بأقلامکم

حفلة شاي غزة!

في يومٍ هادئٍ بينما كانت العصافير تزقزق، والسماء صافية، والأزهار متفتحة، فرضت بريطانيا مجموعة ضرائب على مدينة بوسطن الأمريكية من ضمنها (ضريبة الشاي)، والتي رفضها السكان رفضاً شديداً.

ولهذا التجار في ذلك الوقت بدأوا بعدم شراء كل المنتجات البريطانية ومقاطعتها تماماً؛ لتضييق الخناق عليهم أقتصادياً؛ لأنه المتنفس الوحيد لهم، وبدونه لن يفعلوا شيئاً، وبعد ذلك بثلاث سنوات قام الأمريكيون بتهريب الشاي؛ لتجنب دفع الضريبة، مما أدى لخسارة الشركة البريطانية.

وبعد ثلاث سنوات من قمع المدنيين، والمناوشات من هنا وهناك، توجه مجموعة من السكان الأصليين نحو السفينة البريطانية، وإلقاء الشاي في البحر، وبهذا سميت بـ(حفلة شاي بوسطن) التي أشعلت شرارة لم تنطفئ إلا بعد إعلان استقلال الولايات المتحدة.

وهذا الانتصار جاء من خلال التفكير بمسيرتهم إذا بقي هؤلاء الناس يحكمونهم، فعندما ننظر إلى الجانب الآخر وهو (غزة) وما يحصل فيها، وبالرغم من قلة العدد والمدد يمكنها النهوض، لكن من خلال ماذا؟

فلو نظرت بتأمل بسهولة تعرف إن الكيان الغاصب يعيش على المنتجات التي تساعده، وإلا فمن أين له هذه الأموال الطائلة؟ فالكثير من الشركات التي تدعم الكيان الغاصب هي الرائدة في مجالها أي المسيطرة عليه، وتتفوق على غيرها.

وهنا يأتي واجبنا الذي يكمن في مقاطعة هذه المنتجات تماماً، والتي بدونها لن يفعل الكيان شيئاً؛ لأن أهم شيء في الحرب هو الاقتصاد، فإذا هم تجردوا منه حينئذ يقرأون السلام على أنفسهم، كما فعلت ذلك من قبلهم بريطانيا.

وقد يسأل سائل: نحن فئة قليلة ومقاطعتنا لن تغير المعادلة، فكفة الميزان ترجح لهم!

🔺 لو نظرت بتأمل بسهولة تعرف إن الكيان الغاصب يعيش على المنتجات التي تساعده، وإلا فمن أين له هذه الأموال الطائلة؟

والإجابة: هي أننا بعد التوكل على الله تعالى نغلبهم وكما يقول تعالى {قالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا اللَّـهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّـهِ وَ اللَّـهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}. (سورة البقرة، الآية: 249).

فهم كدودة تتغذى على الدماء، ودمائهم أموال المنتجات، ومثال ذلك ما حصل عندما اعترف مدير شركة “ماكدونالز” حين قال: إن الخسائر بسبب المقاطعة قد وصلت إلى سبعة مليارات! وهذا بأربعة أشهر فقط فما بالك لو أصبحت لثلاث سنوات؟!

وكذلك الأمر بالنسبة لشركة “ستاربكس” التي عكست جانباً من التأثر، وذلك من خلال تباطؤ نمو الإيرادات، لتسجل إيرادات بقيمة 9.4 مليار دولار، أقل من التوقعات التي تشير إلى 9.6 مليار دولار.

ففي تركيا استجابت السلطات للضغط العام بإزالة منتجات كوكاكولا من مطاعم البرلمان، وذلك على الرغم من عدم قطع أي شركة تركية كبيرة أو وكالة حكومية العلاقات مع الكيان الغاصب.

وكثير من الافراد قاطعوا هذه المنتجات، وبعض الدول أيضاً؛ لأن ما يفعله هؤلاء مريرٌ وأليمٌ وبشع، إجرامي بكل ما في الإنسانية من قيم، فما يدريك بعد غزة ماذا يفعلون؟

 وأي أرضٍ يحتلون؟

 ودماءٍ يسفكون؟

 وقتلى يقتلون؟

ومن جانب آخر، هذا أقل شيء نقدمه لرجالٍ يُقتلون دون سبب، تُنتهك حرمة نسائهم، دماء أطفالهم منثورة على الأرض، بعضهم جياعٌ بملابس قد امتلئت بالطين، وبوجوه تكحّلت برماد الصواريخ، يحملون اوانيهم عند كل مائدة، من هؤلاء وماذا يريدون؟ ألا يملكون رحمة بقلوبهم؟ ألا يتذكرون قوله تعالى:{وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ}. (سورة الصافات، الآية: 24).

ولذلك فلنتوكل على الله ونساعد ونساند ونناضل إخواننا في فلسطين المسلوبة حقوقهم أمام أنظار العالم الذي يعبر عنه القرآن الحكيم:{فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَ لكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}. (سورة الحج، الآية: 46).

عن المؤلف

سجاد أحمد كاظم

اترك تعليقا