أسوة حسنة

سيرة السيدة خديجة مثال وأنموذج للمراة المسلمة

كان رسول الله، صلى الله عليه وآله، يعيش اصعب الظروف واعقدها في العام الخامس من بعثته النبوية الشريفه، فالإسلام في عزله خانقة، والمسلمون الأوائل قلائل وتصاعد حده الضغوط، ناهيك عن اجواء الظلام، التي القت بظلالها على مكة اثر الشرك و الوثنية والجهل والحروب القبلية العربية وسيادة منطق القوة واستشراء الفقر والحرمان في صفوف الناس.

فكانت السيدة خديجة الكبرى بموعدها مع القدر هي أم المؤمنين خديجة بنت اسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب، وامها فاطمة بنت زائد بن الاصم بن هرم بن رواحة بن حجر بن عبد بن معيص بن عامر بن لؤي .

🔺 كانت من اشرف نساء قريش نسبا، وأوفرهن مالا وأرجحهن عقلا وأصبحهن وجها، ولقد انفردت بحب الرسول واعتزازه خمسا وعشرين عاما لا تشاركه فيه امرأة اخرى

وقيل انها أسن من رسول الله بخمسة عشر عاما وقد نصرت الإسلام في أيام محنتة وغربته وجاهدت في سبيل الله وبذلت جميع ما تملكه، فقد كانت من اثرى نساء قريش . وكانت احب زوجات الرسول اليه وأعزهن عليه، حية وميتة، ففي حديث للسيدة عائشة قالت: قال رسول الله عن خديجة: والله ما أبدلني الله خيرا منها آمنت بي حين كفر الناس، وصدقتني اذ كذبني الناس، وواستني اذ حرمني الناس، ورزقني الله منها الولد دون غيرها من النساء”.

وكانت من اشرف نساء قريش نسبا، وأوفرهن مالا وأرجحهن عقلا وأصبحهن وجها، ولقد انفردت بحب الرسول واعتزازه خمسا وعشرين عاما لا تشاركه فيه امرأة اخرى، ووقفت الى جانبه في سني الاضطهاد، تؤازره وترعاه وتهوّن عليه مما يلقي من قريش في سبيل رسالته.

 وكانت، رضي الله عنها، وحدها الى جانب الرسول لما خرج من غار حراء مرتعدا وقد نزل عليه الوحي رسولا من عند الله ــ سبحانه وتعالى ــ يلقي الى النبي الأمي السورة الأولى: {اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الانسان من علق *راقرأ وربك الاكرم *الذي علم بالقلم * علم الإنسان ما لم يعلم}. فلدى خديجة قبل سواها سكنت نفسه واطمأنت وزايله ما عراه من رهبة الوحي : فعلم انه المصطفى، وهي الى جانبه مؤمنة مصدقة.

 ليبدأ النبي الأكرم، صلى الله عليه وآله، نضاله من اجل الدعوة، وليلقى في سبيلها اشق ما دعى التاريخ من اذى واضطهاد، ووقفت زوجته الى جانبه تنصره، وتعينه على احتمال اقسى الاذى والاضطهاد سنين كثيرة.

 كانت خديجة قبل الاسلام تسمى  بــ “الطاهرة”  ثم لقبت بـ”ام المؤمنين”، وهي اول من صدّقت الرسول وكانت افضل امهات المؤمنين، وعن انس بن مالك ان النبي قال: “حسبك من نساء العالمين مريم ابنة عمران، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد وآسية امرأة فرعون”.

 وعن ابن عباس قال: قال النبي افضل نساء الجنة اربعة: مريم ابنة عمران، وخديجة بنت خويلد وفاطمه بنت محمد وأسيه أمراة فرعون، وقد ورد هذا الحديث في كتب التاريخ قديما وحديثا.

