية والإذاعة ومختلف الفنون والعروض التلفزيونية المسرحية وغيرها والصحافة الورقية وصناعة المحتوى الرقمي في الوقت المعاصر، لا نراه يلتزم بما تعهد الإلتزام به.

 فمثلاً على المستوى الشخصي يقوم  الإعلام بالتدخل في القضايا الشخصية لبعض الناس من الشخصيات أو غيرهم مما قد يربك العمل الإعلامي ويجعله عنصراً في العديد من الوسائط الإعلامية، وبالتالي نشر المعلومات الشخصية أمام الجميع.

🔺 ليس كل معلومة تُنشر تكون سبقاً صحفياً إذا لم تملك عنصر الأهمية والإثارة والزمن، وحتى مع امتلاكها لكل ذلك، تبقى المعلومة رهن صاحبها وضمن نطاق الحرية الشخصية

إن هذا العمل لا يعد بالضرورة مبرراً لكون المعلومات حقيقية؛ إذ أن ذلك قد يتعارض مع حرية التعبير كون الخصوصية تُعد حقًا من الحقوق التي لا يسمح بتجاوزها تحت أي عنوان أو ظرف، أضف إلى ذلك أن ما زاد الطين بلة هو التنافس غير المشروع في سبيل الحصول على المعلومة أو نشرها  تحت عنوان (السبق الصحفي)، ورغم أن ذلك له مفهومه وشروطه  الخاصة أصبح الأداة التي ينشرون من خلالها أي شيء، وهذا من الأخطاء الفادحة الهادمة لكل القيم الأخلاقية.

 فليس كل معلومة تُنشر تكون سبقاً صحفياً إذا لم تملك عنصر الأهمية والإثارة والزمن، وحتى مع امتلاكها لكل ذلك، تبقى المعلومة رهن صاحبها وضمن نطاق الحرية الشخصية ولا يُسمح بتجاوزها إلا من خلال موافقة المصدر الأساس لها.

وإذا تجولنا في أروقة الإعلام والصحافة اليوم فحدّث ولا حرج؛ فهل يراعي الإعلام التلفزيوني المبادئ الاجتماعية والضوابط الشرعية للنشر؟ هل يراعي مظاهر الخلاعة والابتذال والسخرية التي تملأ اغلب نوافذ النشاط الإعلامي بكل قيمنا وعاداتنا وتقاليدنا السليمة؟ فنتسائل هل يُعد الإعلام نظرية من نظريات المؤامرة؟

 إن غياب الوازع الأخلاقي في كل ذلك ينبأ بتلاشي نظرية المهنة واختلال ضوابطها فالإعلان عن أي شيء والترويج لكل مادة ونشر جميع المواضيع صار رهن المال والسلطان .

وهكذا  في سبيل المال تلاشت القيم وضاعت المبادئ  وهذا أن دلّ على شيء إنما يدل فقدان الضمير الإنساني، مما لا يدع مجالا للشك في تهافت النظرية الأخلاقية من الإعلام المعاصر وتحوله إلى إعلامٍ جاهلٍ وهزيل يقوده المتطفلين عليه والمتلاعبون عن قصد بالعقول، هذا ما يحدث إذا لم يسير الإعلام وفق خطة منهجية محكمة ضابطة لسلوكه ونشاطاته، لذا من الضروري تشريع قوانين أكثر صرامةً من المعمول به الآن شريطة أن يشرف على تطبيقها الإعلام الأكاديمي بكل أساتذته الكبار ومفكريه.

عن المؤلف

حيدر الرماحي

اترك تعليقا