🔺 كانت خديجة قبل الاسلام تسمى  بــ “الطاهرة”  ثم لقبت بـ”ام المؤمنين”، وهي اول من صدّقت الرسول وكانت افضل امهات المؤمنين

ولما قُضي على بني هاشم وعبد المطلب أن يخرجوا من مكة لائذين بشعاب ابي طالب بعد أن أعلنت قريش عليهم حربا لا ترحم وكتبت مقاطعتها لهم في صحيفة، خروجت مع زوجها وبنيها وقد غلت بها السن وناءت بأثقال الشيخوخة واقامت هناك في شعاب أبي طالب ثلاث سنين صابرةً مع زوجها ومن معه من صحبه وقومه على عنت الحصار وجبروت الوثنية العمياء.

والعام الذي ماتت فيه خديجة مات ابو طالب عم الرسول فاجتمعت على الرسول مصيبتان فلزم بيته، وقد نالت منه قريش ما لم تكن تناله ولا تطمع به، وقد قال في ذلك: “اجتمعت عليَّ هذه الامة في هذه الأيام مصيبتان لا ادري بأيهما أنا اشد و جزعا”، يعني مصيبة خديجه وابي طالب، وكان وفاتها قبل الهجرة بثلاث سنين وعمرها يناهز الخامسة والستين ودفنت بالحجون بمكة وانجبت للرسول عبد الله والقاسم ورقية وام كلثوم وفاطمة.

 لقد ماتت خديجة ومحنة الاضطهاد في ابائها لكنها قد مكّنت للدعوة وتركت الى جانب زوجها صحابةً مخلصين، يؤمنون برسالته ويؤثرون الموت على التخلي عنه، وكان فقدها في هذه المدة العصيبة بدء مرحلة من مراحل الجهاد.

 فكانت الهجرة التي يؤرخ بها المسلمون حتى اليوم والى الأبد فهي لم تمضِ إلا وأمين الوحي يرعى النبي، ويذود عنه الياس والأحباط ولم تمت إلا والدعوة قد ذاعت و جاوزت مكة الى أطراف الحجاز ثم الى ما وراءها في بلاد العرب، وقد التفَّ حوله رجال بايعوه وناصروه، فالسيدة خديجة أسمى امرأة مجاهدة في الاسلام وهي جدة نساء ال البيت.

 وقد ورثن صفاتها التي منها الأندفاع في نصرة الحق وعلى زعامتهم السيدة زينب، إذ كانت شريكة الحسين في نهضته وجهاده وهي التي أمدت ثورته  الجبارة بعناصر البقاء والخلود.

هذا الأنموذج السامي للمرأة المسلمة الصابرة التي تواسي زوجها في ساعة العسر، وتحفظه في غيبتة، وتكون المرتكز السامي في أساس المجتمع ألا وهي الاسرة، هذا الكيان السامي، الذي يحاول الغرب والعابثين تفتيته، بالأمس القريب كانوا يحسدون الشرق على هذه الآصرة الأسرية التي تشد المجتمع وتحافظ على ناموسة، فليكن شعار كل المسلمات موحدا؛ التحرر مع حفظ الشريعة، والتقدم مع المحافظة على الهوية الدينية، صادحات بالحق، متمثلات بقول الشاعر:

بيد العفاف اصون عز حجابي

وبعصمتي اسمو على أترابي

وبفكرة وقادة وقريحة

تقادة قد كملت أدابي

ما عاقني خجلي عن العليا ولا

 سدل الخمار بلمتي ونقابي

لقد رفع الإسلام مستوى المرأة وجعل فيها من النشاط للإقدام، ما هيأها للمسير على الطريق الصحيح؛ طريق الهدى والكرامة، ونحو المثل العليا مرتكزة على دينها القويم، ونهجها السليم، ولنتخذ من سيرة السيدة خديجة، عليها السلام منارا ومسلكا.

عظم الله لك الأجر بوفاة جدتك يا قائم آل محمد، عجل الله ــ تعالى ــ فرجك الشريف.

عن المؤلف

أ.د سادسة حلاوي حمود ــ جامعة واسط ــ قسم تاريخ الأندلس والمغرب

اترك تعليقا